"بلومبرغ": هل تستطيع أوروبا ردع روسيا من دون دعم المجمع الصناعي العسكري الأميركي؟
حلم ماكرون الدفاعي يقع في شباك ماسك. هل تستطيع أوروبا ردع روسيا من دون دعم المجمع الصناعي العسكري الأميركي؟
-
إيلون ماسك يرتدي قبعة مكتوباً عليها "جعل أميركا عظيمة مرة أخرى"
شبكة "بلومبرغ" الأميركية تنشر مقالاً يناقش قدرة الاتحاد الأوروبي على مواجهة التهديدات الأمنية، من دون دعم الولايات المتحدة. وطرح المقال مسألة الاعتماد الأوروبي على أقمار "ستارلينك"، التي تملكها "سبَيس أكس"، وسط تزايد النفوذ السياسي لإيلون ماسك، الذي يتبنى مواقف معادية تجاه بعض الدول الأوروبية.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
تشعر رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، بالخوف من صفقة مقترحة، بقيمة 1.5 مليار يورو (1.6 مليار دولار) مع شركة "سبَيس أكس"، التي يملكها إيلون ماسك. حسناً، قد تكون بالفعل مقلقة.
ما بدا في البداية كأنه فرصة لروما في بناء علاقات بإدارة ترامب وتعزيز خبرتها التكنولوجية، يبدو الآن كأنه تهديد للأمن والسيادة، حيث يتحول المجمع الصناعي الأميركي إلى عدائي بشأن التجارة وحلف شمال الأطلسي وأوكرانيا.
في الأيام الأخيرة، أوقفت الولايات المتحدة تبادل المعلومات الاستخبارية مع كييف كجزء من خطة ليّ الذراع بشأن الموارد الطبيعية ومحادثات وقف إطلاق النار، كما ورد أن الوصول إلى شبكة اتصالات الأقمار الاصطناعية "ستارلينك" التابعة لـ "سبيس أكس" كان مهدداً، على الرغم من أن ماسك نفى ذلك.
إنّ الاعتماد على أقمار الشركة الاصطناعية، البالغ عددها 6000 قمر، يبدو خطيراً ومذلاً، نظراً إلى أنه يجمع بين مفتاح القتل الجيوسياسي وتأثير مكبر الصوت لمنصة "أكس" التي يمتلكها ماسك أيضاً. لقد عزز دعايته ضد الزعماء الأوروبيين، الذين يتهمهم بإثارة "حرب أبدية" مع روسيا، وضد كندا، بحيث تمزق إحدى المقاطعات عقد "ستارلينك". لن يؤدي ذلك إلا إلى تسريع الدفع الفرنسي الألماني لتعبئة التريليونات من اليورو في صناديق دفاع إضافية وتوسيع الردع النووي، الأمر الذي يقلب إجماع ما بعد عام 1989. قال لي أكسل فوس، عضو البرلمان الأوروبي الذي ينتمي إلى حزب المستشار الألماني الجديد فريدريش ميرز، هذا الأسبوع في مكتبه في بروكسل، "الآن أو أبدًا"، داعياً إلى مزيد من الاستقلال في التكنولوجيا والدفاع.
لكن هذا يقودنا إلى التحدي الهائل الذي يواجه الزعماء الأوروبيين: إلى أي مدى يستطيع الاتحاد الأوروبي وشركاؤه، مثل المملكة المتحدة أو النرويج، بناء رادع موثوق به ضد روسيا من دون دعم الولايات المتحدة؟ وهي أكبر دولة منفقة على الجيش، وأكبر اقتصاد في العالم، وتمثل 70% من قدرات حلف شمال الأطلسي، وكان لها دور رئيي في تجميد 280 مليار دولار من الأصول الروسية، وإنفاذ العقوبات، وتوريد الأسلحة والتكنولوجيا. هذه فجوات سوف تستغرق كثيراً من الوقت والمال والوحدة لملئها.
إنّ عالم الأقمار الاصطناعية له أهمية خاصة بالنسبة إلى الجيوش الحديثة، وحيوي لحرب الطائرات من دون طيار. لقد ارتفعت أسهم شركة "Eutelsat Communications SACA"، التي اشترت شركة "OneWeb" البريطانية المنافسة لشركة "ستارلينك"، بنسبة 237% في ثلاثة أيام، على أمل وجود شركة "سبيس أكس" أوروبية تنتظر دورها. ومع ذلك، حتى هذا المكسب لم يرفع قيمتها السوقية إلا إلى 3.2 مليارات يورو، وهو جزء ضئيل من تقييم "سبيس أكس" البالغ 350 مليار دولار. ومثل قطاع الفضاء الأوروبي، بشكل عام، فإن "يوتلسات" مقيدة بثقل الماضي: لا يزال نصف إيراداتها يأتي من عمليات الفيديو القديمة، مثل التلفزيون الفضائي، والتي حلت محلها بشكل متزايد تطبيقات بحسب الطلب، مثل "نيتفليكس". وبينما أطلقت "ستارلينك" آلاف الأقمار الاصطناعية في المدار، مستفيدة من هيمنة شركتها الأم في عمليات الإطلاق، فإن شركة "ون ويب" لديها أقل من 700 قمر صناعي. وسوف يستغرق الأمر أعواماً ويكلف مليارات للحاق بالركب. وكما يكتشف بعض الكنديين، هناك عدد قليل من البدائل اليوم.
وسوف ينطوي الطريق إلى الأمام على بعض التنازلات. وإذا كانت السرعة هي جوهر الأمر، فيتعين على أوروبا أن تنفق بسخاء على مئات الطلبات الجديدة للأقمار الاصطناعية، في حين تبتلع كبرياءها وتكثف الحجوزات مع "سبيس أكس" لوضعها في المدار، كما يعتقد عالم السياسة فرانشيسكو نيكولي، من مؤسسة "بروغل" البحثية. وفي أماكن أخرى، سيتعين التفاوض على العقوبات المفروضة على روسيا من دون فرضها من الولايات المتحدة، مع عدم إسقاطها بشكل أعمى. وسوف تحتاج خطط الطوارئ إلى حلف شمال الأطلسي الذي يعاني "الموت الدماغي"، الذي حذّر منه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في عام 2019 إلى إعادة التفكير من حيث تخطيط القوات والاستخبارات وتقييم التهديدات. ويقول هانز كريبي، المحلل في معهد بروكسل للجيوسياسية، إنّ أوروبا، التي تضغط عليها واشنطن وموسكو، قد تضطر إلى وضع مصالحها الخاصة أولاً في التعامل مع قوى أخرى مثل الصين في مسائل مثل القيود على الصادرات.
إنّ ما لا تستطيع أوروبا فعله هو عكس المسار. فالعودة إلى نموذج ما قبل الجائحة وما قبل الحرب، والذي يعتمد على الغاز الروسي الرخيص، وضمانات الأمن الأميركية، وأسواق التصدير الصينية، من شأنها أن تكون محفوفة بالمخاطر ومزعزعة للاستقرار، إلى حد كبير، بغض النظر عن الحنين الذي يسود بعض المناطق إلى ما قدمته أوروبا من "قدرة تنافسية". ومع ذلك، فإن إزالة المخاطر مع إزالة تأثير ماسك في الاقتصاد ليست بالمهمة السهلة.
نقلته إلى العربية: بتول دياب