"الغارديان": تصريحات ترامب تهدد مستقبل الفلسطينيين الهش بالفعل

يعود الفلسطينيون إلى الشمال، لكن رغبة الرئيس الأميركي في "تطهير" القطاع، على الرغم من عدم واقعيتها، تثير قلقاً عميقاً.

  • "الغارديان": تصريحات ترامب تهدد مستقبل الفلسطينيين الهش بالفعل

تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن "تطهير" قطاع غزّة من الفلسطينيين، وتهجيرهم إلى مصر والأردن ودول عربية أخرى، أو إلى إندونيسيا، يثير ضجة في مختلف المواقع والصحف العالمية.

صحيفة "الغارديان" البريطانية نشرت مقالاً أبدت فيه وجهة نظرها بشأن هذه التصريحات، التي وصفتها بأنّها غير واقعية، لكنها تثير القلق، خصوصاً أنها تزامنت مع عدد من الإجراءات التي تدعم اليمين الإسرائيلي وخططه في الضفة الغربية.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

إنّ الفلسطينيين يعودون إلى ديارهم في شمال غزة، على الرغم من أنّ القليل من منازلهم لا يزال قائماً. لقد دُمّرت مستشفياتهم ومدارسهم والبنى الأساسية الأخرى. بالنسبة إلى البعض منهم، هناك لمّ شمل حزين حيث يبحثون عن جثث أحبائهم. إنّهم يبحثون عن الأمل وسط أنقاض حياتهم السابقة.

في الأثناء، تلوح في الأفق تهديدات جديدة؛ "إسرائيل" تهدد مستقبل "الأونروا"، وكالة الإغاثة للفلسطينيين. ومن المقرر أن يدخل قانون إسرائيلي ينهي كل التعاون مع الوكالة حيّز التنفيذ يوم الخميس، وينهي تتدفق المساعدات التي تشتد الحاجة إليها في غزة. يقول الخبراء إنّه ليس هناك أي كيان آخر يملك القدرة على تزويد سكان غزّة بالدعم الطويل الأجل المطلوب.

القضية الثانية هي استمرار وقف إطلاق النار واتفاق إطلاق سراح الأسرى. إنّ الانتقال إلى المرحلة الثانية سيكون أكثر صعوبة بكثير. في غضون ذلك، هناك مخاوف بشأن الهجوم الإسرائيلي على جنين، في الضفة الغربية المحتلة، والذي وصفه المسؤولون الإسرائيليون بأنّه تحوّل في أهداف الحرب. وفي لبنان، قتلت القوات الإسرائيلية بالرصاص 26 شخصاً احتجاجاً على استمرار وجودها، وقد تم تمديد الموعد النهائي لانسحابها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار حتى 18 شباط/فبراير.

ولكن التهديد الجديد يتلخص في اقتراح دونالد ترامب في نهاية هذا الأسبوع "تطهير كل شيء"، من خلال تهجير مليون ونصف المليون فلسطيني من غزة مؤقتاً أو لفترة طويلة، وربما إلى الأردن أو مصر. ونظراً إلى تاريخهم من النزوح القسري، فإذا حصل ذلك، ليس لدى الفلسطينيين أي سبب للاعتقاد بأنه يمكنهم العودة أبداً، وستكون هناك نكبة أخرى. في يوم الاثنين، طرح الرئيس الأميركي الفكرة مرة أخرى، وقيل إنّ إندونيسيا قد تكون وجهة بديلة، وهذا أكثر من مجرد فكرة عابرة. وأبدى الرئيس قلقه على الفلسطينيين، قائلاً إنهم "قد يعيشون في مكان أكثر أماناً وراحة"، لكن تجميل الفكرة لا يلغي حقيقة أنّ هذا يعدّ طرداً قسرياً، وحقيقة أن هذا سيكون جريمة حرب.

هذه التصريحات البغيضة هي موسيقى في آذان أقصى اليمين في "إسرائيل"، وربما تكون مقصودة في المقام الأول لمساعدة بنيامين نتنياهو في الحفاظ على شركائه في الائتلاف. وخلال الحرب، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي من المقرر أن يلتقي ترامب في الأسبوع المقبل، خطط "اليوم التالي" في غزة، ويرجع هذا إلى حد كبير إلى سعيه إلى تأجيل تداعيات ذلك على مستقبله السياسي.

إنّ طرد الفلسطينيين من الشمال سيكون أكثر صعوبة الآن بعد عودة مئات الآلاف منهم. ولا تريد مصر والأردن استقبالهم لأسباب سياسية وأمنية. وقد أوضحت جهات قوية أخرى معارضتها، ولا يزال ترامب يأمل في تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية في إطار صفقة إقليمية أوسع نطاقاً. وتأمل إدارته أن يؤدي الضغط الكافي على مسألة المساعدات إلى تهجير صغير الحجم داخل المنطقة، أو ربما تهجير أكبر حجماً إلى مكان آخر.

لا يحتاج اقتراح ترامب إلى أن يكون قابلاً للتطبيق ليكون ضاراً، فهو يعزز اليمين المتطرف في "إسرائيل"، الذي حفّزه بالفعل إلغاء العقوبات الأميركية على المستوطنين العنيفين في الضفة الغربية، ويزيد من نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين.

يبدو أنّ ترامب ينظر إلى الفلسطينيين باعتبارهم عقبة أمام تطوير العقارات وصفقته الكبرى التي ناقشها منذ فترة طويلة، وأنّهم ليسوا بشراً لهم الحق في إبداء رأيهم في حياتهم. غالباً ما بدا التزام الولايات المتحدة بحل الدولتين نظرياً إلى حد كبير، لكنه لا يزال مهماً. ولا يزال الفلسطينيون بحاجة إلى دولة خاصة بهم.

نقلته إلى العربية: بتول دياب.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.