نتنياهو... هل يكون كبش فضائحه؟

التحقيق يجري على قدم وعدة سيقان في مجموعة قضايا تطال نتنياهو بشكل مباشر وشخصي، وهي قضايا ابتزاز وتلقي رشى وسرقة وثائق ثم تزويرها وتمريرها الى الإعلام.

  • نتنياهو والرئيس ترامب.ِِ
    نتنياهو والرئيس ترامب.ِِ

من ظن أن جو بايدن هو أضعف رئيس أميركي مع "إسرائيل"، عليه أن يراجع موقفه. فما إن انتهى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو من حفلة الهزء بالعجوز الأميركي ومعاندته مع انتهاء الانتخابات، حتى بدأت عملية ردّ الرِّجل البايدينية والانتقام من المتنمّر الخبيث.. فبايدن ما يزال رئيس أميركا وأجهزتها الأمنية والعسكرية والسياسية جميعها، وسيبقى كذلك حتى تسلّم الرئيس الجديد في مطلع الثلث الأخير من كانون الثاني/يناير المقبل. وإسقاط نتنياهو بات حلالاً عليه.

ليس من قبيل المصادفة اشتعال قضية تسريب وثائق عسكرية متلاعَب بها من مكتب نتنياهو إلى الصحافة الأجنبية، إذ راحت تتكشّف عملية تضليل للرأي العام حول صفقة تبادل الأسرى مع حركة "حماس".

تساحي برافرمان، رئيس مكتب نتنياهو والعضو الأقدم والأقوى في فريقه المتحكم بالقرا رات، قفز من كرسيّه الوثير في مركز القرار إلى رأس قائمة المتهمين. والسبب كما فضحته "يديعوت أحرونوت" أنه هو المسؤول عن تسريب الوثائق السرية الخطيرة من ملف رئيس الحكومة بالتكافل والتضامن مع كبير مساعدي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وهو إليعازر فيلدشتاين، اللذين ينفذان تعليمات رئيسهما بالطبع... وقد أضافا إليها معلومات ثمينة وسرية أيضاً حصلا عليها بابتزاز ضابط كبير في "الجيش" بعد أن هدداه بكشف فيديو إباحي محرج له، ونقلا كل شيء  إلى الصحافة الأجنبية بعد تغيير السردية وتزييف الوقائع ،كجزء من خديعة لإحباط اتفاق وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن في غزة. والرجلان هما من بين خمسة أشخاص يجري استجوابهم حالياً بشأن التسريب من مكتب رئيس الحكومة، وفقاً لوثائق المحكمة.

المدعي العام الإسرائيلي أفيخاي ماندلبليت وجّه في بيان اتهامات لنتنياهو تشمل الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، في القضايا المعروفة باسم 1000 و2000 و4000، ويعدّ  الإجراء الأول من نوعه بحق رئيس وزراء في منصبه. 

وشدد المدعي العام ماندلبليت على أن "التهديدات والتخويف لم تثنن عن القيام بواجبي ولم تنجح في التأثير على قراري".  

وسرعان ما كرّت السُبحة... فشاعت الفضيحة وانتشرت على أوسع نطاق.

"يديعوت أحرونوت" القريبة من "الجيش" نشرت تقريراً حول تاريخ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع التسريب واستثمار الوثائق السرية، وذكرت أنه في كثير من الحالات كان نتنياهو نفسه هو مصدر التسريب، منوّهة بأن مسيرته السياسية مليئة بتسريب الوثائق والأحداث السرية لوسائل الإعلام الإسرائيلية والدولية لتلبية احتياجاته السياسية وخدمة أهدافه.

ما يجري حالياً ليس بالأمر الذي يمكن أن يمرّ من دون عواقب. فالتحقيق يجري على قدم وعدة سيقان في مجموعة قضايا تطال نتنياهو بشكل مباشر وشخصي، وهي قضايا ابتزاز وتلقي رشى وسرقة وثائق ثم تزويرها وتمريرها الى الإعلام، بمعنى تسريب معلومات استخبارية سرية وحساسة تمس أمن الدولة، وتغيير عدد من المسؤولين والقيام باعتقالات تعسفية. وهذه اتهامات خطيرة تعني من جملة ما تعنيه المغامرة بتدمير الحكم الإسرائيلي لقاء مطامع نتنياهو الشخصية، فضلاً عن أنها تدمر ما تبقّى من علاقته بـ"الجيش".

الشاباك أبى إلا المشاركة في عملية ذبح الجاموسة فنشر بياناً عن تحقيق يجريه بخصوص تهريب وثائق سرية من مكتب نتنياهو تمس جوهر القضايا، حيث جرى اعتقال خمسة من كبار مساعديه وهم مسؤولون في المؤسسة الأمنية، بعد شكوك بشأن تقرير إعلامي كشف معلومات سرية وحساسة أخذت من أجهزة "الجيش" بشكل غير قانوني.

وقد أُلقي القبض فعلياً على أحد كبار مساعدي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وهو إليعازر فيلدشتاين بتهمة "تسريب معلومات استخبارية سرية وحساسة" لوسائل إعلام أجنبية.

 زعماء في المعارضة أكدوا أن المعلومات الاستخبارية التي سربها مساعدو نتنياهو للصحافة الأجنبية جرى تزييفها قبل تسريبها.

ويأتي قرار المدعي العام ماندلبليت بينما نتنياهو يكابد الأمرّين للحفاظ على منصبه بعد الانتخابات البرلمانية التي أجريت في سبتمبر/أيلول الماضي ولم تسفر عن فائز واضح، ما أدى بالبلاد إلى وضع سياسي غامض.

وما زاد الطين بلّة أن القناة الثانية العبرية نشرت تسجيلاً صوتياً لابن رئيس الحكومة يائير نتنياهو يقول فيه لصديق له هو ابن ملياردير إسرائيلي: "يا صديقي، لقد رتّب والدي لكم صفقة رابحة جداً بقيمة 20 مليار دولار، وأنت ترفض أن تقرضني 400 شيكل؟"

ونقلت القناة الثانية عن مسؤول سياسي كبير رفضت تسميته أن فريق رئيس رئيس  الحكومة لم يتورع عن ارتكاب تغيير سرد الأحداث بغية تبرئة ساحته وحاولوا إزاحة كل شيء وكل شخص يعترض سبيل روايتهم المفبركة لتبرئة نتنياهو.

ولقد سعى محامو عائلة نتنياهو جهدهم لمنع القناة الإخبارية من بث التسجيل، لكنه لم يلبث أن أذيع.

وبدورها، خرجت عائلات الرهائن المحتجزين في غزة تتهم الكبش الذي سقط في المذبح بأنه لطالما مارس ويمارس نمطاً بشعاً من الإرهاب الإجرامي ضد أبنائهم الأسرى غير مهتم بحياتهم، لقاء إنقاذ نفسه وكرسيه.

ثم أسهب الإعلام العبري في كشف ما سمّاه فضيحة "الهدايا"، وهي تشمل نتنياهو وعائلته حول تلقيهم هدايا ثمينة جداً، من بينها مجوهرات لزوجته "المشهورة" سارا، من أثرياء بارزين، لتسهيل كسبهم لصفقات مُجزية على حساب اقتصاد البلد.

ونقلت القناة 12 الإسرائيلية عن رئيس حزب العمل الإسرائيلي، يائير غولان، قوله إنه لن يجلس مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لأنه يدمر "إسرائيل"،  كما إنه لن يجلس مع القوميين المتطرفين للسبب ذاته، على حد تعبيره.

وتنقل "وول ستريت جورنال" الأميركية عن الجنرال الإسرائيلي المتقاعد يسرائيل زيف قوله إن التوترات بين "الجيش" ونتنياهو بلغت أعلى مستوياتها، وأن "الجيش" لديه شعور بأن "إسرائيل" استنفدت الغرض من الحرب.

ربما تنتهي هذه العاصفة إلى الهدوء بفضل "بركة" الرئيس الأميركي المنتخب، إلا أن هذا لن يكون طيّاً للفضائح بل "زرعاً" لها في مختبرات المعارضة انتظاراً لفرصة ثانية... ومن يدري؟