"Spectator": دونالد ترامب أذلّ إيمانويل ماكرون
تشتهر الحيتان القاتلة باللعب مع فريستها قبل قتلها، ودائماً بابتسامة، وهذه هي الصورة التي خطرت على بالي عندما وصل ماكرون إلى البيت الأبيض للدفاع عن قضية أوكرانيا أمام ترامب المبتسم.
-
ماكرون في البيت الأبيض للقاء ترامب
مجلة "Spectator" البريطانية تنشر مقالاً للكاتب جوناثان ميلر تناول فيه لقاء الرئيس دونالد ترامب بنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورأى الكاتب أنّ ترامب أذّل ماكرون وشرح وجهة نظره.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
تشتهر الحيتان القاتلة باللعب مع فريستها قبل قتلها، ودائماً بابتسامة. وهي الصورة التي خطرت على بالي يوم الإثنين عندما وصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى البيت الأبيض للدفاع عن قضية أوكرانيا أمام الرئيس دونالد ترامب المبتسم.
إنّ وسائل الإعلام الفرنسية تكرر على نحو مخلص ما قاله قصر الإليزيه عن تجديد ماكرون لصداقته مع الرئيس الأميركي، ولكن هذا الكلام منفصل عن الواقع. فاليوم يعود ماكرون إلى باريس، على حد علمي، وهو لا يحمل سوى عبارات مبتذلة.
لم يكن هذا يشبه زيارات ماكرون إلى واشنطن خلال إدارة بايدن، عندما اعتاد الرئيس الفرنسي التعامل مع وزير الخارجية المتعاطف مع بايدن أنتوني بلينكن ومغازلة كارين جان بيير، السكرتيرة الصحفية الناطقة بالفرنسية لبايدن.
تجاهل ترامب ماكرون عندما فشل في الترحيب به لدى وصوله، وتجاهله مرة أخرى بإجلاسه بشكل غير مريح في المكتب البيضاوي خلال مؤتمر عبر الفيديو لزعماء مجموعة السبع وتجاهله مرة أخرى، بعيداً عن الكاميرا هذه المرة، عندما أمر سفيره لدى الأمم المتحدة بالتصويت ضد قرار، مدعوم من ماكرون، يطالب بانسحاب روسيا من أوكرانيا.
فعل ترامب كل هذا بابتسامة، تاركاً ماكرون في حيرة. لقد كان مسرحية لكن الصور أبرزت الأزمة المتنامية في حلف شمال الأطلسي مع ميل ترامب نحو موسكو ومطالبة أوروبا بدفع ثمن أمنها.
كانت النغمة واضحة عندما وصل ماكرون إلى الرواق الشمالي للبيت الأبيض حيث رحبت به رئيسة البروتوكول في البيت الأبيض مونيكا كرولي، وليس الرئيس نفسه. حتى بايدن كان يترنّح عندما يصل ماكرون. كانت هناك العديد من المصافحات المرتقبة، الأولى خارج المكتب البيضاوي، والتي تحملها ماكرون بابتسامة عريضة، والثانية في الداخل عندما بدا أنّ ترامب يصارع نظيره الفرنسي.
كانت هناك مجاملات. تحدث ترامب عن فرنسا باعتبارها أقدم حليف لأميركا وهنّأ ماكرون على جودة ترميم كاتدرائية نوتردام. وتذكر ماكرون كيف قاتلت الدولتان جنباً إلى جنب في حربين عالميتين.
كان التصويت في الجمعية العامة، في الذكرى الثالثة لبدء الغزو الروسي، رفضاً صريحاً لكل ما كانت أوروبا تطالب به، بمثابة تذكير حيّ بأنّ هناك ضابطاً جديدًا في المدينة.
جهود ماكرون للرد لم تثر إعجاب ترامب. قال الرئيس الأميركي عندما تحدث الرجلان: "أوروبا تقرض المال لأوكرانيا". "إنهم [الأوروبيون] يستعيدون أموالهم". قاطعه ماكرون، ووضع يده على كتف ترامب وقال باللغة الإنجليزية: "لا، في الواقع، بصراحة، لقد دفعنا. لقد قدمنا أموالاً حقيقية، لكي نكون واضحين". ابتسم ترامب، وظهرت على وجهه علامات الشك ولوح بيده رافضاً.
لقد كانت الدبلوماسية حية ومباشرة. ماكرون ممثل، لكن ترامب كان محور الاهتمام. لقد حذّر من خطر الحرب النووية إذا لم يتم تسوية الصراع في أوكرانيا. ووعد ماكرون بتزويد القوات لضمان أي تسوية في أوكرانيا، لكنه كشف عن ضعف أوروبا عندما توسل للحصول على ضمانات أمنية أميركية لترسيخ أي اتفاق سلام. وهو الاقتراح الذي رفضه ترامب. وقال "يجب على أوروبا أن تتولى هذا الدور المركزي وتضمن الأمن الطويل الأجل لأوكرانيا". وهذا يعني وجود قوات أوروبية على الأرض كـ "ضمان"، لكن مصداقية مثل هذه القوة مشكوك فيها بالتأكيد حيث لم تعلن سوى فرنسا وبريطانيا والسويد عن استعدادها للمشاركة في الوقت الحالي.
لقد كان ماكرون شخصية متضائلة لعدة أشهر بعد قراره غير الحكيم بالدعوة إلى انتخابات الجمعية الوطنية التي تركته بدون أغلبية برلمانية. كان عليه أن يظل بعيداً عن مزارعيه الغاضبين عندما افتتح المعرض الزراعي السنوي في باريس، ولا يمكنه التجول إلا مع حشود تم فحصها مسبقاً، وقد أهانته الجزائر، التي ترفض قبول مواطنيها بموجب أوامر الترحيل. العلاقات مع الجزائر سيئة للغاية حتى أنها تعادل الحرب الباردة. اعتاد ماكرون الذهاب إلى واشنطن على أمل أن يتم الاستماع إلى آرائه. يوم الإثنين، تم تقليصه إلى دور الممثل المساعد في فرصة التقاط الصور طوال اليوم لترامب.
يوم الخميس، سيكون دور كير ستارمر، ومن المستحيل أن نتخيل أنّ جهوده "لإعادة ضبط" سياسة ترامب بشأن أوكرانيا من المرجح أن تنجح. وطالب ستارمر بفرض عقوبات أكثر صرامة على روسيا، لكن ترامب يأمل في عقد صفقات تجارية ضخمة معها. ولا شك أنّ "داونينغ ستريت" أعدت الكثير من العناصر لتدوير هذا الاجتماع بشكل إيجابي، لكن ترامب وليس ستارمر هو الذي سيحدد النغمة.
نقلته إلى العربية: بتول دياب.