"أسوشييتد برس": ما هي"DeepSeek" التي قلبت سوق الأسهم رأساً على عقب؟

روبوت الدردشة بالذكاء الاصطناعي الذي ابتكرته شركة التكنولوجيا الصينية الناشئة "DeepSeek" قلب أسواق الأسهم رأساً على عقب. فما هي شركة "DeepSeek"؟ وما الذي يجعل تطبيقها مختلفاً؟

0:00
  • "أسوشييتد برس": ما هي شركة "DeepSeek" التي قلبت سوق الأسهم رأساً على عقب؟

ضجّت الصحف والمواقع العالمية بما أحدثه تطبيق "DeepSeek" الصيني للذكاء الاصطناعي، حيث هزّ أسواق التكنولوجيا في الولايات المتحدة وأوروبا.

وكالة "أسوشييتد برس" الأميركية تنشر تقريراً تحدّثت فيه عن شركة "DeepSeek"، وشرحت مميّزات تطبيقها الذي ينافس "ChatGPT".

أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:

كان الهياج بشأن روبوت الدردشة بالذكاء الاصطناعي الذي ابتكرته شركة التكنولوجيا الصينية الناشئة "DeepSeek" سبباً في قلب أسواق الأسهم رأساً على عقب يوم الاثنين، وأثار المناقشات حول المنافسة الاقتصادية والجيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين في تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

أصبح مساعد الذكاء الاصطناعي من "DeepSeek" التطبيق المجاني رقم 1 الذي يتم تنزيله على متجر "iPhone" الخاص بشركة "أبل" يوم الاثنين، مدفوعاً بالفضول بالمقارنة مع منافسه "ChatGPT". أصبح جزءاً مما يقلق بعض مراقبي صناعة التكنولوجيا الأميركية هو فكرة أنّ الشركة الناشئة الصينية قد لحقت بالشركات الأميركية في طليعة الذكاء الاصطناعي التوليدي مقابل جزء بسيط من التكلفة.

إذا كان هذا صحيحاً، فإنّه يثير تساؤلات حول المبالغ الضخمة من المال التي تقول شركات التكنولوجيا الأميركية إنّها تخطّط لإنفاقها على مراكز البيانات والرقائق الكمبيوترية اللازمة لتشغيل المزيد من التطورات في الذكاء الاصطناعي.

ما هو "DeepSeek"؟

تأسّست شركة "DeepSeek" الناشئة في عام 2023 في هانغتشو بالصين، وأصدرت أول نموذج لغة كبيرة للذكاء الاصطناعي في وقت لاحق من ذلك العام. شارك الرئيس التنفيذي للشركة ليانغ وينفنغ سابقاً في تأسيس أحد أكبر صناديق التحوّط في الصين، "High-Flyer"، والذي يركّز على التداول الكمّي المدفوع بالذكاء الاصطناعي.

بحلول عام 2022، جمع الصندوق مجموعة من 10000 من شرائح معالج الرسوميات "A100" عالية الأداء من "Nvidia" ومقرّها كاليفورنيا والتي تُستخدم لبناء وتشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي، وفقاً لمنشور في ذلك الصيف على منصة التواصل الاجتماعي الصينية "WeChat". قامت الولايات المتحدة بعد ذلك بتقييد مبيعات هذه الرقائق إلى الصين.

قالت DeepSeek إنّ نماذجها الأخيرة تم بناؤها باستخدام شرائح "H800" ذات الأداء الأقل من "Nvidia"، والتي ليست محظورة في الصين، مما أرسل رسالة مفادها أنّ الأجهزة الأكثر فخامة قد لا تكون ضرورية لأبحاث الذكاء الاصطناعي المتطورة.

بدأت شركة "DeepSeek" في جذب المزيد من الاهتمام في صناعة الذكاء الاصطناعي الشهر الماضي عندما أصدرت نموذجاً جديداً للذكاء الاصطناعي تفاخرت بأنه على قدم المساواة مع نماذج مماثلة من شركات أميركية مثل "OpenAI" صانع "ChatGPT"، وكان أكثر فعّالية. وأصبح برنامج الدردشة الآلي متاحاً على نطاق أوسع عندما ظهر على متاجر تطبيقات "Apple" و"Google" في وقت مبكر من هذا العام.

لكن كانت ورقة بحثية متابعة نُشرت الأسبوع الماضي - في يوم تنصيب الرئيس دونالد ترامب نفسه - هي التي أشعلت الذعر الذي أعقب ذلك. كانت تلك الورقة تدور حول نموذج آخر للذكاء الاصطناعي من "DeepSeek" يسمى "R1" أظهر مهارات "استدلال" متقدّمة، مثل القدرة على إعادة التفكير في نهج معيّن في حلّ مشكلة رياضية، وكان أرخص بكثير من نموذج مماثل تبيعه شركة "OpenAI" يسمّى "o1".

وراء القدرات التقنية لـ "DeepSeek"، هناك نقاش داخل الولايات المتحدة حول أفضل السبل للتنافس مع الصين في مجال الذكاء الاصطناعي.

قال المستثمر مارك أندريسن في منشور يوم الأحد على منصة "X"، إنّ "Deepseek R1 هي لحظة سبوتنيك للذكاء الاصطناعي"، في إشارة إلى إطلاق القمر الصناعي عام 1957، الذي أطلق سباق استكشاف الفضاء في الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة.

حذّر أندريسن، الذي نصح ترامب بشأن سياسة التكنولوجيا، من أنّ الإفراط في تنظيم صناعة الذكاء الاصطناعي من قبل الحكومة الأميركية سيعيق الشركات الأميركية ويمكّن الصين من المضي قدماً.

لكن الاهتمام بـ "DeepSeek" يهدّد أيضاً بتقويض استراتيجية رئيسية للسياسة الخارجية الأميركية في السنوات الأخيرة لتقييد بيع أشباه الموصلات المصمّمة للذكاء الاصطناعي في أميركا إلى الصين.

وقال غريغوري ألين، مدير مركز "وادواني" للذكاء الاصطناعي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إنّ "الابتكار التكنولوجي حقيقي، لكنّ توقيت الإصدار سياسيّ بطبيعته"، مستشهداً بإعلان "DeepSeek" الأسبوع الماضي بإطلاق شركة هواوي الصينية الخاضعة للعقوبات الأميركية هاتفاً جديداً خلال المناقشات الدبلوماسية حول ضوابط التصدير التي فرضتها إدارة بايدن في عام 2023.

وقال ألين إنّ "محاولة إظهار أنّ ضوابط التصدير غير مجدية أو غير منتجة هي هدف مهم حقاً للسياسة الخارجية الصينية في الوقت الحالي".

وفي حديثه يوم الاثنين إلى الجمهوريين في مجلس النواب في ميامي، وصف ترامب أخبار "DeepSeek" بأنها "إيجابية" إذا كانت دقيقة لأنها تظهر أنّه لا ينبغي إنفاق الكثير وستحصل على النتيجة نفسها". ووصف التطوّر بأنه "جرس إنذار لصناعاتنا بأننا بحاجة إلى التركيز على المنافسة للفوز".

ووقّع ترامب أمراً في أول يوم له في منصبه الأسبوع الماضي قال فيه إن إدارته "ستحدّد وتزيل الثغرات في ضوابط التصدير الحالية"، مما يشير إلى أنه من المرجّح أن يستمر في نهج بايدن ويعزّزه.

إنّ التقدّم الذي أحرزته شركة "DeepSeek" في مجال الذكاء الاصطناعي من دون القدر نفسه من الإنفاق قد يقوّض الاستثمار المحتمل في الذكاء الاصطناعي بقيمة 500 مليار دولار من قبل "OpenAI" و"Oracle" و"SoftBank" والذي أشاد به ترامب في البيت الأبيض.

وانخفض سهم "Nvidia" بنسبة 17% يوم الاثنين، لكنّ الشركة أشادت في بيان بعمل "DeepSeek" باعتباره "تقدّماً ممتازاً في مجال الذكاء الاصطناعي" والذي استفاد من "النماذج والحوسبة المتاحة على نطاق واسع والتي تتوافق تماماً مع ضوابط التصدير".

ما الذي يجعل "DeepSeek" مختلفة؟

أحد الأشياء التي تميّز "DeepSeek" عن المنافسين مثل "OpenAI" هو أنّ نماذجها "مفتوحة المصدر"، مما يعني أنّ المكوّنات الرئيسية مجانية لأيّ شخص للوصول إليها وتعديلها، على الرغم من أنّ الشركة لم تكشف عن البيانات التي استخدمتها للتدريب.

لكن ما جذب أكبر قدر من الإعجاب حول نموذج "R1" من "DeepSeek" هو ما تسمّيه "Nvidia" "نموذجاً مثالياً لـ Test Time Scaling" - أو عندما تُظهر نماذج الذكاء الاصطناعي بشكل فعّال سلسلة أفكارها، ثم تستخدم ذلك لمزيد من التدريب من دون الحاجة إلى تزويدها بمصادر جديدة للبيانات.

قال لينارت هايم، الباحث في مؤسسة "راند" البحثية: "كنت أعتقد أنّ OpenAI هي الشركة الرائدة، وأن لا أحد يستطيع اللحاق بها. اتضح أن هذا ليس هو الحال تماماً".

نقلته إلى العربية: بتول دياب