لبنان ينتخب .. الأصوات قبل الخيار السياسي

تحالفات متشابكة بين أخصام الأمس ترسم صورة التنافس الانتخابي في لبنان. من الشمال إلى الجنوب، أغلبية القوى تفكّر بالأصوات لا بالتحالف على مبدأ القناعات السياسية.

يبدو أن تيار المستقبل والتيار الوطني الحر ماضيان في التحالف في مناطق عدة

تقترب الانتخابات النيابية في لبنان من موعدها المقرّر في ٦ أيار/ مايو القادم، وتقترب معها صورة التحالفات الانتخابية من مرحلة الحسم.

صورة غريبة حد الجنون، متشابكة حد المستحيل، هذا ما تعكسه صفحات التواصل الاجتماعي في لبنان هذه الأيام، فكيف يستطيع الشعب أن يتقبّل فجأة رؤية تحالفات انتخابية واسعة بين أخصام الأمس، شبه الأعداء؟!

رئاسيةً تبدو الانتخابات القادمة أكثر منها نيابية، خاصة في حسابات المرشحين الأوفر حظاً لهذا المنصب بعد خمس سنوات، جبران باسيل وسليمان فرنجية.

الأخير استبق كل التحالفات ليبني تفاهماً انتخابياً مع بطرس حرب، خصم باسيل الأول في منطقته، البترون.

هكذا ظهر أول حلف بين حرب وفرنجية، كخصمين في الخيارات السياسية الاستراتيجية - خاصة بما يتعلق بالمقاومة وسلاحها - حليفين في لوائح الانتخابات، في دائرة منطقتيهما التقليديتين: زغرتا والبترون.

التحالف هذا المقصود من وراءه منع باسيل من دخول المجلس النيابي، بهدف إظهاره غير لائق برئاسة الجمهورية، دفع باسيل إلى التحالف مع خصم فرنجية في منطقة الأخير أيضاً، ميشال معوّض، وهو الذي كاد أن يخرق لائحة فرنجية في الانتخابات الأخيرة لولا فارقاً من مئات الأصوات.

باسيل إذاً، الحليف المهم لحزب الله، يتحالف مع أحد أشد أخصام حزب الله والمحرّضين عليه، ميشال معوّض.

في الشمال أيضاً، فشل من يلتقيان على مواجهة الحريري، أشرف ريفي وخالد الضاهر، بتشكيل لوائح موحدة، بسبب الحسابات الانتخابية، فقرّرا خوض الانتخابات منفصلين بالرغم من قرب توجهاتهما السياسية.

أما تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، خصما الأمس، يبدو أنهما ماضيان في التحالف في مناطق عدة، من صيدا إلى طربلس ربّما أو عكار، في حين يُستبعد التحالف بين حليفَيْ الأمس، تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية.

ما شجع هذه الفرضية مؤخراً والتي يتحدث عنها الجميع منذ أشهر هو التالي:

أولاً، مسؤولون قواتيون يصرّحون عن تعثر المفاوضات مع تيار المستقبل بشأن التحالفات الانتخابية. هذا يعني أن الوساطة السعودية الأخيرة لتشجيع تحالف بين الطرفين، والتي أشار إليها بوضوح الوزير ملحم رياشي قبل الزيارة الأخيرة لرئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري إلى الرياض، لم تحقق مبتغاها.

ثانياً، سُئل الوزير جبران باسيل مساء الأربعاء الماضي في لقاء شبابي عن رأيه ب"خذلان" تيار المستقبل للتيار الوطني الحر بعد عودة الحريري من الرياض، فأجاب: من قال إن تيار المستقبل خذلنا؟

ثابتتان فقط يبدو أنهما ستبقيان ثابتتين وسط كل هذا الجنون الانتخابي:

أولا، تيار المستقبل لن يتحالف مع حزب الله، لأن ذلك يشكّل خطاً أحمر سعودياً، في حين أن الطرفين يحاولان إصلاح ما أفسدته الفترة الأخيرة.

ثانياً، حزب الله لن يتحالف مع خصم سياسي، وهو الذي ما يزال منخرطاً في المعارك في سوريا، مما يجعل من قضية سلاحه أولوية لا تقبل التحالف مع أخصام خيار الحفاظ على هذا السلاح.

وحتى تنجلي الصورة أكثر فأكثر، يبقى الأكثر وضوحاً هو الذهول على وجوه اللبنانيين أمام كل ما يحصل.