قصص وروايات مؤثرة عن الشعب الفلسطيني
من الكتب الجميلة والهامة التي لا تغيب عن هذه القائمة كتاب "فلسطين + مئة: حكايات من قرن مضى على النكبة" من تحرير بسمة غلاييني الفلسطينية البريطانية التي طلبت من 12 كاتباً أن يتخيّلوا العالم بعد مئة سنة من نكبة 1984 ويكتبوا عن ذلك.
خلال الأسابيع الأخيرة شهدت فلسطين نوعاً من الإبادة الجماعية؛ قُتل عشرات آلاف الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية من جرّاء الغارات الجوية الإسرائيلية، ووصل عدد الجرحى إلى أكثر من 40 ألفاً، وعدد المهجّرين إلى أكثر من مليون؛ ناهيك عن الـ 75 سنة السابقة. ومع هذه الإبادة، تمّ محو عدد لا يحصى من القصص الفلسطينية.
لذلك، يضع موقع ""Literary Hub قائمة بالكتب التي هي بمثابة تذكير بالقصص الفردية الأثيرة للشعب الفلسطيني، والتي من شأنها أن تشكّل مصدراً يرجع إليه كلّ القرّاء المهتمين بتراث الأدب الفلسطيني الغني والنابض؛ سواء في هذه الأيام المرعبة أو بعد انتهاء الاعتداء الحالي على غزة، كما نأمل. ويرجع الفضل في اختيار كتب هذه القائمة إلى عدد من المؤلفين الفلسطينيين والفلسطينيين الأميركيين، وعدد من الكتّاب الآخرين الذين ركّز عملهم على فلسطين وذهب تأييدهم إلى قضيتها.
من أوائل أعمال كنفاني وأوائل أعمال الأدب الفلسطيني التي تتناول التهجير، إذ تروي قصة رحلة مهلكة لثلاثة مهاجرين فلسطينيين إلى الكويت يحاولون عبور الحدود داخل خزّان مياه. ما فعله كنفاني هنا وفقاً للكاتبة الفلسطينية سلمى الدباغ هو "إيصال النبض العاطفي والمباشر للتروما السياسية والشخصية، للحبّ والروابط العائلية، بالإضافة إلى خلق إحساس جمعي بالمقاومة".
"أرابيسك"، أنطون شماس (1986)
نُشرت هذه الرواية أساساً بالعبرية، وفيها يروي شماس قصة عائلته وقريته في الجليل. اختيرت الرواية كأفضل كتب العام من قبل النيويورك تايمز عام 1988. ورغم لغتها، تبقى حكاية فلسطينية شعرية ومعقّدة تحاول من خلال كشف أسرار عائلية ربطَ مسارات عدة شخصيات فلسطينية. تُرجمت إلى عدة لغات، لكن ليس إلى العربية بعد.
نُشر هذا الكتاب أول مرة بالإنكليزية من قبل هذين المؤلّفين الفلسطينيين. وهو يضم مجموعة من الحكايات الشعبية الفلسطينية المليئة بالتفاصيل عن الحياة والثقافة التقليديتين في فلسطين قبل عام 1948. لذلك، في الوقت الراهن، مع انتشار الكذب الصهيوني حول عدم وجود فلسطين والفلسطينيين، يبدو هذا العمل الأنثروبولوجي أكثر أهمية من أي وقت مضى.
"ولدتُ فلسطينية، ولدتُ سوداء"، سهير حماد (1996)
منذ أن ظهرت في أواخر التسعينيات وأوائل الألفينيات، أصبحت حماد الأميركية الفلسطينية رائدة للشعراء الفلسطينيين والعرب الأميركيين الأصغر سناً، وعملها الشعري هذا فلسطيني بعمق مع أنّ فيه أثراً من حياتها في بروكلين. تقول حماد: "رغم أني لا أعرف كيف تبدو فلسطين، لكنها شيء يجري في دمي".
تعد هذه الرواية من أجمل روايات خوري، وهي مستمدة من مقابلات مع لاجئين فلسطينيين. "باب الشمس" هي ملحمة مدوخة ومنسوجة ببراعة عن النكبة، المنفى، الذاكرة، والفقدان. تركّز الرواية على اللاجئين والفدائيين في لبنان زمن مجزرة صبرا وشاتيلا، لكنها كذلك تعود بالتاريخ إلى زمن النكبة وحياة الفلسطينيين في الجليل قبل عدة أجيال. وهي كذلك تحدّثنا عن كهف يلتقي فيه مقاتل من المقاومة بحبيبته سراً، ليكون بمثابة مخبأ للحبّ موجود داخل التاريخ وخارجه في الآن ذاته.
"شارون وحماتي" لسعاد العامري
يقولون إن الألم قد يكون مضحكاً أحياناً. وهذا الكتاب يوضح تماماً هذا التناقض. إنه سلسلة من اليوميات التي تسرد بالتفصيل عبثيّات العيش في ظل احتلال عسكري؛ يوميات تشهد على انتفاضتين، وحصار امتد لاثنين وأربعين يوماً تقضيها بطلة الرواية مع زوجها وحماتها. تضع الكاتبة الصراعات اليومية للفلسطينيين قبالة التوتر المألوف في كل مكان بين الحماة وزوجة ابنها. ربما، عندما تكون الحياة وحشية للغاية، أفضل ما يمكن فعله هو الضحك.
في مثل هذه الأوقات، يرغب جميعنا، كتّاباً وقرّاء، أن يرفع صوته بالصراخ. لكن في "سرحات فلسطينية"، لا يصرخ رجا شحادة؛ بل يقدّم بدلاً عن ذلك رسالة حبّ إلى مكان يتمتع بجمال طبيعي آخذ بالتلاشي تحت قدميه. يحدّثنا شحادة عن ست سرحات مختلفة قام بها خلال الست وعشرين سنة الماضية في المرتفعات الجبلية الوسطى حول مسقط رأسه رام الله. والسرحة هنا مثل النزهة إنما بلا هدف وفيها شيء من البهجة. يقول الروائي الأميركي شالوم أوسلاندر عن الرواية: إنها تحدّثنا كيف "حلّت نقاط التفتيش والبنادق محلّ نباتات المنطقة وحيواناتها. لا صرخات، بل مجرد حبّ وفقدان وتوق: للوطن، للطبيعة، لحياة طبيعية في مكان ذي جمال مذهل مزّقه نهر الدموع الآخذ بالاتساع على الدوام. إنها رواية كافية لجعلك تريد الصراخ".
إيال وايزمان مهندس معماري إسرائيلي في جامعة غولدسميث في لندن. وكتابه هذا ضروري لفهم العنف المكاني للاحتلال الإسرائيلي. من نقاط التفتيش إلى المستوطنات، إلى جدار الفصل والحصار المفروض على غزة، يلقي وايزمان الضوء على الطريقة التي تحوّلت بها الأرض الفلسطينية إلى منطقة عسكرية. هكذا، يوضح هذا الكتاب كيف أن العنف اليومي البطيء واللامرئي الذي يواجهه الفلسطينيون هو عنف بنيوي في طبيعته ومندمج فعلياً في الهندسة المعمارية للاحتلال.
فرضية الرواية هي الاندثار الجماعي للفلسطينيين؛ وهي رغم تراجيديّتها فكرة غير بعيدة عن محاولة التطهير العرقي التي نشهدها اليوم في غزة. تتفحّص عزام إرث الذاكرة وعبئها، وكيف أنها متجذّرة بعمق في الروح الفلسطينية الجمعية. يتحاور علاء مع جدّته الميتة متسائلاً كيف يمكن لمن بقوا في فلسطين أن "يحملوا ذاكرة الذين نجوا، والذين لم ينجوا؟ كيف يعيشون مع ألم ذاكرة الناجين؟".
مخمل هي قصة حياة. إنها قصة حوّا، الشخصية الرئيسية فيها، التي تعيش في مخيم للاجئين في الأردن. تصوّر لنا حبايب معالم الحياة اليومية لحوّا على نحو تفصيلي حسي وعاطفي. إنه كتاب إنساني للغاية، ورغم أنه ليس سياسياً على نحو صريح، لكنه سياسي في عمقه. ففي لحظة الإبادة الجماعية اليوم، فعلُ تصوير من يقع عليهم ذلك الفعل البربري هو في حد ذاته فعل جذري وهام للغاية.
هبة أبو ندى، شاعرة، روائية، ومعلمة، وقد ربحت جائزة الشارقة للإبداع العربي عن روايتها الأولى هذه. أبو ندى شخصية محبوبة في المجتمع الأدبي الفلسطيني، إذ كانت في حياتها وفي كتابتها، مشغولة بالعدالة، وبواقع حياة الفلسطينيين في ظل الاحتلال. تعبّر الرواية عن الواقع الفلسطيني والعربي في زمن الثورات ورغبة الإنسان بالتحرّر والتغيير. وفيها تحاول المزج بين الواقع الفلسطيني تحت الاحتلال، وما شهدته البلدان العربية من انتفاضات بعد العام 2011. قُتلت أبو ندى مع ابنها من جرّاء غارة إسرائيلية على بيتها جنوب غزة في 20 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
"بيوت الملح"، حلا عليان (2017)
كانت هذه الرواية الأولى لعليان. وهي تروي قصة عائلة واحدة عبر ثلاثة أجيال، إذ تصوّر عليان حيواتهم، نزوحهم، وهجراتهم من فلسطين إلى الكويت وأميركا ثم فرنسا. "بيوت الملح" هي "تذكير مؤثّر بالطريقة التي شكّلت بها النكبة، والاستعمار بصورة أعم، تاريخَ الشعب الفلسطيني، أوقاته الحاضرة، والمستقبلية"، على حد تعبير الكاتب الفلسطيني، نيكي قطورة.
تتحدّث الرواية عن جريمة اغتصاب حدثت في صحراء النقب عام 1949، وهي مقسومة إلى قسمين شكلاً وموضوعاً. يصف القسم الأول حياة ضابط إسرائيلي وجنوده المعسكِرين في النقب وكيف قاوموا باغتصاب فتاة صغيرة وقتلها. أما القسم الثاني فيتحدّث عن شابة قرّرت بعد خمسة عقود من حادثة الاغتصاب التوجّه إلى موقع الجريمة لكشف تفاصيلها. ما يربط بين القسمين هو "تفصيل ثانوي" يتعلّق بعيد ميلاد الشابة الذي يصادف يوم حدوث الجريمة. لكن الرواية تذهب أبعد من ذلك رمزياً في محاولة لإعادة النظر في ما هو رئيسي وما هو ثانوي. مُنحت الكاتبة الفلسطينية جائزة ليبراتور برايس لعام 2023، ثم حُرمت حقّها بالتكريم في معرض فرانكفورت على أثر شجبها لما يحدث اليوم في غزة.
"الصحفي الصغير"، نعومي شهاب ناي (2019)
تصوّر هذه المجموعة الشعرية السياسية للفلسطينية الأميركية نعومي شهاب ناي الحياةَ اليومية في ظل الاحتلال الإسرائيلي: الاعتقال غير القانوني للفلسطينيين، الغارات الجوية المرعبة، جدار الفصل الضخم الذي يخترق الأرض الفلسطينية، وما إلى ذلك. وفيها قصائد تفطر القلب عن غزة، كالقصيدة التي تروى من وجهة نظر القمر الذي ينظر إلى الأسفل ولا يعجبه تفجّر القنابل. يقول غسان زين الدين، أستاذ الأدب العربي-الأميركي: "لا تُروى قصائد هذه المجموعة بأصوات تعود إلى مهزومين. بل هي أصوات، رغم ألمها، تهاجم الاحتلال الإسرائيلي وعنفه. إنها أصوات بشرية ترفض أن يتمّ إسكاتها".
"الحياة في ألبوم كاونتري"، نتالي حنظل (2019)
تتسرّب مهارة حنظل في إتقان اللغات إلى شعرها. فهي تتحدّث العربية، الفرنسية، الإيطالية، الإسبانية والإنكليزية، وشعرها يتمتع بموسيقى نادرة؛ كما لو أن الآلات الموسيقية المحلية لكل من تلك البلدان اجتمعت معاً لخلق سمفونية لأجل العالم. وهو العالم الذي تسكنه في هذه المجموعة الشعرية. تتناول هذه المجموعة كلّ حماساتنا البشرية التي تبقى حيّة عبر الحدود: مواطنتنا، هوياتنا، رغبتنا بالانتماء وبالحرية. ورغم أن قصائد حنظل مليئة بالحقائق القاسية، إلا أنها لا تتركنا من دون عزاء.
تقدّم لنا مجموعة القصص هذه نظرة شاملة على الحياة في غزة، ممكّنة إيانا أن نشعر بأنفسنا بنبض الأرض المحاصرة. إن قراءتها أشبه بالقيام بزيارات حميمة من بيت كريم إلى آخر. وبفضل التفاصيل الحسية الاستثنائية فيها، لا نشعر بالتعقيد السياسي للحياة في القطاع فحسب، بل كذلك بالصداقة والحب والأبوة، في سياق مضمّخ بالصراع.
"ورقة وعصا،" بريسلا واثينغتون (2021)
تصوّر قصائد هذا الكتاب حياة الأطفال الفلسطينيين داخل فلسطين المحتلة. وبريسلا مؤهّلة بالفعل لتكتب عن هذا الجانب كونها كانت مديرة تحرير الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال–فلسطين؛ وهي منظمة مستقلة مخصصة للدفاع عن حقوق الأطفال الفلسطينيين. القصائد، فيما تقوله وفيما لا تقوله، توثّق الرعب الذي يعيشه الأطفال في الضفة الغربية وغزة. وهي تذكّرنا بالطرق التي يدمّر بها الاحتلال فكرةَ الطفولة الطبيعية.
نظرة عامة على عناوين هامة:
إضافة إلى هذه الكتب، لا تغيب عن القائمة بالطبع كتب محمود درويش مثل "ذاكرة للنسيان" و"في حضرة الغياب" الذي يعود فيه إلى جوهر المسألة الفلسطينية (النكبة)؛ وقصيدة "انتقام" الشهيرة والهامة للشاعر الفلسطيني طه محمد علي. كذلك، من الروايات التي تلقي الضوء على قضية فلسطين: رواية إيميل حبيبي "الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل"، وهي واحدة من الروايات الأساسية لفهم واقع حياة المواطنين الفلسطينيين أمام خيارات حياة مستحيلة؛ رواية "الباريسي" لإيزابيلا حماد التي تتناول حياة الفلسطينيين عبر معظم القرن العشرين؛ رواية "جمال وجهك" لسحر مصطفى التي تتحدّث فيها عن المهاجرين الفلسطينيين في ضواحي شيكاغو؛ روايتا "أشواك برية" و"باب الساحة" لسحر خليفة؛ ورواية سلمى دباغ "خارج غزة" التي تتناول تعرّض غزة للقصف كما يحدث اليوم.
تذكر قائمة الكتب الهامة لفهم فلسطين أيضاً كتابَ إدوار سعيد "تغطية الإسلام: كيف تتحكّم أجهزة الإعلام ويتحكّم الخبراء في رؤيتنا لسائر بلدان العالم" الذي يتحدث عن رؤية الغرب للعرب وكيف أن المعركة ليست مادية فحسب، بل هي حرب لغة، إدراك، وسرد؛ كتاب أمين معلوف "الحروب الصليبية كما رآها العرب"؛ وكتاب "دليل فلسطين" لمريم شاهين الذي يقدّم إشارات مرجعية تاريخية وثقافية ويتصدّى للكتيبات الإسرائيلية التي تستخدم أسماء مختلفة لبلدات وقرى فلسطين وتهمل طبيعة فلسطين، طرقها، تاريخها، وشعبها؛ وكتاب "في الأدب الصهيوني" لغسان كنفاني.
أخيراً، من الكتب الجميلة والهامة التي لا تغيب عن هذه القائمة كتاب "فلسطين + مئة: حكايات من قرن مضى على النكبة" من تحرير بسمة غلاييني الفلسطينية البريطانية التي طلبت من 12 كاتباً أن يتخيّلوا العالم بعد مئة سنة من نكبة 1984 ويكتبوا عن ذلك. وهذا يدفعنا إلى التساؤل عمَّ سيحدث فعلاً، إذ أننا اليوم في العام 2023 وما زلنا لا نعلم؛ كلّ ما نعرفه أن الاضطهاد والإبادة الجماعية التي تتعرّض لها فلسطين مستمرة، بل وباتت أكثر وحشية من ذي قبل.