"فايننشال تايمز": منطقة الشرق الأوسط تقبع فوق بركان

تجد الولايات المتحدة نفسها شريكة في الحرب الدائرة بشكل مطرد، مع تعرّض قواتها للهجوم في العراق، ودعمها لـ"إسرائيل" الذي أدّى إلى تدمير سمعتها في مختلف أنحاء الوطن العربي الذي يستشيط غضباً إثر الدمار الذي لحق بغزة.

  • من مكان الاستهداف الإسرائيلي للعاروري في الضاحية الجنوبية لبيروت (أرشيف)

تحت عنوان "منطقة الشرق الأوسط تقبع فوق بركان"، نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" مقالاً تناول احتمالات توسع المواجهة في الشرق الأوسط إلى أبعد من حدود قطاع غزة، بعد اغتيال "إسرائيل" للشيخ صالح العاروري في ضاحية بيروت الجنوبية، واستهداف قيادي في المقاومة العراقية، وزيادة وتيرة ونوعية الرد من قبل فصائل محور المقاومة في لبنان والعراق واليمن.

فيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:

وقعت الأسبوع الماضي سلسلة من الأحداث دفعت بالمنطقة نحو حافة الهاوية.

على مدى ثلاثة أشهر، وبينما كانت "إسرائيل" تشن هجومها المُدوي ضد حركة حماس في غزة، بقيت المخاوف قائمة من أن تؤدي هذه الحرب إلى إشعال المنطقة بأكملها. وبطريقة ما، امتد الصراع عبر الحدود منذ اللحظة الأولى؛ حيث شنّ مسلحون في العراق أكثر من 100 هجوم على القوات الأميركية في المنطقة، وشنّ الحوثيون المتحالفون مع إيران في اليمن أكثر من 20 هجوماً على السفن التجارية في البحر الأحمر. واندلعت مواجهات يومية بين حزب الله اللبناني، الحليف الأكثر أهمية لإيران في المنطقة، والقوات الإسرائيلية.

حتى الأسبوع الفائت، بقيت الاشتباكات محصورة داخل كل ميدان وضمن خطوط حمراء غير رسمية إلى حدّ كبير. إلّا أنّ هذا النهج بدأ بالتغير ليرفع بذلك نسبة المخاطر إلى مستويات جديدة مثيرة للقلق. فالثلاثاء الماضي، أسفرت غارة بطائرة مسيرة في بيروت عن مقتل الشيخ صالح العاروري، القيادي الكبير في حركة حماس، و6 أعضاء آخرين من الجماعة الإسلامية. ولم تؤكد "إسرائيل" أو تنف مسؤوليتها عن الهجوم، لكنها لم تخف هدفها المتمثل في قتل قادة حماس أينما وُجدوا بعد الهجوم الذي شنه المسلحون في السابع من تشرين الأول/أكتوبر وأدى إلى مقتل ما لا يقل عن 1200 شخص. إلّا أنّ الضربة وقعت في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، واعتُبرت بمثابة استفزاز تعهد الحزب اللبناني بالرد عليه.

بعد ذلك بيومين، قتلت الولايات المتحدة قائداً عراقياً تابعاً لفصيل مدعوم من إيران في غارة ببغداد، فيما قالت واشنطن إنه رد على الهجمات التي تتعرض لها القوات الأميركية. وكانت الولايات المتحدة قد شنّت عدة ضربات ضد المسلحين العراقيين منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، إلّا أنّ هذه كانت المرة الأولى التي تستهدف فيها قائداً كبيراً والعاصمة العراقية.

ووسط هاتين الحادثتين، قتل انتحاريان أكثر من 80 إيرانياً خلال حفل لإحياء الذكرى السنوية لاغتيال قائد الحرس الثوري قاسم سليماني على يدّ الولايات المتحدة. وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن هذه العملية، ما يشير إلى أنّ المسلحين السُنة قد بدأوا بالاستفادة من الاضطرابات الحاصلة في المنطقة.

على المقلب الآخر، حذّرت الولايات المتحدة ومعها 11 حليفاً الحوثيين من أنهم سيواجهون عواقب وخيمة في حال لم يتوقفوا عن تعطيل التجارة البحرية العالمية. إلّا أنّه سرعان ما تحدى الحوثيون هذه التحذيرات، وفجروا سفينة غير مأهولة في البحر الأحمر، رغم أنهم لم يلحقوا أضراراً بالسفن.

هذا وقد أدى تزايد الهجمات من قبل عدد متنامٍ من الجهات الفاعلة إلى زيادة التوترات بصورة حادة. والمطلوب ضبط النفس على جميع الجهات. وكانت الولايات المتحدة قد استخدمت التحذيرات والردع لمنع نشوب صراع أوسع نطاقاً، ومنعت "إسرائيل" من شن ضربة استباقية ضد حزب الله في الأيام التي تلت السابع من تشرين الأول/أكتوبر.

وحالياً، تجد الولايات المتحدة نفسها شريكة في هذه الحرب بشكل مطرد، مع تعرّض قواتها للهجوم في العراق، ودعمها لـ"إسرائيل" الذي أدّى إلى تدمير سمعتها في مختلف أنحاء الوطن العربي الذي يستشيط غضباً إثر الدمار الذي لحق بغزة. ووفقاً لمسؤولين فلسطينيين، فقد تسببت الحرب الإسرائيلية في غزة بدمار كارثي، حيث لقي ما يزيد عن 22500 شخص مصرعهم وخيّم شبح المجاعة على القطاع المحاصر. 

وبالتالي، يتوجب على واشنطن مضاعفة جهودها لتهدئة التوترات على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، باعتبار أنّها الجبهة الأكثر عرضة لإشعال فتيل حرب شاملة. ويسعى المسؤولون الأميركيون للتوصل إلى اتفاق بين حزب الله و"إسرائيل" من أجل تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الذي تم التوصل إليه في أعقاب حرب عام 2006 بين الطرفين على نحو مناسب. وسيؤدي تنفيذ هذا القرار إلى قيام حزب الله بسحب قواته من الحدود، ووقف "إسرائيل" اعتداءاتها الجوية على الأراضي اللبنانية وحل الخلافات القائمة منذ فترة طويلة بشأن الأراضي المتنازع عليها.

إنّ الحل الدبلوماسي ليس مضموناً على الإطلاق، ولكنه يستحق الجهد المبذول. ومع ذلك، فإنّ الحقيقة القاسية تتمثل في أنّ مخاطر نشوب حرب أوسع نطاقاً لن تتضاءل ما دامت "إسرائيل" تمضي في قصف قطاع غزة ومحاصرته.

 

نقلته إلى العربية: زينب منعم.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.