كبوجي ودلالات المقاومة في المسيحية

نحن كثيرون بالمقاومة والقتال سواء من ولد منا على سنة الله ورسوله محمد، أو في أجران العمادة وماء القسيسين.

  • كبوجي ودلالات المقاومة في المسيحية
    الأب هيلاريون كبوجي (أرشيف)

بين الاسترجاعات المقدسة، التي تمتد من النيروز وزهر اللوز ويومي الكرامة والأرض، إلى ذكرى النصر المجيد في الجنوب، استرجاعات تخص المسيحية التي ولدت في البر الشرقي للمتوسط، وسط سعي الناس والمستضعفين للخلاص.

لحظات متتالية للطغيان والطغاة والاحتلال كما لابن الإنسان، يصدع بالحق ويستشهد دونه في أربع جهات الأرض، فيصلب المسيح ويرمى الإمام بالسهام: الأول لأنه طرد المرابين اليهود من هيكل آرام وقد وضعوا يدهم عليه وحولوه إلى بيت للصوص، والثاني لأنه جاهر بالحق ضد أصحاب الملك العضوض وقد قال عنهم القرآن في سورة الحجرات (لا تقولوا آمنا، بل قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم) وصار دمهما كما الأمل الذي تبقى من صندوق باندورا.

وقد شاءت الأقدار والعزائم معاً، أن تتواصل الدلالات الاستشهادية في اسكاتولوجيا، كلما ضاقت الأرض بشكوى المعذبين والمقهورين وأنينهم.

طريق طويل من الآلام والشهداء والصابرين والمقاومين، من شوارع القدس العتيقة إلى أسوارها، وهي تحتضن على مرمى باب الواد والقسطل قطرات كما الندى من دماء الأردنيين والفلسطينيين.

 ومن قبل ومن بعد، لاهوت التحرير في بعديه: ظلال كربلاء والعائدين مع إمام الزمان، وظلال المسيح وقد استعادت روحها الحقة، وحررتها من صفقة روتشلد والباباوات التي دمجت عهدين لا يندمجان: عهد المرابين (العهد القديم) وعهد الله لابن الإنسان (العهد الجديد).

فإذا ما ذكرتنا شاشات "الميادين" و"الإخبارية السورية" بالمطران كبوجي وظلال الرها (أورفا) وانطاكيا والاسكندرية، فذلك وفاء للدم الأول في طريق الآلام وتكريماً لكل الراحلين المقاومين، الذين لم يتقمصوا دور الضحية ولم يتسولوا على أبواب الأطلسي وآبار النفط والغاز ولم يبكوا على الأطلال كما الندابات والباكيات على قبر تموز في الشرق القديم.

فما من يوم ثالث أو عاشوراء أو ذبيحة إلهية، أو قيامة أو معراج سماوي، بالدموع والشموع، بل بالصراع والقتال، ديالكتيك الحياة والبقاء والوجود بالفعل وبالقوة.

ذلك ما قاله السيد المسيح (من ليس لديه سيف فليبيع رداءه ويشتري واحداً) وذلك ما قاله أبو ذر الغفاري في صحراء الربذة، وذلك ما كان ملء السمع والبصر بين وادي حجير والليطاني في تموز 2006.

ذلك أننا لسنا أوراقاً صفراء على شجرة جرداء في طريق غودو، ولسنا من يتكالب على بقايا الغنائم في ربع الساعة الأخير، ولسنا الطلقاء الذين حولوا يوم الفتح العظيم في مكة إلى حكم فاسد في بلاط يزيد.

نحن كثيرون بالمقاومة والقتال سواء من ولد منا على سنة الله ورسوله محمد، أو في أجران العمادة وماء القسيسين وقد زادوا عليها ماء الناصري الثاني (جمال عبد الناصر) في قمة الخرطوم وهو يقول: لا صلح ولا اعتراف ولا مفاوضات.

لكبوجي، لأبناء الماء ولكل المعمّدين الذين رفضوا وقاوموا العدو الصهيوني وكل من سار في ركب يهوه وجنوده في غمامة النار وبقية الأكاذيب (التسوية، النقاط العشر والبرنامج المرحلي المزعوم).

لهؤلاء، ترنيمتنا وأجراس اليوم الثالث، مكللين بالشوك حيناً وحيناً بالدم.

منهم من ولد في فلسطين ومنهم من ولد تحت سماء عربية أخرى، ومنهم من ولد في أقاصي الأرض: 

كبوجي، جورج حبش، وديع حداد، ناجي علوش، أنيس صايغ، الياس شوفاني، حنا ميخائيل (أبو عمر) حنا مقبل، نزيه قورة، كمال ناصر، ومن الأحياء الآباء: عطا لله حنا ومانويل مسلم.

ومن الأردن (جلال النحاس، تيريز هلسة، غالب هلسة، مشعل الخيطان).

ومن لبنان، جورج عبد الله وعشرات بل مئات المناضلات والمناضلين في المواجهات والعمليات الاستشهادية، التي واصلت طريق سعادة منذ اعتلائه المشنقة.

وكذلك عشرات المناضلين الأمميين مثل كارلوس وغيره.

 

مسلسل درامي يؤرخ لحياة المطران المناضل إيلاريون كبوجي، وحياته بين حلب والقدس، ونضاله في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.