"المونيتور": نباح أكثر من عضّ.. لماذا لن ينسحب اليمين الإسرائيلي المتطرف من الحكومة؟

بعد أن قبل نتنياهو خطة واشنطن لإنهاء الحرب، يتعين على وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير أن يقررا إذا ما كانا سينسحبان من الحكومة كما هددا.

0:00
  • "المونيتور": نباح أكثر من عضّ... لماذا لن ينسحب اليمين الإسرائيلي المتطرف من الحكومة؟

موقع "المونيتور" الأميركي ينشر مقالاً يتناول الانقسام داخل الائتلاف اليميني الإسرائيلي بعد موافقة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة، ويسلّط الضوء على التوتر بين طموحات اليمين الإسرائيلي وبين الضرورات السياسية والدبلوماسية لنتنياهو، مشيراً إلى أنّ خطة ترامب قد تكون شرارة تفكّك الائتلاف الحاكم، أو ورقة مناورة جديدة بيد نتنياهو للبقاء في السلطة.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

خطة الرئيس دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة، والتي قبلها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تُعرّض الائتلاف اليميني المتشدد في "إسرائيل" لخطر الانهيار.

بعد نجاته من تداعيات 7 أكتوبر، أوضح شركاء نتنياهو في الائتلاف اليميني المتطرف أنهم لن يدعموا خطة ترامب.

يوم الجمعة، ردّت حماس على الخطة، مشيرةً إلى موافقتها على إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين ونقل إدارة غزة إلى هيئة فلسطينية تكنوقراطية، لكنها قالت إنّ كلا الأمرين لن يتم تنفيذهما إلا في ظل "الظروف الميدانية اللازمة" للتنفيذ.

لم تصل الجماعة المسلحة إلى حد تبني الإطار بالكامل. بعد ذلك بوقت قصير، قال ترامب إن رد حماس يشير إلى استعداد الحركة "لسلام دائم" ودعا "إسرائيل" إلى وقف القصف حتى يمكن إطلاق سراح الرهائن بأمان، واضعاً الخطة كجزء من جهود السلام الأوسع في الشرق الأوسط.

لم ينتظر حاملا لواء الحكومة اليمينية المتطرفة، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، زعيم حزب الصهيونية الدينية، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، زعيم حزب القوة اليهودية، عودة نتنياهو من واشنطن يوم الثلاثاء كي ينتقداه بشدة لخضوعه لضغوط ترامب وقبوله ما سماه سموتريتش خطة الاستسلام. وبينما لم يهدد أي منهما بالاستقالة، فإن الانتخابات المقرر إجراؤها في تشرين الأول/أكتوبر 2026 قد تدفعهما إلى الانسحاب وتعزيز دعم ناخبيهما المتشددين.

كانت الخطة التي طرحها الرئيس الأميركي، الذي كان حتى وقت قريب محبوب اليمين الديني المسياني في "إسرائيل"، بمنزلة صفعة على وجه كل من سموتريتش وبن غفير، اللذين كانا يحلمان بموافقة الولايات المتحدة على ضم أراضي الضفة الغربية، وتهجير سكان غزة الفلسطينيين البالغ عددهم مليوني نسمة، واستئناف الاستيطان اليهودي في القطاع. وقبل أيام، كان ترامب قد صرّح بحزم بأنه لن يسمح لـ"إسرائيل" بضم الضفة الغربية المحتلة. وضعت خطة ترامب وتأييد نتنياهو الوزيرين في موقف صعب مع قواعدهما الشعبية، إذ يكافحان لتفسير سبب تأييد رئيس الوزراء الذي أيدوه الآن لخطة يعارضونها بشدة.

لم يفشل رئيس الوزراء في تحقيق رغباتهما فحسب، بل أجبره ترامب على الاتصال بنظيره القطري، محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، والاعتذار له، على محاولة "إسرائيل" في 9 أيلول/سبتمبر اغتيال كبار مسؤولي حماس في الدوحة.

انتقد سموتريتش اعتذار رئيس الوزراء للزعيم القطري، مقارناً إياه بمحاولة رئيس الوزراء البريطاني نيفيل تشامبرلين استرضاء هتلر قبل الحرب العالمية الثانية. وكتب على موقع "X" في 29 أيلول/سبتمبر: "الاعتذار المتواضع لدولة تدعم الإرهاب وتموله هو عار".

بموافقته على خطة إنهاء الحرب التي استمرت عامين، لم يكتفِ نتنياهو بتجاهل مطالب المتطرفين بمواصلة القتال حتى "النصر الكامل" والقضاء على حماس، بل تبنى ضمنياً أيضاً أسوأ كابوس لهم: طريق إلى الدولة الفلسطينية.

ولطالما أثار ذكر هذا الخيار في خطة الرئيس مقارناتٍ مع اتفاقيات أوسلو الإسرائيلية الفلسطينية لعام 1993، الموقّعة في البيت الأبيض، وهي صفقةٌ ندد بها نتنياهو وأنصاره منذ ذلك الحين باعتبارها خطأً تاريخياً.

ومهاجماً نتنياهو مباشرةً، وصف سموتريتش موافقته على خطة ترامب بأنها "مأساة قيادةٍ تهرب من الواقع"، مضيفاً: "سيُجبر أطفالنا على القتال في غزة مجدداً".

لا داعي للاستعجال في الاستقالة

مع ذلك، لا يزال بن غفير وسموتريتش يدرسان خياراتهما. وصرح عضو كنيست من الصهيونية الدينية لموقع "المونيتور"، شرط عدم الكشف عن هويته، بأنّ الحزب يواجه "معضلة كبيرة: هل يستقيل فوراً أم ينتظر حتى يفشل الاتفاق؟".

وأمر بن غفير جميع ممثليه بعدم التعليق علناً على خطة ترامب. ومع ذلك، في اجتماع مجلس الوزراء الذي عقده نتنياهو لدى عودته، وصف بن غفير الاتفاق بأنه "خطر على أمن إسرائيل". ووفقاً لتقرير بثته هيئة الإذاعة الإسرائيلية العامة "كان" في 30 أيلول/سبتمبر، قال بن غفير لنتنياهو: "إنه لا يحقق أهداف الحرب التي حددناها. إنه يسحب الجيش من السيطرة العملياتية على غزة والمناطق المحتلة، ويتخلى عن أمن إسرائيل للقوات الدولية، ويمنح العفو لقتلة حماس. إنه ببساطة أمر لا يُصدق".

وواصل بن غفير انتقاد نتنياهو لتخليه عن التزامات الحكومة المعلنة. وأضاف: "هذه الاتفاقية السيئة تنطوي على إمكانية قيام دولة فلسطينية".

استقال بن غفير من الحكومة في كانون الثاني/يناير احتجاجاً على اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح رهائن مع حماس، لكنه عاد إلى منصبه بعد ذلك بوقت قصير. وأكدت مصادر سياسية إسرائيلية تحدثت مع المونيتور أنّ بن غفير وسموتريتش لا يريدان إجراء الانتخابات قبل موعدها المحدد. أما سموتريتش، فوضعه أكثر خطورة بكثير. إذ تُظهر استطلاعات الرأي أنه بالكاد سيتجاوز العتبة الانتخابية لدخول الكنيست لو أُجريت الانتخابات الآن، بينما يتمتع حزب بن غفير بحضور قوي في الكنيست، بل ويقترب من أرقام ثنائية الرقم في المجلس التشريعي المكون من 120 مقعداً.

مقامرة نتنياهو

قام نتنياهو بمخاطرة محسوبة بموافقته على اقتراح ترامب. حتى لو جرى تقديم موعد الانتخابات إلى ربيع 2026، على سبيل المثال، فسيكون قد نجا من فترة رئاسية شبه كاملة رغم المأساة الهائلة التي وقعت في عهده.

بالنسبة لسموتريتش وبن غفير، فإن ضمّ الأراضي التي يدّعيان أنها حقّ مكتسب لليهود هو الهدف الأسمى، لكن نتنياهو، البالغ من العمر 76 عاماً تقريباً، وهو أطول رئيس وزراء في "إسرائيل" خدمةً، مهتمٌّ أكثر بإرثه.

الجائزة الكبرى لرئيس الوزراء الإسرائيلي ستكون توسيع اتفاقيات التطبيع التي هندسها ترامب عام 2020 لتشمل التطبيع مع المملكة العربية السعودية، وهو هدفٌ يروجه ترامب بقوة. يبدو أن نتنياهو يدرك أنه لا يستطيع الاستمرار في اختبار صبر ترامب بشأن غزة.

من المرجح أن يحاول نتنياهو استرضاء سموتريتش وبن غفير، ربما بتخصيصات ميزانية إضافية لتطوير مستوطنات الضفة الغربية أو تعديلات على خطة ترامب. لكن أفضل رهان له هو أن يأمل أن تؤدي دعوة حماس إلى مزيد من المفاوضات حول التفاصيل إلى إفشال خطة ترامب وحل معضلته.

نقلته إلى العربية: بتول دياب.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.