"واشنطن بوست": بعد 3 سنوات من الحرب.. أوكرانيا تخوض معركة ضدّ ترامب
مع دخول الحرب في أوكرانيا عامها الرابع، يبدو أنها وصلت إلى نقطة تحول.
-
الرئيس دونالد ترامب يلتقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي
صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية تنشر مقالاً للكاتب إيشان ثارور، يتحدث فيه عن تغير الموقف الأميركي بعد 3 سنوات من الحرب في أوكرانيا.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
يصادف هذا الأسبوع الذكرى السنوية الثالثة للغزو الروسي لأوكرانيا، أو الحرب التي وصفها الكرملين ذات يوم أنّها "عملية عسكرية خاصّة"، وبمنزلة تدخّل في "الحرب الأهلية" في أوكرانيا وتأديب جار متمرّد عبر مئات الأميال من جبهات المواجهة، حيث تدمّرت مساحات واسعة من البلاد، وشرد الملايين وقتل مئات الآلاف من الناس. وعلى الرغم من الصعوبات، صمدت أوكرانيا بعناد في معركة وجودية من أجل البقاء، بدعم من تدفّق المساعدات العسكرية الغربية، لكن آلة الحرب الروسية الضخمة ما تزال تطلق الصواريخ والطائرات من دون طيّار على المدن، وتطحن الأراضي الأوكرانية.
ومع دخول الصراع عامه الرابع، يظهر أنّه وثب إلى محطّة تحوّل حاسمة، حيث آمال أوكرانيا في استعادة الأراضي التي فقدتها لصالح روسيا تتضاءل، والحكومات الأوروبّية تكافح لأجل تمتين قدراتها وشدّ أواصر وحدتها، في حين يُسرع الرئيس الأميركي دونالد ترامب من نهجه نحو تحقيق هدفه النهائي وتعهّده بإحلال السلام، ولكن في الأيّام الأخيرة، يبدو أنّه وضع إصبعه على الميزان مرجّحاً كفّة المصالح الروسية، ما أثار استياء حلفاء الولايات المتّحدة التقليديين عبر الأطلسي.
وكان مسؤولون أوكرانيون ودبلوماسيون أوروبّيون، قد أعربوا عن تفاؤل حذر بشأن ما يمكن أن يحقّقه ترامب في الأيّام الأولى من ولايته الثانية. لكنّ الرئيس الأميركي ومساعديه نجحوا في صدم وإغضاب كثيرين في القارّة خلال شهره الأوّل في منصبه، حيث ضاعف في الآونة الأخيرة هجماته على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، واتّهمه باستفزاز الغزو الروسي ونعته بـ"الطاغية"، لعدم إجراء انتخابات في الوقت الذي كانت فيه بلاده تتصدى للهجوم الروسي. وفي هذه الأثناء، عقد مسؤولون في إدارة ترامب اجتماعات مع مبعوثين كبار من الكرملين في المملكة العربية السعودية، في كسر لسياسة السنوات الأخيرة الماضية التي حرمت التواصل مع روسيا. وقد أثارت المحادثات وخطاب ترامب اللاحق، المخاوف الأوروبّية من تجاهل المصالح الأوكرانية في صفقة كبرى بين واشنطن وموسكو. وفي إثر ذلك، حذّر رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك من أنّ "الاتّفاق على صفقة شاملة بين واشنطن وموسكو لن يؤدّي إلّا إلى تفاقم التوتّرات بين الجانبين، وأنّ الاستسلام القسري لأوكرانيا يعني استسلام المجتمع الغربي بأكمله".
وبحسب موقع "أكسيوس" الإخباري، فإنّ بعض المسؤولين الأوكرانيين المقرّبين من زيلينسكي يحثّونه على الموافقة على نسخة محدّثة من اتّفاقية المعادن لإعادة وقوف البيت الأبيض إلى جانبه. كذلك، كان مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض مايكل والتز قد حثّ المسؤولين الأوكرانيين على عدم "التحدّث بسوء" عن ترامب. وقال للصحفيين: "إنّهم بحاجة إلى تخفيف حدّة ذلك". في إشارة إلى تدقيق زيلينسكي في مزاعم ترامب ودعوته الأوروبّيين إلى التدخل، وأضاف والتزّ "انظروا جيّداً ووقعوا على الصفقة".
ويبدو أنّ الكرملين يشعر بالسرور حين يسمع كلّ ذلك. وكان وزير الخارجية الروسي المخضرم سيرغي لافروف قد أشاد هذا الأسبوع بالرئيس ترامب باعتباره "الزعيم الغربي الوحيد الذي عارض علناً وبصوت عال الحرب". كذلك أكّد ما قالته روسيا أنّ رغبة أوكرانيا في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي كانت سبب الحرب.
وطرح العديد من المسؤولين في حكومة ترامب بالفعل احتمال تخفيف العقوبات المفروضة على روسيا، قبل أن تقدّم موسكو أيّ تنازلات لأوكرانيا. ولكن ممّا أثار استياء المسؤولين الأوروبّيين، معارضة الولايات المتّحدة التوقيع على بيان مجموعة الدول السبع بشأن أوكرانيا الذي يدين "العدوان الروسي" بعد 3 سنوات على الغزو والحرب. وقد حاول وزير الخارجية مارك روبيو، الذي كان في السابق من أشدّ صقور مناهضي الكرملين، طمأنة نظرائه الأوروبّيين بأنّ إدارة ترامب ستحافظ على مستوى صارم تجاه موسكو، حتّى في الوقت الذي أشاد فيه جهاراً بمحادثات الرياض مع روسيا و"الفرص المذهلة" لإنهاء الحرب.
لا شكّ، أنّ الولايات المتحدة تسعى إلى إقامة شراكة مع روسيا على الصعيدين الجيوسياسي والاقتصادي. ويعتقد بعض الجمهوريين أنّ التوصّل إلى اتّفاق بشأن أوكرانيا من شأنه أن يساعد على دقّ إسفين بين موسكو وبكين. بينما، يقول المنتقدون الأوكرانيون إنّ هذه الخطوة لن تنجح. ويعتبر المحلّلُ البارز المقيم في كييف فاليري بيكار، إنّ "رغبة القادة الأميركيين في انتزاع روسيا من الصين واستخدامها ضدّها هي أعظم خطأ جيوسياسي في القرن الجاري". وأضاف أنّ "التكامل بين روسيا والصين كبير لدرجة تجعل هذا الأمر مستحيلاً. كما أنّ إخراج روسيا، من العزلة الدولية سيكون غير مريح للولايات المتّحدة".
في هذا السياق، زعم الفيلسوف الأوكراني فولوديمير يرمولينكو، أنّ ترامب يساهم في "إعادة إمبريالية" السياسة العالمية، حيث تتجاهل القوى العظمى أو على الأقلّ القوى المسلّحة نووياً مخاوف "الجمهوريات والديمقراطيات".
كذلك يشير الوزير الأوكراني السابق تيموفي ميلوفانوف، إلى أنّ الغضب الذي يسود الأجواء أقنع العديد من الأوكرانيين بضرورة الاعتماد على الذات بشكل أكبر. وقال إنّ "العالم الذي ستتولّى فيه الولايات المتحدة رعاية هذا الصراع غير موجود، والحقيقة أنّه لم يكن موجوداً قطّ"، مُشيراً إلى محطات مختلفة في العقدين الماضيين حيث فشلت الولايات المتّحدة وأوروبا في دعم أوكرانيا بالقدر الكافي في مواجهة روسيا. وأضاف: "لقد اختفى الوهم الدائم لهذا العالم الآن، ومن هذا المنطلق، قدّم ترامب خدمة كبيرة لأوكرانيا".
نقله إلى العربية: حسين قطايا