القبّة الحديديّة.. فشل آخر لمنظومة أساطير "إسرائيل"

ألزمت صواريخ المقاومة التي انهمرت بمعدل مئتي صاروخ في اليوم نحو مليون إسرائيلي الدخول إلى الملاجئ وأفقدتهم الشعور بالأمن والثقة.

  • رشقات صاروخية من قطاع غزة في اتجاه المستوطنات الإسرائيلية خلال معركة
    رشقات صاروخية من قطاع غزة في اتجاه المستوطنات الإسرائيلية خلال معركة "ثأر الأحرار"

منذ إدخالها في خدمة الجيش الإسرائيلي، تُرافق منظومة القبّة الحديدية حملات إعلامية غربية وإسرائيلية، وفي بعض الأحيان عربية واسعة للترويج لها على أنها قبّة محصّنة من الاختراق. وذهبت الولايات المتحدة وبعض الدول الأوربية للتضرّع إلى "إسرائيل" لإرسال هذه المنظومة إلى أوكرانيا لمواجهة الصواريخ والمسيرّات الروسية. ولكن يتساءل البعض (وأنا منهم) هل هذه الأسطورة حقيقية بالفعل؟؟

عملت الدول الغربية منذ وعد سايكس بيكو وما بعده من أحداث على خوض حروب مركّبة شملت تهجير الشعب الفلسطيني واحتلال الأراضي الفلسطينية والعربية من جهة، وخوض حرب نفسية موازية لإثارة الرعب في نفوس أصحاب الأرض الأصليّين ومناصريهم من جهة أخرى. 

وبالفعل ظهرت العديد من الأساطير حول قوة "إسرائيل" التي لا تقهر والحروب والضربات الاستباقية الإسرائيلية، ولعل آخر هذه الأساطير تمثّل في أسطورة القبة الحديدية وقدرتها على تحييد 90% وأكثر من الصواريخ التي تُطلق باتجاه الأراضي المحتلة التي تسيطر عليها "إسرائيل".

لقد أثبتت فصائل المقاومة زيف هذه الادعاءات جملة وتفصيلاً. ويعود تزييف هذه الأساطير إلى الإخراج المذلّ لقوات الاحتلال من الجنوب اللبناني في العام 2000 تحت وطأة مقاومة شديدة من الشعب اللبناني بشكل عام وشعب الجنوب بشكل خاص. وبهذا سقطت أسطورة الأراضي الموعودة التي روجّت لها "إسرائيل" منذ التأسيس. لم يكن خروجاً طوعياً أبداً بل كان هرباً مما هو أسوأ.

في العام 2006، نسف حزب الله أسطورة "إسرائيل" التي لا تقهر. لم تكن صناعات الأسلحة التي يمتلكها الحزب متطوّرة كما هي عليه اليوم، ولم تكن لديه مسيّرات مراقبة أو مسيّرات حربية، كل ما كان يملكه الحزب هو أسلحة خفيفة وصواريخ قديمة من طراز كاتيوشا. 

وألزمت صواريخ المقاومة التي انهمرت بمعدل مئتي صاروخ في اليوم نحو مليون إسرائيلي الدخول إلى الملاجئ وأفقدتهم الشعور بالأمن والثقة. وقد دفعت حالة الشلل وإصابة المدنيين الكثير من المراقبين الإسرائيليين لاتهام الجيش بالفشل الاستخباراتي والسقوط في وهم قدرات الطيران على حسم المواجهة. 

كما كان الـ "آر بي جي" التي كانت بحوزة حزب الله مفعولها السحري بتزلزل أسطورة القوات البرية الإسرائيلية وأسطورة دبابة ميركافا، بحيث تحوّلت هذه الأسطورة إلى عقدة تاريخية تمنع "إسرائيل" من شنّ عمليات توغّل بريّ في أيّ مكان في الجنوب اللبناني أو حتى قطاع غزة.

وإذا ما انتقلنا إلى حقبة تاريخية أخرى ونقصد هنا ما بعد 2011 عندما دخلت "القبة الحديدية" في خدمة الجيش الإسرائيلي، حاول الإسرائيليون تغطية الأزمة الحقيقية للقوات البرية من خلال الترويج لأسطورة القبّة الحديدية التي تحمي "إسرائيل" من الهجمات الصاروخية. 

ادّعت "إسرائيل" بأنّ القبة قادرة على اعتراض 90% من صواريخ المقاومة بمجرد انطلاقها من القطاع باتجاه "إسرائيل"، أما الـ 10% المتبقيّة من الصواريخ فسيتمّ تدميرها من خلال الدفاعات الجوية للمدن سواء المدن المحيطة بالقطاع أو المدن الأبعد مثل "تل أبيب".

لقد صوّرت "إسرائيل" فاعلية هذه القبة وكأنّ الإسرائيلي سيجلس مستمتعاً بيومه ويشرب قهوته بينما تحميه القبة الحديدية، لا بل قد توفّر له الحكومة الإسرائيلية عرضاً مجانياً للألعاب النارية من خلال استهداف صواريخ المقاومة.

كمسرحية هزلية قامت قوات المقاومة بإطلاق مجموعة من الصواريخ الفارغة والبالونات الحرارية، لتكتشف بأنّ القبة الحديدية ما هي إلا أسطورة وبطل من القشّ تحتاج من يضربه الضربة الأولى. وبحسب آخر إحصائية نشروها هم (أي جيش الاحتلال)، فإن الجهاد الإسلامي أطلق 866 صاروخاً باتجاه "إسرائيل" تجاوز منها 672 الحدود.

كمن يكذب الكذبة ويصدّقها، استمرّت "إسرائيل" بخرق أساطير الجيش الذي لا يقهر مرة بعد مرة، وفي كل مرة كشفت المقاومة الفلسطينية ومحور المقاومة وحزب الله زيف هذه الأساطير. فإن عملية "ثأر الأحرار" أكدت ضعف القبة الحديدية أمام صواريخ المقاومة مما سمح بظهور موجة اعتراضات حادة في الداخل الإسرائيلي تطالب جوقة المتشدّدين بالتخلّي عن الأوهام والسعي نحو هدنة مع المقاومة الفلسطينية. 

وأما عن جواب المتوّهمين في "إسرائيل" فقد جاء عبر اختراع أسطورة جديدة هي أسطورة "منظومة الليزر" للتصدّي لصواريخ وهجمات المقاومة، ليصدق المثل العربي الذي يقول: "من يجرّب المجرّب، يكون عقله مخرّب".

الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية تعلن عن تنفيذ عملية "ثأر الأحرار" بتوجيه ضربات صاروخية كبيرة لمواقع ومستوطنات الاحتلال، وذلك رداً على جريمة اغتيال قادة سرايا القدس.