لماذا نتنياهو غاضِب من "فايسبوك"؟

محاولة "فايسبوك" العمل على منع انتشار الأخبار الكاذِبة قبل الانتخابات في كيان العدو وفي الولايات المتحدة تُثبت أن منصَّة التواصُل الاجتماعي باتت اليوم جزءاً لا يتجزّأ من مسار الترويج الانتخابي.

  • لماذا نتنياهو غاضِب من "فايسبوك"؟
    نتنياهو يتصل بزوكربرغ بهدف تفادي الثغرات السابقة التي مُنيَت بها حملته خلال الانتخابات الماضية على فيسبوك

ضبطَ رئيس حكومة "إسرائيل" بنيامين نتنياهو آخر أوراق حملته الانتخابية، بعدما أظهر اهتمامه بضرورة انتشارها على مواقع التواصُل الاجتماعي. 

هذا الاهتمام تمَظْهَر بالاتصال الشخصي مع مؤسِّس شبكة "فايسبوك" مارك زوكربرغ بهدف تفادي الثغرات السابقة التي مُنيَت بها حملته خلال الانتخابات الماضية على الموقع الأزرق، حيث شدَّد نتنياهو على ضمان حماية نشاط حملته في الفضاء الافتراضي، إلا أنه لفت بحدِّةٍ إلى أن  منصَّة "فايسبوك" تعاملت "بعدم إنصاف" مع الحزب ومؤيِّديه خلال الحملة الانتخابية السابقة، من خلال حَظْر بعض أنشطة حزب الليكود الدعائية.  على إثر ذلك تعهّد زوكربرغ بالنظر في الشكوى مؤكِّداً أن "فايسبوك" منصَّة مفتوحة أمام جميع الآراء.

هذه الضغوط الممارَسة من قِبَل نتنياهو على "فايسبوك" ليست في محلّها إذا نظرنا إليها لناحية المُخالفات التي ارتكبها حزب الليكود ولناحية خرق شروط النشر التي وصلت إلى حد أن أقدم نتنياهو شخصياً على نشر استطلاعات للرأي العام قُبيل الانتخابات، ما دفع بشركة "فايسبوك" بمنعه من إمكانية إرسال رسائل خاصة لمدَّة 24 ساعة.

مع ذلك فقد أُخِذَ اتصاله على محمل الجد، فما هي إلا أيام قليلة حتى جدَّد زوكربرغ المطالبة بضرورة إقامة تنظيم عالمي للمحتوى السياسي المنشور على مواقع التواصُل، لافتاً إلى أن الشركة من جهتها ستبحث في إطلاق أنظمة تعديل المحتوى من خلال المراجُعات الخارجية، أي يمكن تعديل المحتوى السياسي المنشور على الصفحة لضمان شفافيّة ومصداقية المحتوى المنشور، وبذلك لا يكون أي تعديل على المحتوى حكراً على الناشِر الأصلي بل على المتلقّي أيضاً، ما يضمن عدم انتشار المحتوى السياسي المضلّل خلال الانتخابات.

قَوْنَنَة الدعاية السياسية التي طالب بها زوكربرغ وجعلها مسؤولية الحكومات في العالم، رفعت المسؤولية عن شركة "فايسبوك" التي طالما حوكِمَت جرَّاء تسريب البيانات التي تُعنى بالناخبين، كما جرى خلال فضيحة "كامبريج أنتيليكا" التي دفع ثمنها "فايسبوك" مالاً وموقعيّة وثقة . 

وجد زوكربرغ الحل الأمثل عبر قلب الأدوار، عِلما أن مساعي الشركة للحد من الدعايات السياسية المضلّلة أو منع تسريب البيانات خلال فترات الانتخابات تنال أولوية لدى "فايسبوك"،  حيث كثَّفت الشركة مساعيها قبل الانتخابات الأميركية المقبلة لتتوصَّل مؤخراً  إلى اتفاقٍ مع وكالة "رويترز" للأنباء، للتحقّق من المحتوى المنشور على منصَّتها للتواصُل الاجتماعي وعلى تطبيقها "إنستغرام"، حيث أعلنت الشركة عن إنشاء "مجلس رقابة مستقل"، يسمح بالمراجعات الخارجية لأنظمة تعديل المحتوى الذي أنشأه المستخدمون، بالإضافة إلى مراجعة عناوين الأخبار، ومن ثم نشر النتائج التي توصّلت إليها في مدوّنة Reuters Fact Check الجديدة  مع إدراج إذا ما كان المحتوى خاطئاً أو خاطئاً  جزئياً أو صحيحاً. بعدها يقوم "فايسبوك" بتصنيف منشورات المعلومات وتقليصها ثم نشر الصحيح منها.

محاولة "فايسبوك" العمل على منع انتشار الأخبار الكاذِبة قبل الانتخابات في كيان العدو وفي الولايات المتحدة تُثبت أن منصَّة التواصُل الاجتماعي باتت اليوم جزءاً لا يتجزّأ من مسار الترويج الانتخابي، حيث أصبحت  قَوْنَنَة انتشار الدعاية السياسية والأخبار التي تُعنى بالمرشَّحين عبر منصَّة "فايسبوك" من أولويات الحكومات لما للمنصَّة من تأثير فعلي على الرأي العام، وبالتالي حَرْف مسار الانتخابات لصالح مُن يُجيد التعامُل معها.

من هنا فإن البُعد السياسي للمنصَّة من شأنه أن يتطوَّر يوماً بعد يوم، في حين تقوم الشركة بالعمل على تطوير جميع أبعادها الأخرى الاقتصادية والإعلامية والخدماتية، إضافة إلى الجانب الاجتماعي بطبيعة الحال، وهنا تُثار التساؤلات إلى أين سيصل عملاق مواقع التواصُل الاجتماعي في تطوّره وإلى أيّ حدٍ ستبلغ سلطته بعد أن أصبح ذا شأنٍ بالنسبة إلى الحكومات وسبيلاً للوصول إلى السُلطة.