تحذيرات ترامب من العدو الداخلي

تحذيرات ترامب من "عدو داخلي" في خطابه الذي استمر قرابة ساعة، لم يحدد ترامب ماهية هذا العدو بوضوح، لكنه اتجه إلى اتهام "الديمقراطيين الراديكاليين" بجعل المدن الكبرى مثل نيويورك وشيكاغو "غير آمنة".

0:00
  • رسالة داخلية بغطاء عسكري.
    رسالة داخلية بغطاء عسكري.

حظي اجتماع الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووزير الدفاع بيت هيغسيث مع القادة العسكريين في قاعدة كوانتيكو بتغطية إعلامية واسعة، وتركزت الحصيلة حول خطابات مثيرة للجدل وحملت تحذيرات من تبلور "عدو داخلي"، وإعلان خطط لإصلاح هيكلية القوات المسلحة، ما أثار ردود فعل قلقة.

تركّز خطاب ترامب على التحذير من "عدو داخلي"، واتهام "الديمقراطيين الراديكاليين" بإضعاف سلطة القانون في المدن الأميركية.  

وكرّرالإعلان عن خطة لاستخدام قوات مسلحة للتجول في مدن أميركية بكامل عتادها، تعتبر غير آمنة بنظر ترامب (معظمها تحت سيطرة الحزب الديمقراطي) كمواقع تدريب للجيش.

برز في خطاب هيغسيث إعلانه عن خطة إصلاحية من 10 نقاط تستهدف تجديد المنتسبين لمنظومة "أخلاق المحارب"، وتشمل فرض اختبارات لياقة بدنية صارمة ومعايير مظهر أكثر تقليدية.

تصاعدت الردود والانتقادات على الخطب حيث وصف مسؤولون سابقون ونواب في الكونغرس الخطابين بـ "الأكثر عدائية تجاه المدنيين" محذّرين من "تسييس المؤسسة العسكرية"، كما انتقد قادة عسكريون كبار حرصوا على عدم الإفصاح عن هوياتهم الاجتماع واعتبروه "إشكالياً".

بعض تفاصيل الخطابات المثيرة للجدل

تحذيرات ترامب من "عدو داخلي": في خطابه الذي استمر قرابة ساعة، لم يحدد ترامب ماهية هذا العدو بوضوح، لكنه اتجه إلى اتهام "الديمقراطيين الراديكاليين" بجعل المدن الكبرى مثل نيويورك وشيكاغو "غير آمنة"، ودعا إلى إعادة تشكيل الجيش ليكون "أقوى وأشرس". كما هاجم سلفه جو بايدن بشدة فيما يتعلق بالانسحاب المذلّ من أفغانستان.

خطة هيغسيث للإصلاح: ركز وزير الدفاع على ما سماه منظومة "أخلاق المحارب" التي يجب استعادتها، معلناً عن خطة من 10 نقاط تشمل :

فرض اختبارات لياقة بدنية صارمة مرتين سنوياً؛ والعودة إلى "المعايير الذكورية الأعلى" في وحدات القتال؛ وتطبيق معايير صارمة للمظهر متعلقة بالحلاقة.

وانتقد إيديولوجية اليقظة" (Woke) التي تستدعي الوعي بمفاعيل التحيز والتمييز العنصريين أو الظلم الاجتماعي عموماً وداخل المؤسسة العسكرية.

أثار الخطاب والاجتماع بشكل عام ردود فعل غاضبة ومستاءة:

قلق دستوري: أعرب مسؤولون سابقون في البنتاغون ونواب في الكونغرس عن قلقهم العميق من تجاوز القيود الدستورية في استخدام القوات المسلحة لمهام داخل المدن الأميركية، وامتداداً من محاولة تسييس المؤسسة العسكرية .

انتقادات داخلية: نقلت تقارير عن جنرالات أميركيين مجهولي الهوية انتقادهم الحاد للاجتماع، حيث وصفه أحدهم بأنه "أشبه بفيلم"، وتساءل آخر عن سبب انعقاده من الأساس، معتبرين أنه كان من الممكن إرسال محتواه عبر البريد الإلكتروني.

رسالة داخلية بغطاء عسكري

يمكن القول إن الحصيلة الفعلية للاجتماع تتلخص في توجيه رسالة سياسية داخلية حادة لتقويض الحريات العامة تحت غطاء عسكري، مع الإعلان عن توجّهات لإجراء تغييرات ثقافية واسعة في الجيش الأميركي، وهو ما قوبل بقلق من مراقبين ومسؤولين سابقين يرون في هذه الخطوات خطراً على الحياد التقليدي للمؤسسة العسكرية الأميركية.

ردود الفعل الداخلية على الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووزير الدفاع بيت هيغسيث كانت واسعة أيضاً، راوحت بين الاستياء والقلق من جانب مسؤولين سابقين وأعضاء في الكونغرس، والترحيب من قبل المؤيدين.

خطاب ترامب حول ما وصفه بـ “حرب من الداخل" أثار القلق من تجاوز النصوص الدستورية لاستخدام الجيش داخلياً، أي تسييس الجيش، ويعدّ كسراً للتقليد الراسخ بإبقاء المؤسسة العسكرية بعيدة عن الصراعات السياسية.

تهديد ترامب وهيغسيث للعسكريين بالعزل أو التسريح من الخدمة يمكن تفسيره بأنه محاولة لفرض الولاء الشخصي وتعزيز مناخ الخوف داخل البنتاغون.

خطة هيغسيث "لإصلاح الجيش" أثارت انتقادات من داخل البنتاغون، كما كان متوقعاً، من دون الإفصاح عن هوية المنتقدين، حيث شكّك مسؤولون (وفقاً لنشرة "بوليتيكو) في جدوى استدعاء مئات كبار القادة لمحاضرة عن "أخلاق المحارب"، ورأوا أن ذلك إهانة للقادة المخضرمين.

كما وُجهت اتهامات بالتبذير حول تكلفة وتوقيت الاجتماع، حيث قُدرت تكاليف سفر القادة بملايين الدولارات. كما عبّر بعض أعضاء الكونغرس عن استيائهم (خاصة الديموقراطيين) مطالبين بالحصول على إجابات من البنتاغون بشأن التكاليف والمخاطر الأمنية للاجتماع المفاجئ .

باختصار، أحدث خطاب ترامب وهيغسيث حالة من الاستقطاب والجدل والانقسام في الداخل الأميركي، حيث نظر إليه الموالون على أنه تأكيد لجدية الإدارة في تعزيز الأمن وإصلاح الجيش، بينما رأى فيه المنتقدون خطوة غير مسبوقة نحو تسييس المؤسسة العسكرية وتجاوزاً للضوابط الدستورية والتقاليد العسكرية الراسخة، ما أثار قلقاً واسعاً بشأن مستقبل الدور المهني المستقل للجيش الأميركي.