تجاوز عدد المفقودين في قطاع غزة منذ بدء الإبادة إلى أكثر من 20 ألف مواطن، بين قصف وعدم القدرة على استخراج الجثث، وبين تشوه الجثث والوجوه، أو احتراق الخيام بمن فيها.

الحالة الفلسطينية وكذلك اللبنانية والإقليم في هرج كبير، يعبث به الرأسمالي كيف يشاء، بينما تخنع الإرادة العربية لـ "دولة" الاحتلال الوظيفية الضعيفة والمهترئة.

هل تتجه "دولة" الاحتلال فعلاً إلى اجتياحٍ بري شامل لمدينة غزة بهدف فرض وقائع ديموغرافية وعسكرية؟ أم أنّ الإعلان عن العملية ليس أكثر من ورقة ضغطٍ تفاوضية لانتزاع تنازلاتٍ أكبر؟

ماذا ستفعل إن طُلب منك الخروج من بيتك عنوة، تحت تهديد السلاح، للذهاب إلى مكان بعيد جدًا، وعليك حمل أغراضك التي في بيتك، وإلا فإنك ستموت عطشًا وجوعًا؟!

هل من الجائز أن نتعامل مع الفلسطينيين أنهم بشر من الدرجة الثالثة أو الرابعة، فنلقي لهم الطعام من السماء؟

ما جرى في قطاع غزة لا يهدّد الفلسطينيين فقط، بل يُقوّض النظام العالمي بأسره. إذ إنّ ترك جرائم الإبادة من دون محاسبة المحتل لا يُنتج سلاماً، بل يغرس بذور حروب مقبلة، سيكون العالم كلّه مرشحاً لأن يدفع ثمنها.

غزة اليوم تقرع جدران الخزان، لأجل نفسها والعالم؛ لأن الأخير سيدفع ثمن هذا التجويع واستمراء القتل، لأن العدوى ستنتشر في كل ردهة من ربوعه.

هل نحن نعيش القيامة؟ هل نحن في مرحلة الحساب والعذاب بانتظار دخول الجنة لنتحلل من كل هذا البؤس؟ أم أن المرحلة التالية من الجحيم لم تأت بعد؟

روّج الإعلام العربي مؤخّراً أنّ المقاومة عبث، وتجاهل الدم الذي لا يتوقّف، بينما كانت المؤسسات الإعلامية الفلسطينية والصحافيون والكتّاب تحت مرمى النيران، سعياً نحو إنتاج أمة مهزومة من الداخل.

أين المثقّف مما يجري؟ أين صوت الأدب الذي سيسجّل هذا الصمت المريع؟ أين السينما والمسرح والفن الذي لم يعد يهتمّ بالقضية الفلسطينية؟ وماذا سيكتب التاريخ عن الإبادة الجماعية بحقّ أهل غزة؟