تصعيد خطير في الساحل السوري.. أكثر من 70 قتيلاً جراء اشتباكات بين قوات الأمن ومسلحين
اشتباكات وتصعيد خطير في الساحل السوري، أمس الخميس، يوديان بأكثر من 70 شخصاً، بالإضافة إلى عشرات المصابين والأسرى، ودعوات إلى التظاهر رفضاً للحملة الأمنية للسلطات الجديدة، ودعوات مضادة في بعض المحافظات السورية إلى "الجهاد".
-
مقاتلون في بلدة المسطومة بريف إدلب يستعدون للذهاب إلى الساحل السوري (أ ف ب)
قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن أكثر من 70 شخصاً قتلوا في اللاذقية غرب سوريا، ليل أمس الخميس، في "اشتباكات بين قوات الأمن ومسلحين".
وأفاد المرصد عبر منصة "إكس" بسقوط "أكثر من 70 قتيلاً وعشرات الجرحى والأسرى في اشتباكات وكمائن دامية في الساحل السوري بين عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية ومسلحين من جيش النظام البائد"، على حد تعبيره.
أكثر من 70 قتيلاً وعشرات الجرحى والأسرى في اشتباكات وكمائن دامية بالساحل السوري بين عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية ومسلحين من جيش النظام البائد
— المرصد السوري لحقوق الإنسان (@syriahr) March 7, 2025
وكانت مصادر سورية محلية أفادت الميادين، مساء الخميس، بتوجه تعزيزات عسكرية إلى منطقة جبلة وريفها من أجل مؤازرة قوات الأمن العام، كما أعلنت إدارة الأمن العام في مدينتَي حمص وطرطوس فرض حظر تجوال عام، من العاشرة، مساء الخميس، إلى العاشرة من صباح اليوم الجمعة.
جاء ذلك بعد مقتل أكثر من 10 من عناصر الأمن العام، خلال اشتباكات مع مسلحين في محيط مدينة جبلة، في الساحل السوري، استخدمت خلالها قوات الأمن الطيران المروحي لاستهداف مسلحين قالت إنهم موالون للرئيس السابق بشار الأسد، وفق المرصد.
وفي حصيلة سابقة، كان المرصد السوري قد أحصى مقتل 48 شخصاً على الأقل خلال الاشتباكات العنيفة في مدينة جبلة ومحيطها في ريف اللاذقية، هم 28 مقاتلاً موالياً للأسد وأربعة مدنيين قتلوا بنيران قوات الأمن السوري، إضافة إلى 16 عنصراً من قوات الأمن قتلوا برصاص المسلحين.
واعتبر المرصد أن هذه الاشتباكات تعد "الأعنف" منذ سقوط النظام السابق.
عمليات تمشيط واسعة في طرطوس واللاذقية
وصباح اليوم الجمعة نقلت وكالة "سانا" عن مصدر قيادي في إدارة الأمن العام "بدء عمليات تمشيط واسعة في مراكز المدن والقرى والبلدات والجبال المحيطة" في محافظتي طرطوس واللاذقية، بعد وصول تعزيزات عسكرية.
وقال المصدر إن عمليات التمشيط "تستهدف فلول ميليشيات الأسد ومن قام بمساندتهم ودعمهم"، مناشداً المدنيين "التزام منازلهم والتبليغ الفوري عن أي تحركات مشبوهة".
ويشكّل فرض الأمن وضبطه في عموم سوريا أحد أبرز التحديات التي تواجه إدارة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع منذ وصوله إلى دمشق، مع وجود فصائل ومجموعات مسلحة ذات مرجعيات مختلفة في محافظات عدة، بعد نزاع مدمر بدأ قبل 13 عاماً.
وقال مدير إدارة الأمن العام في محافظة اللاذقية المقدم مصطفى كنيفاتي "ضمن هجوم مدروس ومعد مسبقاً، هاجمت مجموعات عدة من فلول ميليشيات الأسد نقاطنا وحواجزنا، واستهدفت العديد من دورياتنا في منطقة جبلة وريفها، ما نتج عنه سقوط العديد من الشهداء والمصابين في صفوف قواتنا" من دون تحديد العدد.
وأضاف "تمكنّا من امتصاص هجومهم الغادر، وسنعمل على إنهاء وجودهم.. وسنعيد الاستقرار إلى المنطقة ونحفظ ممتلكات أهلنا".
وأرسلت وزارة الدفاع السورية، وفق وكالة الأنباء الرسمية "سانا"، "تعزيزات عسكرية ضخمة" إلى منطقة جبلة وريفها.
خلفية التصعيد
وجاء التصعيد في جبلة بعد اشتباكات أعلنت قوات الأمن الخميس خوضها في المنطقة مع مجموعات مسلحة قالت إنها "تابعة لمجرم الحرب سهيل الحسن"، العقيد السابق في الجيش السوري خلال حقبة الأسد. وبدأ التوتر أساساً في بلدة بيت عانا، مسقط رأس سهيل الحسن، بعد منع مجموعة من الأهالي بالقوة قوات الأمن من توقيف مطلوب، وفق المرصد السوري.
وشنّت قوات الأمن إثر ذلك حملة أمنية في المنطقة، تخللتها اشتباكات مع مسلحين. وتحدث المرصد لاحقاً عن "ضربات شنتها مروحيات سورية على المسلحين في بيت عانا وأحراج في محيطها، تزامنت مع قصف مدفعي على قرية مجاورة".
وجاء التوتر في ريف اللاذقية الخميس، بعدما كانت قوات الأمن شنت حملة أمنية في حي الدعتور في مدينة اللاذقية الساحلية منذ الثلاثاء، أسفرت عن مقتل 4 مدنيين على الأقل، بحسب المرصد.
تنديد بالحملة الأمنية وتظاهرات رافضة ودعوات "للحماية الدولية"
وأثارت الضربات والقصف المدفعي، وفق المرصد، رعباً بين السكان المدنيين في المنطقة، حيث شهدت بعض المناطق في الساحل السوري أمس تظاهرات رافضة لإجراءات السلطات الجديدة، كما شهدت محافظة السويداء (جنوب سوريا) تظاهرات رافضة لـ "سلطة الأمر الواقع" والحكومة التي شكلها الشرع في دمشق.
وفي بيان نشر على حسابه في "فيسبوك"، ندد المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر والذي يقوده الشيخ غزال غزال، بـ"تعرض منازل المدنيين لقصف الطيران الحربي"، ودعا الأهالي "في سوريا عامة، والساحل السوري خاصة، إلى اعتصام سلمي في الساحات" الجمعة من أجل "إعلاء صوت الحق في وجه الظلم"، بدءاً من الساعة الثانية بعد ظهر الجمعة، في مدن عدة بينها اللاذقية وطرطوس ودمشق وحمص.
واليوم صباحاً، أصدر المجلس بياناً آخر نشره على حسابه على "فيسبوك" طالب فيه الأمين العام للأمم المتحدة وروسيا والمجتمع الدولي "وضع الساحل السوري ومناطق الطائفة العلوية تحت حماية الأمم المتحدة وتطبيق أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لحماية الطائفة العلوية و باقي الأقليات".
اقرأ أيضاً: تظاهرات في السويداء ترفض الإدارة السورية الجديدة وتحذّر من التدخل الخارجي
تجمعات مؤيدة للقيادة العسكرية ودعوات إلى "الجهاد"
في المقابل، ومع شيوع مقتل 16 عنصراً من قوات الأمن، تتحدر غالبيتهم من محافظة إدلب (شمال غرب)، معقل "هيئة تحرير الشام"، الفصيل الذي قاد الهجوم الذي أطاح الأسد، تجمع حشد من الشبان وسط مدينة إدلب، وفق "فرانس برس"، دعماً للقيادة العسكرية. ودعت مساجد عبر مكبرات الصوت إلى "الجهاد" ضد المسلحين في الساحل السوري.
وتجمعت حشود مماثلة في مدن عدة بينها حماة وحمص (وسط) وحلب (شمال) والقنيطرة (جنوب) ودير الزور (شرق)، وفق ما أوردت "سانا".
وشهدت مدينة اللاذقية التي تقطنها غالبية علوية، في الأيام الأولى بعد سقوط النظام السابق، توترات أمنية كانت قد تراجعت حدتها في الآونة الأخيرة.
ويفيد سكان ومنظمات بين حين وآخر بحصول انتهاكات تشمل مصادرة منازل أو تنفيذ إعدامات ميدانية وحوادث خطف، تضعها السلطات في إطار "حوادث فردية" وتتعهد ملاحقة المسؤولين عنها.