يا لغرابة الخبر: موت جندي فرنسي في العراق!

فرنسا بالإعلان عن مقتل جنديها في العراق تبعث برسالة لا يصدقها أحد بأنها تدافع عن حرية الشعوب، وعن الديمقراطية، وأنها ليست نهّابة مُحتلة.

  • يا لغرابة الخبر: موت جندي فرنسي في العراق!
    يا لغرابة الخبر: موت جندي فرنسي في العراق!

أدهشني الخبر الذي سمعته وقرأته يوم الإثنين 28 آب/أغسطس 2023: مقتل جندي فرنسي في العراق!

أمّا سبب دهشتي فيعود إلى أنني لم أكن أعرف أنه يوجد لفرنسا وحدات عسكرية في العراق، وأدهشتني بعض تفاصيل الخبر: أن الجندي لقي مصرعه وهو يشارك في ملاحقة مجموعات داعش، وهذا لتبرير تواجد وحدات فرنسية في العراق، وقيامها بمهمة لمصلحة العراق ونُصرته على بقايا داعش. وتساءلت: ألم ينته داعش في العراق بعد؟ وأين الجيش العراقي، أهو غير قادر على مواجهة داعش وبقاياه؟

أتساءل لأنني أرى وحدات الجيش العراقي وهي تطارد فلول داعش في المناطق العراقية النائية، براً وجواً، وتؤدي دورها في حماية الوطن، بالصوت والصورة..

لماذا تعلن السلطات الفرنسية عن مقتل جنديّها (المدافع عن الحريّة في العراق) في هذا الوقت؟!

لأنها تريد تجميل صورة فرنسا، وتنظيفها من التهم التي توجّه لها حالياً في أفريقيا، وتحديداً في النيجر، فهي هناك نهبت البلاد، وبخاصة اليورانيوم والذهب، ورغم ثروات النيجر فشعبها يعيش في حالة فقر مدقع وهذا ما دفع جيش النيجر لإنهاء هيمنة فرنسا على البلاد ونهب ثرواتها. 

ليس سراً أن فرنسا ما زالت تنهب ثروات بعض دول القارة السمراء، وأنها لم تدافع يوماً عن حرية واستقلال أي بلد أفريقي أو آسيوي، وأنها تمتعت بثروات البلاد المستعمرة، بل ودفعت بناسها لخوض الحروب تحت راية فرنسا في معارك لا تعنيها.

أمّا عنا نحن العرب، فلا نتذكّر من فرنسا سوى احتلالها لبلاد الشام بعد سقوط الدولة العثمانية، وتقاسمها بلادنا بالصفقة الفرنسية البريطانية (سايكس – بيكو)، وتزويدها الكيان الصهيوني بالمفاعل النووي الذي مكنه من امتلاك أزيد من 200 رأس نووي. والتسبب بألوف الشهداء بثورات سوريا ولبنان لنيل الاستقلال وطرد قوات الاحتلال الفرنسي.

وهل ننسى ثورة الجزائر، ثورة المليون ونصف المليون شهيد التي تكللت بانتصار شعب الجزائر العظيم وكنسه لفرنسا من الجزائر عام 1962 بعد 132 سنة على الاحتلال الفرنسي، و8سنوات من التضحيات والبطولات الجزائرية التي أبهرت العالم وباتت قدوة لشعوب العالم، وفي المقدمة شعب فلسطين الذي ما زال يقاوم ولا تعترف فرنسا له حتى (بدويلة) على بعض أرضه!

نحن نعلم، بغير قناعة، أن وحدات عسكرية أميركية ما زالت في العراق بحجة (التدريب) والانتفاع بعمل الخبراء الأميركيين كمستشارين عسكريين، ولكننا نرى القوّات الأميركيّة تتنقل في أرتال كبيرة مخترقة الحدود العراقية السوريّة، وتضع يدها وأتباعها (قسد) على آبار النفط والغاز السورية في شمال شرق سوريا، وتحرم الشعب السوري من ثرواته، وتضعه في حالة اختناق حياتي لافتقاده لنفطه وغازه وقمحه الذي يُنهب ببلطجة أميركية وتبعية الأدوات الذين يطعنون سوريا الأم التي وفرّت لهم دائماً العيش بكرامة، ومنحتهم الحقوق التي تساويهم بكل مواطني الجمهورية العربية السورية.

إذا كانت القوات الأميركيّة في العراق موجودة كمدربين ومستشارين، فلماذا تتنقل بين العراق وسوريا، وتنهب ثروات الشعب السوري، وتضعف وتستنزف سوريا بـ "قانون قيصر"، وفعلياً ببسط نفوذها غير الشرعي مستندة لتواجدها في العراق؟!

حق سوريا على العراق أن تمنع سلطاته عبور الجيش الأميركي حدوده مع سوريا، واستحواذه على كميات نفط سورية، وعلى نهبه لثروات سورية من نفط وغاز وقمح، وهذا أقل ما تقدمه الدولة العراقية لسورية التي دعمت المقاومة العراقية وسلحتها وكانت سبباً رئيساً في انتصار العراق على الاحتلال الأميركي، الذي عاد فيما بعد وتغطّى بوجود وحداته العسكرية كمستشارين ومدربين.

فرنسا بالإعلان عن مقتل جنديها في العراق تبعث برسالة لا يصدقها أحد بأنها تدافع عن حرية الشعوب، وعن الديمقراطية، وأنها ليست نهّابة مُحتلة، وأيضاً تريد أن تأخذ حصّة من ثروات العراق خاصة وخسائرها في أفريقيا تتوالى.

شعب سوريا الأبي الذي وقف دائماً مع شعوب الوطن العربي مشرقاً ومغرباً يستحق الوقوف معه اقتصادياً وسياسياً وعلى كافة الصعد، فشعبه يعاني، بل يختنق اقتصادياً، هو الذي عمّ خير بلده سوريا دائماً على عموم الوطن العربي.

تضع كل عربي، كل شعب عربي، كل بلد عربي أمام واجبه القومي، ولا تقبل بالمبررات والأعذار لتبرير خذلانها، فلا حجج تبيح لأحد أن يتفرّج على نهب ثروات سوريا وحرمان شعبها منها. وهو قادر على دعم سوريا في التصدي للمحتلين بتاريخهم الأسود المعروف، من أميركيين وفرنسيين.

أبسط فعل أن يمنع العراق القوات الاحتلالية الأميركية من نقل الأسلحة والمعدات العسكرية من قواعده في العراق إلى سوريا لمواصلة سياسة العدوان والنهب، وتشديد الحصار.

معركة الحريّة والتحرير الكامل للعراق وسوريا واحدة، ولا يجوز أن تتحملها سوريا وشعبها وجيشها وقيادتها نيابة عن الأمة كلها، وتحديداً عن العراق وسوريا.. فالأقربون أولى بالمعروف، وسوريا قدمت (المعروف) كثيراً للعراق بالوقوف مع شعبه ومقاومه للاحتلال الأميركي.