حلّ "تبادل الأراضي" في أوكرانيا: ما الذي سيخسره الروس؟

من المستحيل أن يقبل الروس ببقاء القوات الأوكرانية داخل أراضيهم أو التنازل عن أي جزء من الجغرافيا الروسية مهما كانت الإغراءات. هذا خط أحمر روسي آخر لا يمكن التفاوض عليه، ماذا يعني ذلك؟

0:00
  •  من غير المرجح أن تقبل روسيا أي اقتراح يتضمن التنازل عن الأراضي التي ضمتها بالفعل.
    من غير المرجح أن تقبل روسيا أي اقتراح يتضمن التنازل عن الأراضي التي ضمتها بالفعل.

تعثرت المفاوضات الغربية حول أوكرانيا، والتي كان من المزمع عقدها في لندن بين وزراء خارجية عدد من الدول لبحث السلام في أوكرانيا، وتم خفض تلك المحادثات إلى مستوى المسؤولين، وذلك بعد رفض الأوكران مناقشة خطة الولايات المتحدة للاعتراف بسيادة روسيا على شبه جزيرة القرم.

وبالرغم من إصرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الاستمرار في المساعي لحلّ الأزمة، فإنه من غير المتوقع تحقيق اختراقات كبيرة في المدى المنظور، وذلك لأن التنازلات الإقليمية المطلوبة من أوكرانيا كبيرة جداً، ما يعني إعلان خسارة الحرب والأرض، وبسبب عدم قبول الأوروبيين بالخطة الأميركية للسلام، وخسارة المجهود الحربي والسياسي والاقتصادي بعد سنوات ثلاث من القتال مع الروس.

وكانت نيويورك تايمز قد كشفت عن حجم التدخل الأميركي والغربي في الحرب الأوكرانية، في مقال بعنوان "الشراكة: التاريخ السري للحرب في أوكرانيا" (المنشور في 29 آذار/ مارس 2025) والذي سلط الضوء لا فقط على مساعدة لوجستية غربية وإمداد بالسلاح، بل على شراكة عسكرية تامة سرية وواسعة النطاق في الحرب الدائرة في أوكرانيا.

ويكشف التحقيق، الذي يستند إلى أكثر من 300 مقابلة في بلدان متعددة، أن الولايات المتحدة لعبت دورًا أكثر فعالية وانخراطاً في العمليات العسكرية الأوكرانية مما أُقر به سابقًا، شمل ذلك التخطيط الاستراتيجي، وقيادة العمليات وتأمين الدعم المباشر، واتخاذ القرارات العسكرية، وذلك من مركز قيادة في فيسبادن، ألمانيا، المعروف باسم "فرقة عمل التنين". ويكشف المقال أنه على الرغم من النجاحات المبكرة، أدت الخلافات الداخلية داخل قيادة أوكرانيا واختلاف الرؤى الاستراتيجية إلى انتكاسات، أبرزها الحملة الفاشلة لاستعادة باخموت عام 2023.

وبعد انتخاب دونالد ترامب، وخشية إدارة بايدن مما سيتخذه ترامب من قرارات حول أوكرانيا، انتقلت مهمة قيادة هذه الغرفة العسكرية إلى حلف الناتو في كانون الأول/ ديسمبر عام 2024، إضافة الى الدعم العسكري والمالي الواسع الذي منحه بايدن لأوكرانيا في أيام ولايته الأخيرة.

وعلى هذا الأساس، فإن التهديد الذي يقوم به ترامب لأوكرانيا، لا يجد آذاناً صاغية لدى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي، إذ إن عدداً من الدول الأوروبية أبدى استعداداً تاماً لاستكمال المهمة ودعم أوكرانيا "حتى النهاية" ومهما "تطلب الأمر."

وتعرض خطط السلام الأميركية مقترحات متعددة جميعها رُفضت من قبل الاوكرانيين، فعلى سبيل المثال، اقترح مبعوث الرئيس الأميركي ستيف ويتكوف أن يكون مصير أوكرانيا كمصير برلين بعد الحرب العالمية الثانية، بينما اقترح نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس أن يحصل تبادل للأراضي بين الطرفين.

وبعد أن فشل الاقتراح الأميركي السابق حول تقسيم أوكرانيا إلى مناطق نفوذ شبيهة ببرلين مع انتشار قوات أوروبية في أقسامها الغربية، وجرى رفضه من قبل جميع الأطراف، بمن فيهم الروس الذين لا يريدون انتشاراً عسكرياً غربياً على حدودهم، يبقى العرض الأميركي الساري حالياً هو "فكرة تبادل الأراضي. 

فما الذي يمكن أن يخسره الروس في عرض كهذا؟

1. التخلي عن شبه جزيرة القرم (غير مرجّح على الإطلاق): خط أحمر روسي.

من غير الممكن إطلاقاً أن يتخلى الروس عن شبه جزيرة القرم، إذ تُعتبر جزءاً من الأراضي الروسية التي جرت خسارتها بخطأ تاريخي حديث العهد، وتُعتبر ذات أهمية استراتيجية للروس نظرًا لوجود قاعدة أسطولها في البحر الأسود في سيفاستوبول. 

2- الأقاليم الأربعة: دونيتسك ولوغانسك وزاباروجيا وخيرسون

قد تُضطر روسيا للتخلي عن فكرة ضم "كامل هذه الأقاليم" خاصة الأجزاء التي لم تحتلها أو تدمجها بالكامل، والاكتفاء بالمناطق الخاضعة للسيطرة الروسية الكاملة حالياً. وقد تتضمن التسوية تخلّي الروس عن طموح السيطرة على هذه الأراضي مقابل الاحتفاظ بمناطق أخرى (مثل شبه جزيرة القرم أو أجزاء من دونباس)، وهو اقتراح قد يقبله الروس مرحلياً مقابل رفع العقوبات المفروضة على روسيا.

3- كورسك وبيلغورود

وهي الأراضي داخل روسيا التي يقول الأوكران إنهم ما زالوا يسيطرون عليها، ويقول الروس باستعادة السيطرة عليها.

من المستحيل أن يقبل الروس ببقاء القوات الأوكرانية داخل أراضيهم أو التنازل عن أي جزء من الجغرافيا الروسية مهما كانت الإغراءات الأميركية. هذا خط أحمر روسي آخر لا يمكن التفاوض عليه.

وبالرغم من أن العروض المطروحة أميركياً قد لا تناسب الطموحات الروسية، إلا أن الروس يتركون للطرف الأوكراني رفضها من دون أن يقوموا بإثارة حساسية دونالد ترامب باعتبارهم الطرف المعرقل للسلام.

وعليه، من غير المرجح أن تقبل روسيا أي اقتراح يتضمن التنازل عن الأراضي التي ضمتها بالفعل، أو أن تتخلى عن القرم أو عن أراضٍ في كورسك وبيلغورود، إلا إذا مُنيت بهزيمة عسكرية كبيرة، وهذا سيناريو لم يكن متوافراً بالأساس قبل وصول دونالد ترامب ولن يكون متوافراً في ظل الإدارة الأميركية الحالية.