صباح الخير يا نابولي.. مارادونا يبتسم لبطل إيطاليا

نابولي يحقّق لقب الدوري الإيطالي بعد 33 عاماً من الغياب عن منصات تتويج "الكالتشيو". هنا قصة فريق الجنوب الإيطالي وموسم استثنائي.

  • صباح الخير يا نابولي.. مارادونا يبتسم لبطل إيطاليا
    ستبقى نشوة الفرح في مدينة نابولي عامرة لسنوات

أشرقت الشمس. صباح الخير يا نابولي. وعند الغروب مساء الخير يا نابولي. لا شك أن الصباحات والأمسيات هي الأفضل منذ أكثر من 3 عقود لسكان مدينة الجنوب الإيطالي. اليوم عاد فريق نابولي إلى الحياة اليوم مضت السحابة الرمادية وابتسم دييغو أرماندو مارادونا من السماء، فاليوم أصبح نابولي بطلاً للدوري الإيطالي بشكل رسمي.

ستبقى نشوة الفرح في مدينة نابولي عامرة لسنوات، فلطالما انتظروا عودة الفرح، ذلك الفرح الذي غاب كروياً منذ أن غادر دييغو مارادونا فريق المدينة، إذ يعود آخر تتويج بلقب "الكالتشيو" إلى العام 1990، يومها كان دييغو لاعباً في نابولي. 

سيستيقظ السكان في كل صباح لأيام ولما لا لأشهر وربما سنوات، سيأخذون "بيتزا نابوليتانا" ويقفون في الأزقة ويغنون سوياً أغاني المدرجات: "نحن مجانين من أجلك. لا نستسلم أبداً. سأكون هناك من أجلك يا نابولي. أحب نابولي بروحي". ولا شك أنهم سيتذكرون مارادونا ويرددون عند حائط دييغو في الشارع الإسباني "أولي أولي أولي.. دييغو دييغو".

ونحن في عالمنا العربي سنتذكر الكثير في هذا الموسم الاستثنائي، سنتذكر صعوبة نطق اسم خافيتشا كفاراتسخيليا مثلاً ولو بشكل مازح، كما سنذكر تعليق فارس عوض في مباراة نابولي وأودينيزي الذي بات على لسان أغلب عشاق كرة القدم من صغيرهم إلى كبيرهم "زيلينسكي.. يا سلام.. لوبوتكا.. يا سلام.. أنغويسا.. يا سلام.. نابولي.. يا سلام.. نابولي انتهى الكلام".

وعلى الرغم من أن التعليق كان عفوياً، إلّا أن المعلّق منح لاعبي وسط نابولي حقهم وأعطاهم بعض المديح على ما قدّموه في موسم كامل، كان شبه مثالي لكتيبة لوتشيانو سباليتي.

وعندما نقول سباليتي، نحن نتحدث عن الرجل الذي أعاد اكتشاف نفسه بعد سنوات، وأظهر للعالم قيمة فكره الكروي من بوابة الجنوب ومن ملعب "دييغو أرماندو مارادونا.

شغف في نابولي.. مدينة الفقراء فرحة بانتصار الجنوب على الشمال

  • صباح الخير يا نابولي.. مارادونا يبتسم لبطل إيطاليا
    قية القصة فرسمتها جماهير نابولي باحتفالاتها
  • صباح الخير يا نابولي.. مارادونا يبتسم لبطل إيطاليا
    تأجلت الفرحة إلى نهار الخميس
  • صباح الخير يا نابولي.. مارادونا يبتسم لبطل إيطاليا
    تأجلت الفرحة إلى نهار الخميس

خسر لاتسيو أمام إنتر ميلانو (3-1)، لكن نابولي فشل في تحقيق الانتصار أمام ساليرنتانيا وسقط في فخ التعادل الإيجابي (1-1)، ليؤجل حسم لقب الدوري الإيطالي، ويصل إلى لقبه الثالث في "الكالتشيو"، وهو اللقب الأول منذ 33 عاماً.

ولكن نهار الأحد 30 نيسان/أبريل 2023، أظهر الجماهير العاشقة كما عادتها في جنوب إيطاليا، أظهر شغفها وحبها لفريقها، بعد أن استيقظت في ساعات الصباح الباكر وخرجت إلى الشوارع، بانتظار الفرحة، التي أجلت إلى يوم الخميس (4 أيار/مايو 2023).

الأحد، انتظرت الجماهير نتيجة مباراة إنتر ولاتسيو، وكانت على أحرّ من الجمر بعد أن كان لاتسيو متقدماً، لكن إنتر قلب النتيجة، لتحتفل جماهير نابولي بأهداف فريق مدينة ميلانو، وفي ملعب "دييغو أرماندو مارادونا" كانت الجماهير ترقص فرحاً بنتيجة مباراة إنتر ولاتسيو، لكن الفرحة لم تكتمل بتتويج هناك في ملعب مارادونا بعد التعادل.

لم تكتف الجماهير بذلك، بل أعدت توابيت لأندية الدوري الإيطالي، كإشارة رمزية على تفوّقها عليها وحصدها للاسكوديتو، كما حفرت القبور لهم. جنون وعشق ما بعده عشق.

أحد الأشخاص غرد في تويتر قائلاً: "هناك طاقة في مدينة نابولي لم أشعر بها من قبل، كل شيء من حولك يشعرك بأن شيئاً تاريخياً على وشك الحدوث".

ونشر صورة لرجل عجوز وهو يحمل صحيفة عليها صورة مارادونا، احتفظ بها من تتويج نابولي بلقب كأس الاتحاد الأوروبي في العام 1989.

تأجلت الفرحة إلى نهار الخميس، واجه نابولي فريق أودينيزي، بعيدًا عن ملعب مارادونا، لكن جماهير فريق الجنوب، انتظرت عند أسواره بالروح والشغف والحب نفسه، بالطاقة والأمل والبحث عن الفرح، وكل ما كان يحتاجه نابولي نقطة فقط، وهذا ما حدث تعادل نابولي مع أودينيزي بهدف لمثله، ليصبح نابولي رسمياً بطلاً لإيطاليا قبل 5 جولات على انتهاء موسم 2022-2023.. أما بقية القصة فرسمتها جماهير نابولي باحتفالاتها.

صراع الجنوب والشمال.. نابولي بطل إيطاليا

  • صباح الخير يا نابولي.. مارادونا يبتسم لبطل إيطاليا
    خرجت جماهير نابولي واحتفلت بجنون كما تعكس الصور والمشاهد
  •  خرجت
    خرجت جماهير نابولي واحتفلت بجنون كما تعكس الصور والمشاهد

لا شك أنّ لتتويج نابولي بلقب الدوري الإيطالي بعدَ كل هذه السنوات بُعداً آخر، هو بُعد اجتماعي وسياسي واقتصادي، لأن أبناء الجنوب؛ الفقراء، تفوقوا على أبناء الشمال. 

هنا نتوقف عند الصراع بين الجنوب والشمال في إيطاليا، أي بين "إقليم كامبانيا" وعاصمته نابولي، و"إقليم بييمونتي" وعاصمته تورينو، مدينة نادي يوفنتوس.

هو صراع امتد لأكثر من 150 عاماً، تمثل في صراع سياسي وعنصري، ليُصبح جزءاً من عداوة في كُرة القدم.

نابولي كانت المدينة الأقوى اقتصادياً في إيطاليا ومن الأقوى أوروبياً، في الوقت الذي كان فيه أبناء الشمال يعانون من مشاكل اقتصادية. بعد مرور عدة سنوات، قرر الشمال الاتفاق والانضمام إلى دول أوروبية، بالتنسيق مع بريطانيا وفرنسا، لشن حربٍ على الجنوب.

قاوم أبناء الجنوب وقدموا تضحيات، لكن الوضع تغير، أصبح سكانه يسمون بـ "فقراء الجنوب" وأصبحت مدينة تورينو مُنتعشة على المستويات كافة.

اتحدت إيطاليا فيما بعد، لكن العداوة لم تتوقف بين الشمال والجنوب، بين أبناء نابولي وأبناء تورينو، لتُصبح كُرة القدم جزءاً من هذا الصراع. الأطفال في شوارع نابولي دائماً ما يهتفون بعدائية تجاه يوفنتوس، وتُرفع اللافتات العدائية في المُدرجات من جانب أنصار الفريقين.

اقرأ أيضاً.. دييغو مارادونا... الأب والأخ والصديق

في المباريات رُفعت لافتات من جانب أنصار نابولي تحمل عبارات مثل "أنتَ إيطالي؟ لا، أنتَ نابوليتاني". وأخرى "نحن عاصمة الفخر وأنتم عاصمة الصعوبات" إضافة إلى "أيها البييمونتي - نصف الفرنسي - كنت غارقاً في الديون والنفقات وأصبحت رجلاً صاحب سيادة عبر سرقة أموال نابولي".

جماهير نابولي خرجت واحتفلت بجنون كما تعكس الصور والمشاهد، اليوم انتصر الجنوب على الشمال.