"إسرائيل" تتكلم العربية.. غرّد معنا

تحاول الصفحات الإسرائيلية باللغة العربية استفزاز الشباب العربي من أجل إبراز ردود فعله وبالتالي دراسة عقليته لمعرفة كيفيّة التأثير عليها أو محاولة توجيهها.

  • "إسرائيل" تتكلم العربية.. غرّد معنا
    كيان العدو يستهدف الجمهور العربي عبر هذه الصفحات لأغراضٍ عدةٍ

بالتزامُن مع العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك يُغرِّد المُتحدِّث بلسان ما يُسمَّى "جيش الدفاع الإسرائيلي" أفيخاي أدرعي - كما كل عام- عن فضل ليالي القدر ناشراً تصميماً يحوي قولاً للرسول الأكرم عن فضل هذه الليالي، ومن الحديث عن العشر الأواخر إلى مُعايدة الفنانة نانسي عجرم بحلول عيد ميلادها، وما بينهما منشورات غنية بالأكاذيب والحقائق المزوَّرة.

الواقع أن أفيخاي أدرعي ليس وحده مَن يُخصِّص تغريدات للعالم العربي بل أيضاً صفحة "إسرائيل تتكلّم باللغة العربية" وبعض الصفحات الأخرى. 

هذه الصفحات يٌتابعها فنانون وممثلون وحسابات إخبارية عربية، ولا يقتصر الأمر فيها على المتابعة المُتبادَلة بل على التفاعُل والردّ والتعليق والنقاش.

تهدف هذه الصفحات الإسرائيلية في الفضاء الافتراضي بحسب عُلماء الاجتماع إلى كَسْر الحاجز النفسي الاجتماعي الموجود في المجتمعات العربية الإسلامية تجاه كيان العدو، الذي لا يمانع التواصل حتى بالمعنى السلبي، أي النقاش أو المواجهة أو حتى الشتم. المهم تحقيق التواصل بحد ذاته تمهيداً لجعله "طبيعياً" ولو كانت طبيعته سلبية. ذلك أن العدو يعرف مُسبقاً أن الجزء الأكبر من جمهور هذه الصفحات سيكون جمهوراً معارضاً، ولكن الهدف واضح كما ذكرنا وهو جعل التواصُل أمراً طبيعياً.

وهذا ما قد سبقت إليه بعض القنوات العربية مثل قناتيّ الجزيرة والعربية اللتين استضافتا شخصيات "إسرائيلية" حتى أصبحت هذه الاستضافة لدى الجمهو العربي أمراً عادياً في حين أن الموقف المبدئي من العدو هو أن التفاعُل مع كيان العدو "مُحرَّم" بأيّ شكلٍ ومنه التواصُل عبر مواقع التواصُل الاجتماعي.

فمُجرَّد الاستدراج للتواصُل - وإن كان سيحوي الفكر الرافض لكيان العدو أو النقاش معه ورفض مواقفه- يعني أن الحوار أصبح ممكناً، وهذا أحد أهم أهداف العدو، باعتبار أن "الحوار المُمكن" له أن يكون سلبياً وله أن يكون ذا طابع إيجابي.

الحوار المُمكن الافتراضي يمكن أن يتطوّر ويصبح حواراً في الواقع، في حين أن الموقف الأساسي منه هو موقف المقاطعة والمقاومة والمواجهة، من هنا يُعتبر التفاعُل نوعاً من التطبيع غير الواعي، إذ أنه يشكّل حال انفتاح على العدو وهذا ما يتنافض مع الهدف الأساسي وهو عزل العدو كما يؤكّد مُتخصّصون في عِلم الاجتماع.

كيان العدو يستهدف الجمهور العربي عبر هذه الصفحات لأغراضٍ عدةٍ تتمثّل باستخدام هذه القوّة الناعِمة كي تؤثّر على رأي  الجمهور لا سيما الجمهور الرمادي غير المؤيِّد للمقاومة. وبالتوازي تحاول استفزاز الشباب العربي من أجل إبراز ردود فعله وبالتالي دراسة العقلية العربية لمعرفة كيفيّة التأثير عليها أو محاولة توجيهها. 

أبعد من ذلك تحاول صفحات "إسرائيل تتكلّم بالعربية" وحساب أفيخاي أدرعي وغيرها تشتيت الفكر وهزّ المُعتقدات لاسيما لدى الفئات التي لا تمتلك الثقافة التاريخية اللازمة عن القضية الفلسطينية، لذا نرى منشورات تحاول الإقناع باستخدام العاطفة لتلميع صورة كيان العدو وتشويه صورة المقاومة  كنشر صورة لجندي يسقي الماء لأحد الأطفال الفلسطينيين، وصورة للشتاء في الحرم المكّي، أو معلومات مُضلَّلة مثل أن سماحة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله قتل الشهيد مصطفى بدر الدين وغيرها من المنشورات.

هذه الصفحات الافتراضية يمكن أن يكون لها أيضاُ طابع أمني، عبر استهداف المُتفاعلين ونَسْج علاقات معهم ما يسهّل عملية الاستقطاب والتجنيد، لتكون هذه أحد الأسلحة الناعِمة التي تشكّل خطراً على الهوية الثقافية والموقف من القضية الفلسطينية بدءاً من التفاعُل مع الصفحة وصولاً إلى التعامل مع العدو وجعل العلاقة طبيعية معه.

 

اغتصبت فلسطين في يوم النكبة، وفي يوم القدس العالمي إحياء لقضية فلسطين في نفوس كل المقاومين، وبين اليومين تاريخ نضال وتضحيات.. في زمن القدس، تغطية خاصة حول فلسطين والقدس، ومحاولات التطبيع المستمرة، التي بدأت تأخذ بعداً أكثر مباشرة ووقاحة.