الصين تبهر العالم... من بكين 2008 إلى هانغتشو 2023

دورة الألعاب الآسيوية ستنطلق في الصين بنسختها الـ 19 في مدينة هانغتشو، في ظل ترقّب لحفل الافتتاح.

  • الصين تبهر العالم... من بكين 2008 إلى هانغتشو 2023
    الصين تبهر العالم... من بكين 2008 إلى هانغتشو 2023

في الوقت الذي يتسارع فيه التطور ويدخل الذكاء الاصطناعي في المجالات كافة، بشكل بات يرعب كُثراً حول العالم لشدة ما وصل إليه من تقدّم، تستضيف الصين بطولة الألعاب الآسيوية "آسياد 2023"، ولا شك أن نسبة كبيرة حول العالم تترقّب حفل الافتتاح، خصوصاً بعد حفل افتتاح الألعاب الأولمبية في الصين "بكين 2008"، عندما تفوّقت على الذكاء الاصطناعي بزادها البشري، وأبهرت العالم بحفل افتتاح دام لأكثر من 4 ساعات.

رسمت الصين في ذلك الحفل صوراً بشرية مبهرة، فيها الكثير من الدقة والتفاعل، وكأنّ البشر تحوّلوا إلى روبوتات، لكن ذلك الحفل أثبت أن الإنسان يبقى من اخترع الروبوت وهو قادر على التفوّق عليه في الكثير من المجالات عندما يقرّر ذلك.

من شاهدوا ذلك الحفل، لن ينسوا كيف كانت الفرق تتحرّك وتعزف وتصرخ بصوت واحد، من دون أي خلل ولو صغير أثناء العرض.

تفتتح اليوم السبت (23 أيلول/سبتمبر 2023) أكبر دورة ألعاب آسيوية في التاريخ بمشاركة نحو 12 ألف رياضي ورياضية، أي أكثر من دورة الألعاب الأولمبية "طوكيو 2020"، في مدينة هانغتشو الصينية بعد تأجيلها لمدة عام بسبب فيروس كورونا.

المنافسات في دورة الألعاب الآسيوية 2023

يتنافس المشاركون وبينهم أبطال عالم وأولمبيون، من أجل الحصول على ميداليات في 40 رياضة، من ألعاب القوى والسباحة وكرة القدم إلى الرياضات الإلكترونية والبريدج.

وستكون 9 رياضات، من بينها الملاكمة والبريك دانس وكرة المضرب، مؤهلة إلى دورة الألعاب الأولمبية المقررة في باريس في العام المقبل.

وكان مقرراً أن تقام الألعاب الآسيوية في أيلول/سبتمبر الماضي، لكنها تأجلت بسبب جائحة فيروس كورونا.

وتجمع النسخة الـ 19 من آسياد التي أقيمت لأول مرة في نيودلهي في عام 1951، رياضيين من 45 دولة.

وتشكّل دورة الألعاب الآسيوية بالنسبة إلى الصين التي استضافت دورة الألعاب الأولمبية الشتوية 2022 في "فقاعة" آمنة من فيروس كورونا في بكين، فرصة لإظهار براعتها التنظيمية والرياضية والتكنولوجية بعد سنوات الوباء.

وقال مدير المتحدثين باسم الألعاب تشن ويتشيانغ الأربعاء الماضي "لقد تغلّبنا على الكثير من التحديات. الآن نحن جاهزون تماماً لاستضافة دورة آسيوية ناجحة".

المنشآت الرياضية

ستقام الألعاب في 54 موقعاً رياضياً، بينها 14 شُيّدت حديثاً، معظمها في هانغتشو، ولكنها تمتد أيضاً إلى مدن بعيدة مثل ونجو، على بعد 300 كلم جنوباً.

سيكون المحور الرئيسي هو الملعب الأولمبي "بيغ لوتوس" بسعة تصل إلى 80 ألف متفرج، حيث ستقام منافسات ألعاب القوى ويجري حَفْلا الافتتاح والختام.

وذكرت وسائل إعلام رسمية صينية أن الرئيس شي جين بينغ سيحضر حفل الافتتاح، ويلتقي بنظيره السوري بشار الأسد هناك إلى جانب مسؤولين وضيوف آخرين.

وعلى نحو مماثل، حضر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين، إلى جانب جين بينغ.

وتشتهر مدينة هانغتشو البالغ عدد سكانها 12 مليون نسمة، وتبعد مسافة ساعة بالقطار السريع من شنغهاي، بمعابدها القديمة وحدائقها وبحيرتها الغربية المحبوبة. وهي أيضاً الموطن غير الرسمي لصناعة التكنولوجيا في الصين، ولا سيما مسقط رأس شركة علي بابا. وستعرض الألعاب بعضاً من أحدث التقنيات الآتية من المدينة، بينها الحافلات من دون سائق والكلاب الآلية.

الصين في المقدمة ومنافسات جديدة

تصدرّت الصين المضيفة جدول الميداليات في كل دورة ألعاب آسيوية منذ عام 1982، ومن المتوقع أن تفعل ذلك مرة أخرى بحلول موعد إسدال الستار عن الألعاب في 8 تشرين الأول/أكتوبر المقبل.

وتبدو الصين مرشحة للسيطرة على منافسات السباحة عن طريق تشين هايانغ الذي أعلن نفسه ملكاً جديداً وبلا منازع في سباقات السباحة على الصدر في بطولة العالم.

كسب السباح البالغ من العمر 24 عاماً جميع السباقات الثلاثة (50م و100م و200م) وسجّل رقماً قياسياً عالمياً جديداً في سباق 200م.

في ألعاب القوى، وهي إحدى الرياضات الأكثر متابعة عن كثب، سيدافع البطل الأولمبي والعالمي الهندي نيراج شوبرا عن لقبه في رمي الرمح في دورة الألعاب الآسيوية، فيما يبحث النجم القطري المخضرم معتز برشم عن ذهبية ثالثة في الوثب العالي بعد 2010 و2014.

وسيكون الباكستاني أرشد نديم، الحائز على الميدالية الفضية في مونديال القوى في بودابست، أشرس المنافسين له، فيما سيتنافس البلدان على المعدن الأصفر في الكريكيت والهوكي.

وستكون المنافسة في الرياضات الإلكترونية رسمية لأول مرة في الألعاب الآسيوية، بعد أن كانت رياضة استعراضية قبل 5 سنوات.

وسيقود لي سانغ-هيوك المعروف بلقب "فايكر"، وهو شخصية أسطورية في الرياضات الإلكترونية ومعروف على نطاق واسع بأنه أفضل لاعب

في دوري الأساطير على الإطلاق، المنتخب الكوري الجنوبي في مركز هانغتشو الصيني للرياضات الإلكترونية.

هناك حافز إضافي أثار جدلاً في كوريا الجنوبية، وهو أن الفوز بالذهب سيعفيهم من أداء الخدمة العسكرية.

من سمات الألعاب الآسيوية أنها تشمل رياضات إضافية وتعود إلى الثقافة الآسيوية، وهي رياضات ليست موجودة في الأولمبياد، على غرار لعبة شيانغ تشي المعروفة أيضاً باسم "الشطرنج الصيني"، والبريدج، إحدى ألعاب الورق المعروفة عالمياً، والكوراش، وهي شكل قديم من أشكال المصارعة، وهي جميعها موجودة في قائمة الرياضات التي سيتنافس فيها المشاركون والمشاركات.

وعلى الرغم من أن الافتتاح الرسمي للألعاب سيكون السبت، إلّا أن بعض المنافسات الرياضية بدأت الثلاثاء الماضي، عندما عادت كوريا الشمالية إلى المنافسة الدولية الكبرى لأول مرة منذ الوباء بفوزها على تايوان 2-0 في دور المجموعات لمسابقة كرة القدم للرجال.

حفاظاً على البيئة... ألعاب نارية إلكترونية في حفل الافتتاح

لن تُستخدم الألعاب النارية في حفل افتتاح دورة الألعاب الآسيوية، بحسب المدير الرئيسي للحفل شا شياو لان.

وقال شياو لان: "تماشياً مع نهج الألعاب الصديق للبيئة، سيحظى الـ 50 ألف متفرج المتوقّع حضورهم في هذا الحدث بوليمة بصرية باستخدام الألعاب النارية الإلكترونية الرائعة، من خلال الرسوم المتحركة ثلاثية الأبعاد وتكنولوجيا الواقع المعزّز".

وأشار المنتج الرئيس للحفل إلى أنّ "الألعاب النارية الإلكترونية، إلى جانب الانبعاثات الكربونية الصفرية لشعلة الألعاب، تعكس الوعي البيئي لدى الدولة المضيفة، وتظهر المسؤولية كدولة كبيرة".

وكشف: "الحفل سيكسر تقليد عرض الألعاب النارية، حيث أننا ملتزمون بالفلسفة الخضراء في استضافة الحدث... والشيء الأكثر أهمية هو أننا نريد نشر فلسفتنا في حماية البيئة، ولهذا السبب اتخذنا القرار أخيراً".

ويتضمن الحفل، الذي سيعكس ثقافة منطقة جيان غنان العديد من العناصر المحورية، مثل البرنامج الفني، استعراض الرياضيين، وإضاءة الشعلة الاحتفالية، لكن ما سيميّزه، بحسب المدير الرئيسي للحفل، هو الضخ الاستثنائي للتكنولوجيا المتطوّرة وللعناصر الثقافية التي ستضفي على العرض جمالاً.

وأوضح المنتج الرئيس للحفل: "سننقل جمال الجبال والأنهار مباشرة إلى المسرح، باستخدام مزيج ساحر من المؤثرات البصرية ثلاثية الأبعاد بالعين المجرّدة والصور الافتراضية".

بدورها، أكّدت المتحدثة الرسمية للدورة لي يي تشينغ: "في حال هطول أمطار خفيفة قد تؤثر على سلامة فنانينا، فسنقوم بتقليل (أو إلغاء) استخدام بعض المرافق والمعدّات والمشاركين في الأداء".

وأضافت: "إذا توقّعت الأرصاد الجوية أن الظروف الجوية غير مناسبة لإقامة الحفل في الهواء الطلق، فسنحوّل الحفل إلى ساحة كرة السلة الداخلية".

ويتوقّع خبراء الأرصاد هطول أمطار خفيفة، وأن تصل درجات الحرارة إلى نحو 22 درجة مئوية السبت في هانغتشو.