إفريقيا مختبر الدواء.. الوجه البشع لأوروبا العنصرية

التصريحات العنصرية المقيتة أشعلت شبكات التواصل الاجتماعي في فرنسا، خاصة أن الجالية الإفريقية والفرنسيين من أصول فرنسية يعدّون بعشرات الملايين.

  • إفريقيا مختبر الدواء.. الوجه البشع لأوروبا العنصرية
    موجة الاستنكار والغضب، لم تتوقّف عند النجوم، وصنّاع الرأي في فرنسا، وإفريقيا

في الوقت الذي كانت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، تصوّت على قرار بالإجماع لتوحيد المجهود الدولي والإنساني لمواجهة فيروس كورونا، كانت مواقع التواصل الاجتماعي، في فرنسا، والعديد من الدول الإفريقية، تغلي على وقع حادثة يعكس جانباً منها، جوهر الأزمة القيمية والفكرية والسياسية التي تعاني منها المجتمعات الأوروبية، لجهة سيطرة وسطوة التيار اليميني العنصري الشعبوي، على جزء هام من المشهد السياسي في القارة العجوز.

طبيبان فرنسيان، وعلى قناة إخبارية، من أكثر القنوات مشاهدة في فرنسا، يناقشان موضوع التجارب التي تجريها عشرات المراكز البحثية في العالم، والمعاهد الفرنسية على وجه الدقة؛ يسأن جون بول ميرا، رئيس مصلحة  الإنعاش في مستشفى كوشان بباريس، محدّثه في قناة "أل سي إي"، الإخبارية، مانويل لوشيت، وهو مدير مركز أبحاث تابع لأحد المعاهد الطبية الفرنسية، يسأله قائلاً: "سأكون مستفزّاً، هل ترى أنه ليس من المُستحسن أن يتم تجريب لقاح كورونا في إفريقيا، أين لا توجد كمامات ولا أجهزة تنفس ولا وقاية".

يرد عليه الباحث مانويل شيت قائلاً: "أوافقك الرأي، وتم فعلاً في السابق تجريب لقاحات، السل والسيدا، من طرف المختبرات الطبية العالمية في القارة الإفريقية، وأيضاً في أوساط بائعات الهوى".

هذه التصريحات العنصرية المقيتة أشعلت شبكات التواصل الاجتماعي في فرنسا، خاصة أن الجالية الإفريقية والفرنسيين من أصول فرنسية يعدّون بعشرات الملايين، في حين تتجاوز الجالية الجزائرية لوحدها الخمسة ملايين نسمة.

وإن جاءت ردود فعل بعض الساسة والمُثقفين الفرنسيين رافضة ومُستنكرة لهذه الحادثة، إلا أن ردود الفعل الأكثر غضباً جاءت من رموز ونجوم من الدول العربية والإفريقية.

قلب هجوم المنتخب الجزائري لكرة القدم، والذي ينشط في البطولة الفرنسية، أندي ديلور، الذي سبق له أن خاض معارك صاخبة مع  الإعلام الفرنسي العنصري غرّد عبر صفحته على تويتر قائلاً "العنصرية غباء مقيت".

النجم الكاميروني، والهدّاف في نوادي تشيلسي وبرشلونة صامويل إيتو، كتب مستهجناً وغاضباً عبر صفحته على أنستغرام: "من دون شك، إفريقيا هي ملعبكم"، في إدانة أخلاقية وسياسية للغرب بشكلٍ عام، ولشركات صناعة الأدوية في الدول الأوروبية والأميركية.

ديديه دروغبا الهدّاف التاريخي لمنتخب كورت دي فوار ونادي تشلسي الإنكليزي، دخل على خط ردود الفعل الغاضبة وكتب يقول "من غير المعقول أن نستمر في التحذير كل مرة، إفريقيا ليست مكاناً للتجارب، أودّ أن أدين بوضوح تلك الكلمات المهينة والكاذبة، والأهم من كل ذلك هي عنصرية واضحة".

موجة الاستنكار والغضب، لم تتوقّف عند النجوم، وصنّاع الرأي في فرنسا، وإفريقيا. الآلاف من روّاد مواقع التواصل الاجتماعي  في الجزائر أعادوا نشر الفيديو مشفوعاً بتعليقات مندّدة وغاضبة من مستوى الانحطاط الأخلاقي والإنساني للطبيبين الفرنسيين، اللذين كانا يستعجلان لقاحاً للشعب الفرنسي، على حساب أجساد إفريقية أنهكتها على مدار عقود، سياسة غربية جائرة.

ورغم أن الأجواء السياسية والإعلامية مُلبّدة حالياً، بعواصف فيروس كورونا، الذي يحصد آلاف الأرواح يومياً، وأدخل شركات ودولاً بأكملها في حال موت أكليني اقتصادياً، إلا حادثة "إفريقيا حقل تجارب"، أعادت طرح أسئلة حرجة وجوهرية حول تمدّد التيارات اليمينية المتطرّفة في المجتمعات الأوروبية ووصولها إلى مؤسّسات صناعة القرار في هذه الدول. وقد يكون القادم أسوأ بهذا الخصوص.

 

أعلنت منظمة الصحة العالمية في 31 كانون الأول/ديسمبر 2019 تسجيل إصابات بمرض الالتهاب الرئوي (كورونا) في مدينة ووهان الصينية، ولاحقاً بدأ الفيروس باجتياح البلاد مع تسجيل حالات عدة في دول أخرى حول العالم.