مجزرة الفاشر: نزوح جماعي وضحايا من المدنيين في الهجوم الدامي

مع بدء المعارك في الفاشر في أكتوبر 2025، يعيش سكان المدينة حالة من الرعب، وسط جرائم إبادة جماعية، وانتهاكات جسيمة ضد المدنيين، في غياب تام للتغطية الإعلامية والشبكات الفضائية.

0:00
  • مجزرة الفاشر: نزوح جماعي وضحايا من المدنيين في الهجوم الدامي
    مجزرة الفاشر: نزوح جماعي وضحايا من المدنيين في الهجوم الدامي

منذ بداية المعارك في السادس والعشرين من أكتوبر داخل مدينة الفاشر، يعيش سكان المدينة حالة من الرعب والخوف المستمرين. وبعد اشتداد القتال، واجه الفارون من المدينة انتهاكات واسعة النطاق ترتقي إلى جرائم الإبادة الجماعية، حيث فقد الكثير منهم حياتهم في ظل انقطاع تام لشبكات الاتصال الفضائي "ستارلينك"، التي كانت الوسيلة الوحيدة للتواصل مع العالم الخارجي.

تشير التقارير القادمة من أولئك الذين فروا، بالإضافة إلى مصادر موثوقة، إلى وقوع عمليات قتل جماعي وعنف عشوائي، واستهداف عرقي داخل المدينة وفي الطرقات المؤدية إليها. وقد بث عناصر من قوات الدعم السريع فيديوهات وصوراً تظهر عمليات تصفية رمياً بالرصاص ضد الفارين عند مداخل المدينة، ومن بينهم نساء. كما أفاد ناجون بأن قوات الدعم السريع احتجزت مئات من الفارين في طريق الفاشر قرني، وطالبتهم بدفع مبالغ مالية ضخمة في سبيل النجاة من الموت أو الاحتجاز.

وأكد المتحدث الرسمي باسم النازحين واللاجئين، آدم رجال، أن 360 أسرة و1117 فرداً نزحوا من الفاشر إلى منطقة طويلة في 27 أكتوبر 2025، ليصبح إجمالي الأسر النازحة من الفاشر 831 أسرة و3038 فرداً. وأضافت منسقية النازحين واللاجئين في السودان في تقريرها أن أكثر من 100 ضحية من ضحايا العنف الجنسي، و1300 مصاب بالرصاص وصلوا من الفاشر إلى طويلة.

من جانبه، صرح منسق مجلس تنسيق غرف طوارئ طويلة بجبل مرة، عبد الحفيظ علي جدو، بأن 20 ألف نازح وصلوا إلى بلدة طويلة من الفاشر خلال أسبوع واحد، حيث ازدادت أعداد الفارين والناجين من الانتهاكات. وأكد جدو أن ما بين 100 و200 نازح يصلون يومياً سيراً على الأقدام من الفاشر إلى طويلة منذ 18 أكتوبر. وفي هذه الأثناء، يعمل 60 مطبخاً جماعياً في تقديم الوجبات للنازحين القابعين في مراكز الإيواء والتجمعات.

من جانبها، تحدثت طبيبة الأطفال جوليا شيوبرس من منظمة أطباء بلا حدود، التي تدير مركزاً صحياً عند مدخل بلدة طويلة لاستقبال النازحين من الفاشر، وتقديم الخدمات الصحية لهم، الوضع الإنساني القاتم للناجين من العنف. وقالت جوليا إن جميع الأطفال الذين تم فحصهم يعانون من سوء التغذية، من بينهم ثلاثة أطفال فقدوا جميع أسرهم. وأضافت: "ما زلنا نشعر بقلق عميق بشأن محنة المدنيين المحاصرين في الفاشر وحولها خلال الأيام العشرة الماضية".

وقد أكدت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عبر صفحتها أنها تلقت "روايات مروعة" عن عمليات إعدام بإجراءات موجزة، وقتل جماعي، واغتصاب، وهجمات على العاملين في المجال الإنساني من بينهم متطوعون ومحامون وأطباء وصحافيون. وأشارت المفوضية إلى أن هذا التقرير استند إلى شهادات الفارين والناجين من مدينة الفاشر الذين ساروا لمدة ثلاثة إلى أربعة أيام مشياً على الأقدام إلى بلدة طويلة، بالإضافة إلى مقاطع فيديو وصور صادمة بثتها قوات الدعم السريع عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وقدّرت المفوضية أن أعداد القتلى من المدنيين في الهجوم على الفاشر تفوق المئات.

وقال نصر يوسف، كادر طبي متطوع في طويلة، إن الأوضاع الصحية في المنطقة تتطلب تضافر الجهود. وأشار إلى أن النازحين الذين نجوا من الانتهاكات أغلبهم مصابون وجرحى ويحتاجون إلى رعاية صحية خاصة، في ظروف صحية حرجة. وأضاف يوسف أن الأوضاع تزداد سوءاً مع تزايد أعداد الفارّين يومياً.

منذ بداية الهجوم على الفاشر، استمرت الانتهاكات من قبل قوات الدعم السريع، مما زاد من معاناة السكان في ظل غياب أي دعم فعلي من الجهات الرسمية. وبينما تستمر هذه الأوضاع الإنسانية المأساوية، يبقى المصير المجهول للمدينة وأهلها يملأ العالم بقلق عميق.

اخترنا لك