مراسم تسليم الأسرى الإسرائيليين.. قراءة في الرسائل والدلالات؟

ثمة رسائل سجلتها كتائب القسام من خلال مشاهد تسليم الأسرى الإسرائيليين المهيبة في قطاع غزة، يمكن الوقوف عندها بالنظر إلى آخر دفعتين أفرجت فيهما المقاومة عن أسرى إسرائيليين.

0:00
  • مشاهد تسليم الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة تعد هزيمة إضافية لـ
    مشاهد تسليم الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة تعد هزيمة إضافية لـ"إسرائيل".

مشاهد تسليم الدفعة السادسة من الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، ضمن المرحلة الأولى من صفقة "طوفان الأقصى" لتبادل الأسرى، حملت رسائل سياسية وعسكرية متعددة إلى كل من "إسرائيل" و الإدارة الأميركية الجديدة التي توعدت غزة بالجحيم مرة وتهجير سكانها مرات، لتأتي الرسالة الأبرز من المقاومة بشكل صريح لا يحمل التأويل، "نحن الجنود يا قدس فاشهدي، لا هجرة إلا إلى القدس". 

تحوّلت عمليات تسليم الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة إلى عمليات استعراض عسكرية مهيبة قامت بها كتائب القسام، لترسل من خلالها عشرات الرسائل، وتعيد كتابة معادلات القوة من جديد، وفي كل عملية تسليم جديدة تتم كانت تقول فيها نحن هنا في أرضنا، باقون ثابتون، نفاوض من موقع القوة لا الضعف، نصنع التاريخ والمجد للأمة، فالهيبة و الكلمة هنا في غزة التي لا تستسلم أو تنكسر.

بأعلام الدول العربية موحدة وكرسي السنوار، بعثت المقاومة الفلسطينية رسائل واضحة إلى "إسرائيل" وإدارة ترامب معاً، رسائل تحمل دلالات هامة، فأعلام الدول العربية موحدة جاءت تعبيراً ورفضاً لمخطط التهجير وإقامة وطن بديل للفلسطينيين في هذه الدول، فيما حمل كرسي السنوار الذي بات يشكل أيقونة عالمية رسالة تفيد بأن "لا هجرة إلا إلى القدس" في دلالة واضحة على رفض مخطط ترامب، فيما حملت صورة المستوطنات الإسرائيلية رسالة عسكرية تعبّر عن نجاح المقاومة في اختراق "إسرائيل" خلال عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر 2023. 

بين رسائل، لا نصر مطلقاً لنتنياهو، ولا مكان لخطة ترامب لتهجير الفلسطينيين وإقامة مشاريع استثمارية، ونحن الطوفان ونحن اليوم التالي وصولاً إلى نحن الجنود يا قدس فاشهدي، تبعث كتائب القسام جملة من الرسائل، إذ أظهرت قوة عروضها العسكرية وسط الدمار الذي خلّفه الاحتلال في حرب الإبادة الجماعية المسعورة على غزة فشلاً إسرائيلياً ذريعاً غير مسبوق، وكشفت حقيقة الهزيمة والخسائر التي تكبّدها كيان الاحتلال، وتقول بالفم الملآن: "لن يكون هناك أي مكان لمخططات ترامب، فالقول هو ما يقوله الشعب الفلسطيني ومقاومته لا ما يقوله نتنياهو أو ترامب أو يطرحه مستشاروه ووزراؤه.

ثمة رسائل سجلتها كتائب القسام من خلال مشاهد تسليم الأسرى الإسرائيليين المهيبة في قطاع غزة، يمكن الوقوف عندها بالنظر إلى آخر دفعتين أفرجت فيهما المقاومة عن أسرى إسرائيليين في إطار صفقة "طوفان الأقصى" لتبادل الأسرى. 

الأولى، اختيار عبارة "لا هجرة إلا للقدس" ومعها مشهد آخر لدخول القدس وتحريرها، تحمل رداً واضحاً على تصريحات ترامب ونتنياهو الأخيرة تجاه إعادة طرح مؤامرات خبيثة تستهدف الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته الوطنية. 

الثانية، رفع أعلام الدول العربية موحدة هي رسالة إلى الدول العربية التي بدأت تجهز وتعد خطة بديلة من خطة ترامب لتقديمها في مؤتمر القمة العربية نهاية شباط/فبراير، بضرورة التوحد تحت راية فلسطين القضية الجامعة، والقدس البوصلة والعنوان في مواجهة العنجهية والصلف الإسرائيلي- الأميركي، وإيجاد خطة دعم وصمود حقيقية تهدف إلى تثبيت الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه. 

الثالثة، صورة كرسي السنوار هي رسالة عسكرية من كتائب القسام مفادها أن المقاومة حاضرة وجاهزة لكل السيناريوهات، لا تتوقف بل تنتصر أو تستشهد في ساحات القتال والمواجهة.

الرابعة، نشر صور المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية المحاذية لقطاع غزة، والتي تحتوي على قواعد عسكرية تم اقتحامها يوم السابع من أكتوبر الماضي هي تعبير عن  هزيمة "إسرائيل" وسيناريو يمكن أن يتكرر مرة أخرى. 

الخامسة، نشر المقاومة فيديو لأحد الأسرى وهو يصطاد السمك بصنارة على بحر غزة ويشيد بمعاملة المقاومة تشكل ضربة للاحتلال ولكل أجهزة المخابرات الغربية التي أطلقت طائراتها التجسسية لمساعدة "إسرائيل" في تحرير الأسرى من قبضة المقاومة. 

السادسة، رسالة إلى كل من يسعى للتلاعب بالمشهد السياسي الفلسطيني أو محاولة إخراج حماس من المعادلة السياسية بعد أن أضحت تشكل رقماً صعباً، بأن المقاومة ركيزة أساسية في حماية حقوق الشعب الفلسطيني وكرامته. 

السابعة، استحضار صور قادة المقاومة ورموزها مثل محمد الضيف والقادة الآخرين الذين استشهدوا خلال الحرب الأخيرة رسالة بأن جذوة المقاومة مستمرة لم ولن تنكسر، رغم استشهاد قادتها العظماء، وأنها قادرة على مواصلة الطريق مهما بلغت درجة التضحيات.

مشاهد تسليم الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة تعد هزيمة إضافية لـ"إسرائيل" التي فشلت في الإفراج عنهم بالخيار العسكري، وفي الوقت نفسه، هي أكبر من احتفالية استعراضية، إذ تؤكد أن كتائب القسام ومعها كل فصائل و أذرع المقاومة الفلسطينية قوية و قادرة على مواجهة كل محاولات القضاء عليها، وعصية على كل محاولات الاستئصال في وقت باتت أوساط إسرائيلية تقر وتعترف بفشل "إسرائيل" في قطاع غزة على مستوى الخطط والأهداف، لا سيما "خطة الجنرالات" التي راهنت عليها "إسرائيل"، إذ تركز النقاشات الجارية في هذا السياق على عنوان مفاده أن "إسرائيل" خسرت الحرب لفشلها في تحقيق أهدافها الأربعة، وخلصت تلك النقاشات إلى أن نتائج الحروب تقاس بمدى قدرة أي طرف على فرض إرادته على الآخر، و أنه رغم الدمار الذي أحدثته "إسرائيل" في غزة، فإن حماس استطاعت فرض إرادتها في وقت باتت "إسرائيل" مهزومة، عسكرياً وسياسياً وأخلاقياً، ومنبوذة على الصعيد العالمي. 

تلك المشاهد التي خرجت بها مراسم تسليم الأسرى الإسرائيليين لن تتوقف عند هذا الحد، وباتت كل الأطراف المعنية تترقب تسليم كل دفعة جديدة لتعرف ما في جعبة المقاومة، فالمرحلة الأولى من الصفقة لم تنته بعد، في وقت باتت الأطراف تتحضر لمفاوضات المرحلة الثانية من صفقة "طوفان الأقصى" التي تشكل انكساراً وهزيمة أكبر لـ"إسرائيل".