تنشط الولايات المتحدة الأميركية بشكل لافت في أجواء اليمن بعد موقف هذا البلد المتقدم الداعم للقضية الفلسطينية، فترمي أفضل تقنياتها العسكرية، مستخدمة أسلحة متنوعة، من طائرات حربية ومدمرات وحاملات طائرات وأساطيل، لفرض النفوذ والهيمنة على بلد أخطأت التقدير فيه.

الطائرة MQ9 الأميركية الصنع المسؤولة عن اغتيال الشهيد قاسم سليماني، والتي يبلغ سعرها ما يقارب 30 مليون دولار، لا تغادر أجواء اليمن، وترصد وتتبع وتهاجم وتحاول الحصول على هدف يعيد إلى السلاح الأميركي هيبته، لكنها سرعان ما تُفاجأ بأسلحة جوية نوعية.

من بين 13 طائرة MQ9 تعرضت للإسقاط في تاريخ الحروب الأميركية الحديثة، انفرد اليمن بإسقاط 5 منها في معركة "الفتح الموعود" والجهاد المقدس فقط، وإسقاط 4 من النوع ذاته إبان العدوان الأميركي السعودي على اليمن، ليصل إجمالي ما سقط في اليمن 9 طائرات.

تحاول MQ9 رصد كل شبر في كل محافظة يمنية، فتارة تستهدف صعدة أقصى الشمال، وتارة أخرى تحلق فوق البيضاء وسط اليمن، كما تحلق فوق المحافظات الشرقية، وترصد كل شيء على طول الساحل الغربي لليمن. وفي كل الاتجاهات، تحلق الطائرات الأميركية لتتبع الأسلحة والقيادات، لكنها تفشل فتعود إلى قواعدها أو تسقط باستهداف يمني، وتسقط معها هيبة السلاح الأميركي.

إنها معركة محتدمة وكبرى تخوضها القوات الأميركية في مواجهة الجيش اليمني، وعلى كل الصعد، استخباراتياً وعسكرياً ومعلوماتياً، فالبوارج البحرية الأميركية تختبر الأسلحة اليمنية الجديدة والسريعة، والأسلحة اليمنية كذلك تطور قدراتها وفقاً لحجم العدو وتحركه وأسلوبه.

الخيبات الأميركية في اليمن لم تقتصر على البحر، فها هو اليمن يسقط طائراتها التجسسية والاستخباراتية ويوسع من عملياته العسكرية، مستغلاً حماقة الكيان المدلل، فيفرض وجوده ويرسل رسائله، ليس في حدوده البحرية فحسب، بل وصولاً إلى المتوسط والهندي أيضاً، فيغرق السفن، ويوصد باب المندب في وجه واشنطن ولندن وكيان الاحتلال، ويفرض وجوده العسكري على المنطقة بأسرها، وهو ما زال في المرحلة الرابعة، تقول صنعاء.

وللعودة إلى الطائرة الأميركية MQ9؛ ففي فبراير 2024 حصلت الميادين على معلومات حصرية تفيد بأن الصناعات الأميركية أدخلت تحديثات جديدة إلى الطائرة نفسها وأعادتها إلى الخدمة في اليمن ليتم إسقاطها مجدداً، وهذا ما شكل صدمة للأميركي وأربك حساباته.

إنه الصراع العسكري النوعي، متمثلاً في زخم الطائرات الأميركية التجسسية القتالية فوق أجواء اليمن ونوعية الأسلحة الاعتراضية اليمنية الحديثة، وهو أيضاً معركة محتدمة لا تُعطى حقها في التغطية والقراءة والتحليل. في المقابل، تستغل واشنطن الأحداث الإقليمية للتغطية على فشلها وإذلالها في اليمن الذي يرى نصره حتمياً وثابتاً.

إن صنعاء تدهش أمتها وتتقدم أخلاقياً بعد مرحلة من التشويه والعزلة، كما أنها تساهم في توسعة الهامش المفروض أميركياً على دول المنطقة، وتتقدم عسكرياً في مختلف المجالات. ومع أنها البلد المحاصر براً وبحراً وجواً، فإنها تحظى بمرحلة من التشخيص والدراسة من الخصوم والأصدقاء على حد سواء.

في الخلاصة، تؤكد صنعاء وتقول إن من أسقط فخر الصناعات الأميركية جواً، وأغرق مدمرات وسفناً، وهو لا يملك أسطولاً أو قاعدة بحرية، ومن أرسل صواريخه وأسلحته إلى شمال فلسطين، وحاصر العدو الأول للأمة، سيمثل مستقبلاً إضافة نوعية وحقيقية وقوة وازنة إلى محور المقاومة، وسيخلص دولاً وشعوباً من الهيمنة الأميركية والبريطانية، وسيساهم بعد معركة طوفان الأقصى في رسم جغرافيا سياسية جديدة ينتصر فيها من تحالف معه.