تحديات
إرادة الأردنيين التي لا تلين والتي تجعل الجميع مسؤولاً أمامها تجلّت في الكثير من الأمور المهمة ما حدا بهم للمطالبة بإسقاط نهج التراجع للخلف، لهذا بتنا نشهد مطالبات بالعودة إلى الدستور وتطبيق المُعطّل في مواده، كما أننا بتنا نشهد المُطالبة الحثيثة بإسقاط مجلس الأمّة بشقيه النواب والأعيان، ناهيك عما تطالب فيه الحراكات بلَجْم دور الديوان المَلَكي بالتدخّل في شؤون الحكومات وفرض آليات جديدة للتعامل مع هذه النقطة تحديداً.
تبدو إشكالية العلاقة بين السلطات في الأردن غير واضحة، إذ لا يمكن أن تكون الأوضاع اليومية هي التصوّر الذاتي لكل فرد يعيش على تراب هذا البلد العربي الذي يُصارِع على عدّة جبهات إقليمية، الأمر الذي يحتوي على إشكاليات وتناقضات على مختلف الأصعدة، الإقتصادية من جانب والسياسية من جانب آخر، ثم إن هناك جملة أبعاد داخلية قد تشكّل حالة جديدة على النسيج الاجتماعي للدولة الأردنية، خصوصاً ما يتعلّق في العلاقة بين الأردنيين من أصل فلسطيني والشرق أردنيين، ما ولَّد آراء ورؤى تختلف مرجعياتها حسب معطيات الفكر الذي تنطلق منه أو الفكر الآخر بعيداً عن انطلاق الرؤية التشخيصية للوضع الراهن.
الوضع الحسّاس الذي يعيشه من جانب، والقضايا الإقليمية على جميع الصعد من جانب آخر، هو عبارة عن جملة من الصراعات التي وجدت لإبقاء الأردن تحت الضرب، داخلياً وخارجياً.
ما حدث مؤخراً من إعادة ترتيب البيت المَلَكي ( الديوان ) يؤشّر إلى الكثير من الأمور التي شكّلت ولا زالت حالة من عدم الرضا لدى الشارع الأردني عن الدور الذي يلعبه في الكثير من القضايا المجتمعية، خصوصاً وأن هناك مَن يعتبر أنه يوجد حكومتان في الأردن، إحداها حكومة الديوان التي تتقاطع سياساتها مع سياسات حكومة الرزاز التي باتت اليوم فاقِدة للثقة من قِبَل الشارع أكثر مما سبق.
إرادة الأردنيين التي لا تلين والتي تجعل الجميع مسؤولاً أمامها تجلّت في الكثير من الأمور المهمة ما حدا بهم للمطالبة بإسقاط نهج التراجع للخلف، لهذا بتنا نشهد مطالبات بالعودة إلى الدستور وتطبيق المُعطّل في مواده، كما أننا بتنا نشهد المُطالبة الحثيثة بإسقاط مجلس الأمّة بشقيه النواب والأعيان، ناهيك عما تطالب فيه الحراكات بلَجْم دور الديوان المَلَكي بالتدخّل في شؤون الحكومات وفرض آليات جديدة للتعامل مع هذه النقطة تحديداً.
الأردنيون يرون اليوم أن إعادة صوغ العمل الحكومي بالشكل الحالي لم يعد فاعلاً متقدّماً في هذا الوقت الذي أصبحت فيه وسائل التواصل الاجتماعي هي سيّدة الموقف، خصوصاً وأن هناك مَن يعمل ضد الدولة من خارجها بقصد زلزلة ما تعارَف عليه الأردنيون بالاستقرار المجتمعي الذي كان إلى حد قريب أنموذجاً للوطنية، فأصبحت مباراة كرة قدم بين الفيصلي والوحدات تهدّد كياناً مجتمعياً عُرِف عنه التماسُك لفترةٍ طويلة، لهذا فهناك مَن يرى أنه لابد من أن يقود الدولة مَن يكون مُلمّاً ببواطِن الأمور سواء كان على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الإجتماعي، وأن يكون واقعياً في المنهج والتعامُل مع الآخرين ، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والعمل على توازن ما بين كل هذه القطاعات والخروج من مأزق التناحُر السياسي والتجاذبي.
عموماً طريق العمل السياسي في الأردن بات غير مقبول في أوساط المجتمع، خصوصاً وأن جمهور الشعب يطمح بحياة حرّة وسعيدة وكريمة تؤمِّن له العيش الرغيد بعيداً عن التناحُرات ولمّ الشمل والاستمرار بالحياة ليكون طريقاً مُعبَّداً إلى الدولة العصرية .
الملك عبدالله الثاني كان قد وجَّه في وقتٍ سابق لإجراء هيكلة في القوات المسلحة ”الجيش العربي“ وباقي المؤسّسات الأخرى، وهو التوجيه الذي أسفر عن إحالة أمراء إلى التقاعد مثل الأميرين فيصل وعلي بن الحسين، وهو اليوم يوجّه إلى هيكلة الديوان الملكي في إشارة واضحة منه إلى أن تلك التغييرات والتركيز على ملف الإعلام، تأتي في وقت ارتكب فيه الطاقم السابق بعض الأخطاء، وفي ظلّ عدم السيطرة على الشائعات التي تُثار بين الحين والآخر، ومنها ما ارتبط بالشائعات التي أُثيرَت حول الملك أثناء قضائه فترة إجازته المُعتادة العام الفائت في الولايات المتحدة الأميركية، هذا بالإضافة إلى ما تردَّد كثيراً مؤخراً حول دور الديوان في التدخّل المباشر في عمل الحكومة.
الأردن اليوم أمام تحديات جِسام أبرزها تلك التي تتعلّق بصفقة القرن، وهي الأبرز اليوم على الساحة الأردنية، بالإضافة إلى طلبه بإعادة النظر في اتفاقية الغاز المُبرَمة مع الكيان الإسرائيلي الغاصِب.
قضايا ساخِنة في الأفق الأردني، تحتاج إلى قراءة وتحليل، وتحتاج لسَبْرِ أغوار السياسة الأردنية داخلياً وخارجياً، ما يمكّننا من معرفة تفاصيل أكثر مستقبلاً.