"Grayzone": لماذا يمول الجمهوريون الأميركيون رقصات المتحولين جنسياً؟
المعهد الجمهوري الدولي ينظر إلى المثليّين على أنّهم فاعلون تخريبيون على نحو فريد، يمكن توظيفهم للتلاعب بالواقع السياسي في الخارج.
-
"Grayzone": لماذا يموّل الجمهوريون الأميركيون رقصات المتحوّلين جنسياً؟
موقع "The Grayzone" ينشر تقريراً للكاتب وايت ريد، يتحدّث فيه عن أجندة "المعهد الجمهوري الدولي" الذي يرعاه الحزب الجمهوري الأميركي.
وعلى الرغم من أنّ الحزب الجمهوري معارض للمثليّة الجنسية، إلّا أنّ الوثائق كشفت أنّ المعهد المذكور موّل أنشطة للمتحوّلين جنسياً في بنغلاديش، لما لهم من تأثير في عملية التغيير السياسي والأنظمة.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرّف:
على مدى سنوات، هيمنت قضايا الأقلّيات العرقية والمتحوّلين جنسياً على أجندة "المعهد الجمهوري الدولي" في بنغلادش، الذي يرعاه "الحزب الجمهوري" الأميركي، حيث كشفت وثائق مسرّبة أنّ المعهد رعى أكبر دراسة استقصائية منشورة عن المثليّين والمتحوّلين جنسياً في البلاد، وأنّ 24% من أصل 1868 شخصاً ممّن شاركوا في برامج المعهد بين أعوام 2019 و2020 كانوا من المتحوّلين جنسياً. وتعكس هذه الأنشطة خطط الحكومة الأميركية في الخارج، مثل قيام "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية"، كما ذكرت صحيفة "ذا غراي زون"، بتمويل فنّاني "الراب" لتقويض الحكومة الاشتراكية في كوبا وتحفيز الاضطرابات السياسية والاجتماعية.
ومنذ تأسيس المعهد في عام 1983، والمموّل من الكونغرس والذي يديره سياسيون "جمهوريون" ونشطاء مكرّسون لدعم هذه القضايا، تبدّت المفارقة في أنّ رئيس مجلس إدارة المعهد السناتور دان سوليفان، هو معارض شرس لزواج المثليّين، وكان قد وقّع على رسالة الجمهوريين التي تدعو إلى تقييد مشاركة الشباب المتحوّلين جنسياً في الرياضة في بلاده، إلى جانب العديد من أعضاء مجلس إدارة المعهد من الجمهوريين المعارضين لترامب مثل السناتور ميت رومني، فإنّ المجلس يضمّ أيضاً السناتور توم كوتون، وهو حليف بارز لترامب، وكلّ هؤلاء معاً يعارضون بشدّة التدخّلات الطبّية لمتحوّلي الجنس في بلادهم، لكنّهم يدعمون ترويجها في الخارج.
إحصائيات المعهد المثيرة للدهشة حول مشاركة هؤلاء في أنشطة تغيير النظام في بنغلادش، صدرت في تقرير داخلي والذي حصلت على نسخة منه "ذا غراي زون" في العام الماضي، تضمّنت المفاخرة بأصدار 11 منحة لمناصرة فنّانين وموسيقيين ونشاطات أنتجت 225 عملاً فنّيّاً تناولت قضايا سياسية واجتماعية شوهدت ما يقرب من 400.000 مرة، كذلك تمّ دعم 3 منظّمات من المجتمع المدني من المثليّين والأقلّيات العرقية وتدريب 77 ناشطاً وإشراك 326 مواطناً لتطوير 43 مطلباً سياسياً محدّداً، والتي قدّمت أمام 65 مسؤولاً حكومياً.
في المجمل، بين عامي 2019 و2020، رعى "المعهد الجمهوري"، إنتاج 21 عرضاً مسرحياً، 8 أفلام قصيرة ووثائقية، عملين موسيقيين، 30 لوحة تشكيلية، 160 صورة فوتوغرافية، 3 عروض راقصة للمتحوّلين جنسياً، وكتاب واحد. كذلك، حدّد أكثر من 170 ناشطاً "ديمقراطياً" "سيتعاونون معه لزعزعة الاستقرار السياسي في بنغلاديش". لكنّ، المعهد نفى أن تكون العبارة الأخيرة قد ذكرت في تقريره الأصلي.
وقد حضر الأنشطة على نحو متكرّر دبلوماسيون أميركيون، حتّى إنّ السفير الأميركي في بنغلاديش حينئذ إيرل ميلر، ألقى خطاب الترحيب بمعرض فنّي لمدّة 7 أيّام بعنوان "قوّة الفنّ". وعندما أقام المعهد الجمهوري الدولي حدث إطلاق لكتاب يوثّق حياة الأشخاص المثليّين والمثليّات ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسية في بنغلاديش، والذي تضمّن مناقشة جماعية بين هؤلاء، كان هناك أيضاً مسؤول سياسي ومسؤول قنصلي من السفارة الأميركية. وفي العرض الراقص الثالث للمتحوّلين جنسياً الذي أقامه "المعهد الجمهوري الدولي" في كانون الأول/ديسمبر 2020، "كان الضيوف من السفارة الأميركية هم نائب القنصل العامّ ونائب مدير "مكتب الديمقراطية والحقوق والحكم".
كذلك، كانت أصوات المتحوّلين جنسياً تهيمن على المناقشات التي من شأنها أن توجّه تصرّفات المعهد المذكور. وسُجّل 136 عضواً من أصل 308، عند إعداد مقترحات السياسات على أنّهم متحوّلون جنسياً، وليسوا من ثنائيّ الجنس. ووفقاً للوثائق، أنتجت هذه الاجتماعات 60 مقترحاً سياسياً، منها 17 تتعلّق تحديداً بقضايا "الفئتين" المذكورتين.
ولكن، لماذا يشكّل المتحوّلون جنسياً ربع المشاركين في برنامج المعهد، في بلد يبلغ عدد سكانه 173 مليون نسمة، بينما وجد تعداد عام 2022 أنّ هؤلاء يشكّلون 0.007% فقط من السكّان؟
تشير وثائق المعهد إلى أنّ السبب في ذلك هو أنّ المعهد ينظر إلى المثليّين على أنّهم فاعلون تخريبيون على نحو فريد، يمكن توظيفهم للتلاعب بالواقع السياسي في الخارج، وفي مواجهة التمييز والتحيّز، حيث يميل المثليّون إلى المشاركة في أنشطة التغيير الاجتماعي لإحداث تغييرات في السياسة في نهاية المطاف.
يظهر "المعهد الجمهوري الدولي" أنّه كان يحقّق التغييرات المرجوّة ببطء ولكن بثبات، حيث تباهى مؤلّفو التقرير بأنّهم نجحوا في "تأهيل ناشطين جدد وغير مستغلّين من المجتمعات المهمّشة للدفاع عن التغيير مع صنّاع السياسات، لكنهم خلصوا إلى أنّ المستفيدين من المعهد، قطعوا خطوات مهمّة في رفع مستوى "الوعي العامّ" والدعوة إلى التغيير، إلّا أنّ هناك حاجة إلى المزيد من الوقت والموارد والمهارات للاستفادة من هذا النجاح الأوّلي لإضفاء الطابع الرسمي على التغييرات في السياسات العامّة.
وفي العام 2019، أجرى المعهد تقييماً أساسياً خلص إلى أنّ الأشكال الحديثة من النشاط الثقافي غير مستغلّة، وأنّ حملات المناصرة يجب أن تستهدف المسؤولين على المستوى الوطني لتعظيم التأثير.
ورغم أنّ التركيز على قضايا المتحوّلين جنسياً قد يتعارض مع القيم التي يعلنها "الحزب الجمهوري" علناً، فإنّه لا يشير بالضرورة إلى أنّ زعماء الحزب غيّروا سرّاً موقفهم تجاه تعريف الجنس بذكر وأنثى فقط. وكما أشار مؤخّراً مايك بنز، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الذي ساعد على قيادة الجهود الجارية لسحب التمويل عن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية: "إنّ الجمهوريين في المعهد يقومون بحيلة تكتيكية في خدمة فنّ إدارة الدولة".
ويقول بنز إنّ "برامج المعهد هي جزء من التقسيم العرقي ومبادئ حقوق الإنسان التي وضعتها الدولة من أجل الإطاحة بالحكومات والسيطرة عليها". وهذا هو بالضبط ما حدث في العام الماضي في بنغلادش، حين أطيح برئيسة الوزراء المنتخبة الشيخة حسينة، في انقلاب مدعوم من الغرب، والذي أشادت به وسائل الإعلام التقليدية باعتباره انتفاضة ثورية ضدّ طاغية استبدادية. وفي غضون أسابيع، تمّ استبدال حسينة كرئيسة للدولة بمحمد يونس.
ليس من الواضح تحديد مقدار أموال دافعي الضرائب التي أنفقت على بناء قدرات المتحوّلين جنسياً والأقلّيات العرقية في بنغلاديش، ولكن في الوقت الحاضر، لا تزال آليّات التمويل قائمة. وفي حين أمرت إدارة ترامب بتجميد الإنفاق الأجنبي باستثناء "إسرائيل" فقط لمدة 90 يوماً، وخفّضت أعداد موظّفِي"الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" من أكثر من 14000 إلى 294 فقط، لكن المنظّمة الأم "المعهد الجمهوري الدولي"، لا يزال على حاله.
نقله إلى العربية: حسين قطايا.