مسيرة ترامب على تويتر .. جدل مستمرّ

يستمرّ الجدل بشأن تغريدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب على حسابه على موقع "تويتر"، حيث يلجأ ترامب إلى هذه الساحة أكثر من غيرها كي يعبّر عن مواقفه، فيصبح حسابه محط أنظار أوّل عند كثير من النشطاء والصحافة العالمية، كل ذلك قبل انتهاء سنة واحدة من أصل أربع سنوات هي الفترة الرئاسية في الولايات المتحدة.

منذ دخوله البيت الأبيض، نشر ترامب حوالى 1800 تغريدة

ربما يكون ما أعلنه موقع "بلومبيرغ" في آب/ أغسطس الماضي، عن أنّ موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" سيخسر خُمس قيمته السوقية من دون تغريدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، هو خير إشارة إلى قدر اعتماد سيّد البيت الأبيض على هذه الساحة من أجل إعلان مواقف عدة، من القرارات السياسية إلى الخطوات الاقتصادية، وصولاً إلى النُّكات التي لا تخلو من رسائل تختلج في صدر كبير الإدارة في واشنطن.

وأشار الخبير بهذا الشأن جيمس كاكمال إلى إن الخسائر التي ستنتج عن انسحاب ترامب من "تويتر" ستبلغ مليارَيْ دولار أميركي.

بالإضافة إلى ذلك، فإنه لا مجال للمقارنة بين نشاط ترامب على "تويتر" ونشاطه على أية ساحة افتراضية أخرى، فعلى فيسبوك مثلاً، يطلق ترامب تقريباً منشوراً واحداً في اليوم، أما على إنستغرام، فليس له حساب خاص به، بل يكتفي باستخدام الحساب المخصص للرئاسة الأميركية فقط، في حين أنه على "تويتر"، وخلال حوالى 8 سنوات، نشر ترامب أكثر من 36.100 تغريدة (منها 1800 تغريدة منذ تنصيبه رئيساً من كانون الثاني/ يناير 2017)، أي بمعدل حوالى 15 تغريدة في اليوم الواحد، فهنا ساحة ترامب المفضّلة.

يتابع ترامب على تويتر أكثر من 40 مليون و800 ألف حساب، في حين ينخفض هذا العدد إلى النصف على فيسبوك، وهو دليل آخر على فرق النشاط بين الساحتَيْن.

آخر ما لفت الانتباه عن المكتسبات التي يحصل عليها الرئيس الأميركي على موقع "تويتر"، هو محاولة تبرير إدارة الموقع عدم حذفها تغريدات للرئيس الأميركي أطلق من خلالها إهانات بحق رئيس كوريا الشمالية، بالرغم من أن ذلك يُعدّ خرقاً لمعايير "تويتر".

وكان ترامب قد نشر تغريدة يعلّق بها على تصريح لوزير خارجية كوريا الشمالية في الأمم المتحدة، واصفاً رئيس كوريا الشمالية بـ "رجل الصاروخ الصغير".

وبالطبع لم يمرّ الأمر من دون تعليق للناشطين.

التوضيح من قبل إدارة "تويتر" جاء بعدما سأل الناشطون عن سبب تمنّع هذه الإدارة عن فرض معاييرها على حساب سيّد البيت الأبيض.

ولم يكن سلوك ترامب على "تويتر" مثيراً للجدل بعد تنصيبه فقط، بل إن بعض تغريداته قبل التنصيب قد أطلقت موجات عالمية من الاستهجان، خاصة عندما كان يحمّل المسلمين بشكل عام مسؤولية العمليات الإرهابية.

بتاريخ 23 آذار/ مارس 2016 (أي قبل تنصيبه رئيساً)، وعند وقوع هجمات إرهابية في العاصمة البلجيكية بروكسل، كتب ترامب على "تويتر" في معرض هجومه على منافسته الرئيسية آنذاك وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون "هيلاري غير الكفوءة، بالرغم من الهجوم الرهيب في بروكسل اليوم، تريد أن تكون الحدود (الأميركية) ضعيفة ومفتوحة، والسماح بتدفق المسلمين"!

بالرغم من صرامة معايير "تويتر" مع كل الكلام الذي قد يُشكّل تحريضاً ضد جماعات عرقية أو دينية، وبالرغم من موجات الغضب حول العالم الذي أثاره هذه الكلام، ما زالت تغريدة ترامب هذه موجودة حتى اليوم.

ولعلّ أكثر ما بعث الدهشة في الجمهور المتابع لترامب على "تويتر"مؤخراً، كانت تلك التغريدة التي نشرها خلالها فيديو يظهره عندما كان يشارك سابقاً في مباريات المصارعة الحرة الأميركية، حيث استبدل رأس الرجل الذي كان يضربه بالفيديو بشعار قناة "سي أن أن".

اتُّهم ترامب بعد هذه التغريدة بأنه يحرّض على العنف ضد الوسائل الإعلامية التي تعارضه.

لكن قصة ترامب مع وسائل الإعلام على "تويتر" لا تنتهي هنا، فقد نشر سيد البيت الأبيض الكثير من التغريدات التي تتهم وسائل إعلامية بنشر أخبار كاذبة – fake News – وهي العبارة التي صار يشتهر بها حساب ترامب على "تويتر".

 

 

وفي هذا الإطار، استغلّت مجلّة "نيوزويك" الأميركية خبراً عن تحديث ينوي موقع "تويتر" إجراءه من خلال زيادة عدد أحرف التغريدة من 140 إلى 280 حرفاً، لتسخر المجلّة الأميركية من سلوك ترامب الذي يظهر من خلال تغريداته، حيث تمنّت بأن لا يخبر أحد ترامب بشأن التحديث الجديد. ولتبرير تمنيّها هذا، راحت "نيوزويك" تحصي تغريدات ترامب الغريبة والتي أثارت جدلاً، ومما أشارت إليه:

_ تغريدة هاجم خلالها ترامب صحافية أميركية بارزة هي ميكا برزيزينسكي، حيث وصفها بالمجنونة، وقال إنها "تنزف بشكل كبير بعد عملية تجميل الوجه" التي خضعت لها.

وأدان مسؤولون كبار، من الحزبين الجمهوري والديمقراطي ما قاله ترامب في تغريدته بحق الصحافية الأميركية.

_ تغريدة ذكر خلالها ترامب كلمة Confefe. وهي كلمة لم يستطع أحد أن يفهم معناها أبداً. هكذا اعتبرت "نيوزويك" أن سيد البيت الأبيض بات يؤلّف كلمات جديدة. 

confefe، الكلمة المجهولة حتى اليوم

_ تغريدة قال فيها ترامب أنه لم يتبقَّ الكثير من الاتفاق النووي مع إيران، متّهماً إياها بالتعاون مع كوريا الشمالية. ورأت "نيوزويك" من خلال هذه التغريدة أن ترامب يستغلّ منصة "تويتر" لتصعيد التوتّرات على المستوى النووي.

 إضافة إلى ذلك، تم جميع 72.000 توقيع في عريضة إلكترونية تطالب "تويتر" بإقفال حساب ترامب، كما تم إجراء إحصاء أظهر أن 67% من الأميركيين يرون أن رئيسهم يسيئ استخدام هذه الساحة.

أمام كل هذه التغريدات المثيرة للجدل، وكل ذلك قبل انتهاء سنة واحدة من أصل أربع سنوات له في البيت الأبيض، ماذا ينتظر الجمهور بعد على حساب الرئيس الأميركي على "تويتر"؟؟