"فايننشال تايمز": هل تُجاري أوروبا واشنطن في سياساتها الحمائية ضد الصين؟

صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية تتحدث عن احتمال فرض أوروبا تعرفات جمركية باهظة على استيراد السيارات الكهربائية الصينية، محذرةً من الانفجار الذي قد يتسبّب به إجراء كهذا، اجتماعياً وسياسياً.

  • يُتوقَّع أن تصبح الصين  المصدّر الأكبر للسيارات هذا العام بينما تشكّل صناعة محركات السيارات أساس الاقتصاد الأوروبي

ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أنّ الكثيرين في أوروبا "يشعرون بالخوف" من تحوّل الولايات المتحدة الأميركية نحو "الحمائية" ضد الصين، ومن السياسة الصناعية، التي يعتمدها البيت الأبيض.

وعلى الرغم من ذلك، فإنه يبدو أنّ أوروبا ستتّخذ مساراً مماثلاً لذلك الذي اتخذته واشنطن، بحسب الصحيفة، في الوقت الذي تدعم الصين صناعة السيارات.

وفي حين تبلغ التعرفة الجمركية الأميركية على السيارات الصينية نسبة 27.5%، تبلغ التعرفة الأوروبية الحالية نسبة 10%.

وإن كانت أوروبا ستتبع خطى واشنطن بشأن أن تصبح أكثر حمائيةً، فإنّها ستقوم بذلك بسبب خوفها من أنّ المنافسة مع الصين تقوّض القاعدة الصناعية الأوروبية، ومعها الاستقرار، اجتماعياً وسياسياً، وفق ما أوردت "فايننشال تايمز".

أوروبا تحتاج إلى الصين

وأشارت الصحيفة إلى أنّ صناعة محرّكات السيارات هي القطاع الصناعي الأهم في أوروبا، وتحديداً في ألمانيا، إذ تشكّل أساس الاقتصاد الأوروبي، بحيث توجد 3 من أكبر 4 شركات سيارات في العالم، في القارة.

لكن يُتوقَّع أن تصبح الصين المصدّر الأكبر للسيارات هذا العام، بحسب الصحيفة البريطانية، في وقت تتمتع الصين بالقوة في مجال تصنيع السيارات الكهربائية، التي وصفتها الصحيفة بـ"سيارات المستقبل".

ووفقاً لـ"فايننشال تايمز"، تقتضي الاستجابة التقليدية للسوق الحرة أن تكون أوروبا "ممتنةً" بشأن تقديم الصين سيارات كهربائيةً رخيصةً إلى الزبائن الأوروبيين، إذ إنّ هذه السيارات أساسية لـ"التحوّل الأخضر" في القارة، الأمر الذي يحفّز على الترحيب بها.

وفي حين تبدو الحمائية حلاً واضحاً ومغرياً للاتحاد الأوروبي، فإنّ الواقع أكثر تعقيداً، بحسب ما ذكرت الصحيفة. وقطاع صناعة السيارات يوفّر ما يزيد على 6% من فرص العمل في الاتحاد الأوروبي، وفقاً للمفوضية الأوروبية. وهجرة هذه الوظائف إلى الصين قد تفجّر الأوضاع، سياسياً واجتماعياً.

اقتصادياً، لا تزال أوروبا في حاجة إلى الواردات الصينية، التي تشمل البطاريات والمعادن، من أجل صناعة السيارات الكهربائية المخصّصة للبيع المحلي، كما قالت "فايننشال تايمز".

في المقلب الآخر، تشكّل الصين السوق الأكبر للسيارات، والمستورد الأكبر للسيارات الألمانية، من شركتي "مرسيدس" وفولكس واغن". وهاتان الشركتان تجنيان نصف أرباحهما، على الأقل، من الصين.

وبحسب الصحيفة البريطانية، سيقابَل فرض أوروبا تعرفات باهظة على السيارات الكهربائية الصينية بردّ من بكين، في الوقت الذي تخسر شركات الاتحاد الأوروبي، الموجودة في الصين، في تراجع يبدو متجهاً نحو التسارع.

وخلصت "فايننشال تايمز" إلى أنّ هذه التعقيدات قد تعني أنّ أوروبا لن تتبع الطريق الأميركي في نهاية المطاف، بحيث سيتعيّن عليها التراجع بهدوء عن تهديداتها الحمائية.

من ناحية أخرى، من المرجح أن يزداد الضغط، سياسياً واجتماعياً، من أجل إنقاذ صناعة السيارات الأوروبية، وهو ضغط سيكثّفه صعودُ الأحزاب الشعبوية والقومية في جميع أنحاء أوروبا.

اقرأ أيضاً: لماذا أوروبا والولايات المتحدة ستختلفان دائماً بشأن الصين؟

اخترنا لك