"نيوزويك": خطة ترامب لغزّة ستُدخل الولايات المتحدة في حرب جديدة على غرار حرب العراق
إنّ الشعب الأميركي لا بدّ أن يرفض جنون ترامب، ويتعيّن على الولايات المتحدة أن تخرج من سوريا والعراق، وليس أن تزيد من تعرّضها للعنف في المنطقة.
-
"نيوزويك": خطة ترامب لغزّة ستُدخل الولايات المتحدة في حرب جديدة على غرار حرب العراق
مجلة "نيوزويك" الأميركية تنشر مقال رأي، يتحدّث فيه الكاتب عن خطة ترامب بشأن غزّة، ويقول إنّ التطهير العرقي والتهجير القسري للفلسطينيين، سيُقابل بتمرّد كبير ضدّ الولايات المتحدة ويجعلها العدو الأول في الشرق الأوسط، وسيؤثّر أيضاً على علاقتها بالدول العربية.
أدناه نصّ المقال منقولاً إلى العربية:
في الأسبوع الماضي، زعم ترامب بشكل صادم أنّ الولايات المتحدة ستتولّى "ملكية طويلة الأجل" لقطاع غزة الخالي من السكان وتحويله إلى ريفييرا جديدة.
وعلى الرغم من الإدانة الواسعة النطاق لإصدار اقتراح "يعادل التطهير العرقي"، على حدّ تعبير ممثّل الأمم المتحدة، ظلّ ترامب مصمّماً على خطته، مدّعياً أنّه لن تكون هناك حاجة إلى قوات أميركية لأنّ مليوني فلسطيني في غزة سيغادرون طواعيّة.
إنّ إعادة التوطين الفلسطينية الطوعيّة هي خيال، فسكان غزة لن يغادروا طواعيّة ولن يختفوا سحرياً، وعلينا أن نعلم أنّ الولايات المتحدة لا تعوّل على ذلك.
لذا، انسَ خطاب ترامب الحرفي وفكّر فيما يقترحه بجدّية: إعادة التوطين القسري التي تنفّذها العمليات العسكرية الأميركية أو الإسرائيلية، والتي ستواجه بالتأكيد مقاومة شرسة من حماس.
وبعبارة أخرى، فإنّ الولايات المتحدة سوف تخوض تمرّداً كبيراً آخر في الشرق الأوسط. وسوف تكون هذه المعركة أشبه بمعركة الفلوجة، ولكن على نطاق أوسع. ذلك أنّ عدد سكان غزة أكبر بستة أضعاف من عدد سكان تلك المدينة العراقية في عام 2004، عندما أخضعتها قوات التحالف خلال أسوأ حرب حضرية في حرب العراق.
وتبدو حرب العراق مثالاً واضحاً على ذلك في أكثر من جانب. وطبقاً لروايات واشنطن، فإنّ وزير الخارجية الأسبق كولن باول حذّر جورج دبليو بوش من غزو العراق. ونحن جميعاً نعلم مدى سوء النتيجة التي آلت إليها هذه الحرب.
إنّ خطة ترامب لغزة تشبه قاعدة بوتيري بارن القائلة: "إذا كسرتها، فسوف تشتريها"، ولكن بشكل معكوس: فهو يريد أن تدفع الولايات المتحدة تكلفة احتلال غزة من دون أن تكون هي التي كسرت ذلك.
إنّ تحذيرات كولن باول لبوش بشأن العراق كانت نبوئيّة. فقد أدرك باول عدم القدرة على التنبّؤ بنتائج التدخّل العسكري، وخاصة ضدّ نظام قد يكون هو الشيء الوحيد الذي يربط المجتمع ببعضه البعض. والخطر، كما قال ذات مرة لوالتر إيزاكسون، هو أنّ "الأمر برمّته ينهار، ولا يوجد شيء تحته وستنشأ الفوضى".
ومن المؤسف أنّ حكمة باول ذهبت أدراج الرياح. فقد تبيّن أنّ التصريحات المبتذلة التي أطلقتها إدارة بوش حول نشر الديمقراطية، إلى جانب الطمأنينة التي كانت تبعثها حول "استقبال العراقيين باعتبارهم محرّرين"، كانت مجرّد محاولات حمقاء. وكلّف ذلك الولايات المتحدة 728 مليار دولار، وأسفر عن مقتل ما يقرب من 4500 جندي أميركي، وإصابة أكثر من 32 ألفاً آخرين.
ولكن لماذا تريد الولايات المتحدة أن تعيد هذه التجربة مرة أخرى؟
إنّ أوهام ترامب حول "جعل غزة عظيمة مرة أخرى" أصبحت أكثر انفصالاً عن الواقع نظراً لمدى سوء الظروف مقارنة بالعراق في عام 2003. كان العراق دولة عاملة قبل غزو الولايات المتحدة. واحتفل العراقيون بالإطاحة بصدام حسين، الذي كان طاغية غير منتخب، ومكروهاً بشدة، وبعيداً عن المجتمع، مختبئاً في قصوره العديدة. ومع ذلك، تحوّل أتباعه البعثيون في نهاية المطاف إلى تمرّد قاتل مصمّم على مقاومة الاحتلال الأميركي.
إنّ غزة لم تعمل قط كدولة طبيعية، وهي الآن في حالة خراب. وتتمتع حماس، الجماعة التي تسيطر على غزة، بقدر من الدعم الشعبي، بعد انتخابها في عام 2006، وظلت راسخة في المجتمع الغزّي منذ ذلك الحين.
إنّ سكان غزة العاديين سوف يقاتلون إلى جانب حماس للدفاع عمّا يعتبرونه وطنهم. ومن المؤكد أنهم يكرهون "إسرائيل" بشدّة، وهي التي قتلت نحو 64 ألفاً من سكان غزة في الحرب، وشاركت الولايات المتحدة بمقتلهم من خلال تزويدها "إسرائيل" بالأسلحة اللازمة للقيام بذلك. وإذا أصبحت حماس القوة الوحيدة المعارضة لإعادة التوطين، فإنّ الدعم الفلسطيني لها سوف يزداد.
حذّر قادة الاستخبارات الأميركية في الخريف الماضي من أنّ حرب غزة ستؤثّر على الأجيال القادمة، مع عواقب ليس فقط في "إسرائيل" بل وفي الولايات المتحدة أيضاً. ومن المؤكّد أنّ خطة ترامب للسيطرة على غزة من شأنها أن تجعل الولايات المتحدة العدو العام الأوّل في الشرق الأوسط، مما يؤدّي إلى زعزعة استقرار العلاقات الأميركية مع دول مثل مصر والأردن، وربما بشكل لا يمكن إصلاحه.
فلماذا تريد الولايات المتحدة أن تواجه تمرّداً كهذا؟ هل من أجل الحصول على الواجهة البحرية الغزيّة على حساب مليوني فلسطيني نازح؟
إنّ الشعب الأميركي لا بدّ أن يرفض هذا الجنون بكلّ قوة. ويتعيّن على الولايات المتحدة أن تخرج من أماكن مثل سوريا والعراق، وليس أن تزيد من تعرّضها للعنف في المنطقة.
نقلته إلى العربية: بتول دياب.