السلاح الذي لم تمتلكه "إسرائيل" بعد.. تكنولوجيا الليزر‎

تواجه أسلحة الدفاع الليزرية تحديات عديدة، من ضمنها صعوبة استقرار الشعاع على هدف متحرّك بسرعة عالية، إضافة إلى أن الغبار والدخان في الهواء يؤثّران في كثافة الليزر وتركيزه، ما يُقلّل قدرته على التعامل مع الصواريخ المنطلقة من غزة مثلاً.

  • السلاح الذي لم تمتلكه
    السلاح الذي لم تمتلكه "إسرائيل" بعد.. تكنولوجيا الليزر‎

تعد تكنولوجيا الليزر تقنية متقدّمة تستخدم الإشعاع الضوئي لتوليد وتكبير شعاع ضوء ذي تردّد عالٍ ومتجمّع بشكل دقيق. يعتمد عمل الليزر على تأثيث الذرات أو الجزيئات لتحريكها وإصدار طاقة ضوء مكوّنة من فوتونات متمركّزة.

تتميّز تكنولوجيا الليزر بالعديد من الاستخدامات والفوائد، بما في ذلك:

· القطاع الطبي: يستخدم الليزر في عمليات الجراحة وإجراءات التجميل، فضلاً عن تقنيات تشخيص الصور الطبية.

· الاتصالات: تُستخدم في أجهزة الإرسال الضوئي لنقل البيانات بسرعات عالية.

· الصناعة: تُستخدم في قطع المعادن بدقة عالية واللحام والقياسات الدقيقة.

· تكنولوجيا الأقراص الليزرية: تستخدم في تخزين البيانات على الأقراص المدمّجة والأقراص الرقمية.

· البحث العلمي: يُستخدم في تجارب البحث الفيزيائي والكمي والبحوث البيولوجية.

· تطبيقات التصوير: تُستخدم في التصوير الطبي والتصوير الفوتوغرافي والرادار.

· تكنولوجيا العرض: تُستخدم في العروض التقديمية والشاشات الرقمية.

· علاج البصريات: يستخدم لتصحيح الأخطاء البصرية في العيون.

· الأسلحة الليزرية: تُستخدم في تطوير أسلحة عسكرية متقدّمة، مثل الأسلحة الليزرية التي يمكنها إرسال شعاع ضوء ذي كثافة عالية لتدمير أهداف عن بُعد.

· أنظمة التوجيه بالليزر: تُستخدم في نظم التوجيه والاستهداف باستخدام شعاع الليزر لتحديد الأهداف بدقة وتوجيه الأسلحة نحوها.

· الاستشعار عن بُعد: يستخدم في تطوير أنظمة الاستشعار عن بُعد للكشف عن الأهداف والمراقبة.

· إنشاء الأنظمة الدفاعية: يستخدم في تطوير نظم الدفاع الجوي والبحري والبري لتحسين الكشف والتصدّي للتهديدات.

الكيان الإسرائيلي وعقدة الدفاع الصاروخي

نتناول هنا استخدام التكنولوجيا الليزرية في الدفاع الصاروخي. على الرغم من أن هذا الاستخدام ليس جديداً، يبرز التميّز في اختيار "جيش" الاحتلال الإسرائيلي اسماً دعائياً جديداً وبارزاً هو "الشعاع الحديدي".

يعود تاريخ استخدام الليزر في الأغراض الدفاعية إلى حقبة الستينيات أثناء الحرب الباردة، إذ تمّ اكتشاف إمكانيات الليزر كسلاح ذي طاقة موجّهة. في السبعينيات، كانت فترة البحوث الأولية والدراسات النظرية في إطار مبادرة الدفاع الاستراتيجي في عهد الرئيس الأميركي رونالد ريغان المعروفة بـ"حرب النجوم".

شهد منتصف الثمانينيات تطويراً إضافياً مع ظهور نماذج تجريبية لاستكشاف جدوى استخدام الليزر في الدفاع الصاروخي. وقد شهدت هذه الفترة اختبار الليزر الكيميائي في المختبر والتجارب الأرضية. مع التقدّم التكنولوجي في تقنيات الليزر خلال التسعينيات، تركّزت الجهود على تطوير أشعة ليزر أكثر قوة وإحكاماً للتطبيقات الدفاعية.

مع تحسين التحكّم في شعاع الليزر وكفاءة الطاقة وقدرات التتبّع في القرن الواحد والعشرين، زادت تجارب استخدام الليزر لتدمير مكوّنات الصواريخ، وشملت اختبارات أنظمة الليزر المحمولة جواً. في الأعوام الـ13 لأخيرة، استمرت الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة وأيضاً كيان الاحتلال، في البحث واختبار أنظمة الدفاع المعتمدة على الليزر.

تركّزت الدراسات على تعزيز التقنيات وتحسين نظم التتبّع والاستهداف، وتناولت تأثيراتها في المواد الصاروخية ومعالجة التحديات العملية المتعلّقة بنشر هذه الأنظمة.

كيفية عمل هذا النظام

تبلورت خلال هذه السنوات الطويلة من البحث والتطوير آلية عمل الليزر الدفاعي التي تتضمّن ببساطة استخدام الليزر لاعتراض الصواريخ، وذلك عبر نشر شعاع مرتفع الطاقة لتدمير أو تعطيل التهديدات الصاروخية القادمة. يعتمد هذا الأسلوب على توجيه طاقة مركّزة نحو الهدف، ما يؤدي إلى الإضرار بسلامته الهيكلية أو مكوّناته الحيوية، وبالتالي جعله غير صالح للعمل أو تدميره كلياً.

في تفاصيل عملية استخدام تقنيات الليزر في الدفاع الصاروخي، تتّبع عدة خطوات حاسمة. يبدأ النظام باكتشاف وتتبّع الصواريخ أو التهديدات المحتملة باستخدام أجهزة الاستشعار والرادار. هذه المعلومات الدقيقة ضرورية لتحديد موقع الهدف بشكل دقيق. بعد ذلك، يقوم نظام الليزر بتوجيه الهدف وتثبيته باستخدام آليات التتبّع المتطورة، ما يضمن استمرار توجيه شعاع الليزر إلى الهدف المتحرّك.

عندما يتمّ تحديد التهديد، يتمّ إطلاق شعاع ليزر عالي الطاقة نحو الهدف. يحمل هذا الشعاع طاقة مكثّفة يتمّ تركيزها على نقطة معيّنة على الصاروخ. عندما يصطدم شعاع الليزر بالهدف، يحدث توليد للحرارة في نقطة الاصطدام، هذه الحرارة يمكن أن تتسبّب في تلف أو تدمير المكوّنات الحيوية للصاروخ.

في النهاية، يتمّ تحييد التهديد بشكل فعّال عن طريق تعطيل مسار طيران الصاروخ أو تدمير رأسه الحربي أو حتى التسبّب بأضرار هيكلية كافية لجعله غير فعّال. تظهر هذه العملية التكنولوجية كأحدث تقنيات الدفاع الصاروخي التي تعتمد على استخدام الليزر بشكل فعّال في مواجهة التهديدات الأمنية.

حلم الكيان ليس واقعياً

بحسب عدد كبير من الخبراء في هذا المجال، من الصعب الحفاظ على استقرار الشعاع في مكان واحد أثناء إضاءة منطقة صغيرة على صاروخ متسارع يتحرّك على مسافة 5 كيلومترات. هذا يعتبر إنجازاً تقنياً صعباً للغاية. وقت تركيز نظام "الشعاع الحديدي" على صاروخ متسارع قد يكون لعدة ثوانٍ، وهذا يُقلّل كثيراً من فعّاليته في صدّ صواريخ المدفعية قصيرة المدى التي تكون غالباً ذات مدة طيران قصيرة بحدود ثانيتين.

يواجه "الشعاع الحديدي" تحديات إضافية، إذ يؤثّر الغبار والدخان في الهواء في كثافة الليزر وتركيزه، ما يُقلّل قدرته على التعامل مع الصواريخ المنطلقة من غزة. 

التحدّي الآخر يكمن في الطائرات من دون طيار؛ فعلى الرغم من ضعف قوة هذه الطائرات مقارنة بالصواريخ، فقد تكون أكثر عرضة للتأثير الحراري الناتج من الليزر، ولكن الوقت الضروري لتدمير الطائرة من دون طيار يعتبر تحدياً مستحيلاً، وخصوصاً عند مواجهة هجمات تتضمن عدة طائرات من دون طيار في وقت واحد.

"الجيش الذي لا يُقهر"... جعجعة إعلامية

كبرنا على مقولة اعتقدها العرب أكثر من الكيان نفسه، وهي أنّ "الجيش الإسرائيلي هو الجيش الذي لا يُقهر".  كبرنا على قصة أنّ "جيش" الاحتلال تراجع عن أطراف بلدة طيرحرفا اللبنانية الجنوبية، لأنّ المقاومة الفلسطينية آنذاك استطاعت أن توجّه قذيفة هاون إلى داخل دبابة ميركافا، فانسحبت القوات الإسرائيلية حفاظاً على داء العظمة وغرور فائض القوة.

لقد عاصرنا عام 2000، حين خرجت القوات المغرورة من دون قيدٍ أو شرط، ومررنا بعام 2006، حين رأينا فخر صناعاتهم (الميركافا) يتساقط ويتهاوى. واليوم، منّ الله علينا بأن نشهد أولى ساعات "طوفان الأقصى": أكثر من 2000 قتيل صهيوني وعشرات الأسرى.

بعد كلّ هذا، يقف الإسرائيلي أمام تهديد محور المقاومة من دون أي رادع أو ميزان. لذلك، أصبح يرى نفسه مضطرّاً إلى الحديث والتهويل عن تكنولوجيا وقوات حارقة خارقة، ولكنها ليست سوى زوبعة في فنجان لا قيمة لها.

مطلع العام 2022، تحدّث الرئيس الإسرائيلي عن تكنولوجيا الليزر للدفاع الجوي. وقد سماها "الشعاع الحديدي"، ووعد بأنها ستكون جاهزة مطلع العام 2023. وقد أعطته المقاومة عام 2023 كاملاً تقريباً لتردّ عليه بطوفان غير مسبوق، ولم يجرؤ الكيان بعدها على تشغيل النظام الذي يدّعيه خوفاً من بيان اهترائه.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.