بالخرائط: هذه هي التلال اللبنانية المحتلة

بالخرائط والأرقام يفنّد الخبير في الشؤون العسكرية والقانون الدولي العقيد المتقاعد أكرم كمال سريوي النقاط والتلال التي ما زالت تحت سيطرة جيش الاحتلال في الجنوب اللبناني، معقّباً أنه"إذا خرجت بالمفاوضات، فستكون قد منحت الحكومة اللبنانية "نصراً دبلوماسياً"، وإذا لم تفعل، فستتجد"إسرائيل" نفسها مجبرة على الخروج من لبنان، وتكرر تجربة عام 2000.

  • بالخرائط: هذه هي التلال اللبنانية المحتلة
    سريوي للميادين نت: لا صحّة للكلام الإسرائيلي عن أن بقاء قواتها  هو لحماية المستوطنات  (غرافيك: ندين بدر الدين)

لم تستسغ حكومة الاحتلال "طعم" اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، الذي أتى وباعتراف إعلام المحتل "بتوقيت المقاومة"، ففي تعليقهم على الاتفاق، أكد رؤساء مستوطنات الشمال أنّه "استسلام ورفع للراية البيضاء"، وأنّه "تسوية محزنة واتفاق استسلام من الحكومة الإسرائيلية لحزب الله".

بعد انتهاء مهلة الـ 60 يوماً لانسحاب قوات الاحتلال بموجب نص الاتفاق، شهدت مناطق الحافة الأمامية مدّاً شعبياً هائلاً، سميّ بـ "التحرير الشعبي"، استكمل في 18 شباط/فبراير الحالي، وانسحبت قوات الاحتلال من القرى اللبنانية الجنوبية كافة.

لكنّ "الجيش" الإسرائيلي، وكعادته بعدم الالتزام بالاتفاقات، أعلن أنه سيبقي "قوات محدودة منتشرة موقتاً في 5 نقاط استراتيجية على طول الحدود مع لبنان"، مبرراً ذلك "بمواصلة الدفاع عن المستوطنين، والتأكّد من عدم وجود تهديد فوري، من حزب الله".

فما  هي هذه النقاط الخمس، وما أهميتها؟

يقدّم الخبير في الشؤون العسكرية والقانون الدولي العقيد المتقاعد أكرم كمال سريوي لـ "الميادين نت" تفصيلاً عبر الخرائط للتلال التي أبقى "الجيش" الإسرائيلي على احتلالها:

تلة اللبونة: 

تبعد 300 متر من الحدود، تقع في خراج بلدة علما الشعب، وهي عبارة عن مجموعة غابات كثيفة وتشرف على الناقورة ومنطقة الساحل وصولاً إلى صور،  وكذلك تشرف على منطقة واسعة على ساحل فلسطين المحتلة.

2-جبل بلاط: 

تبعد 1 كلم من الخط الأزرق، بين راميا ومروحين، وتشرف  على القطاعين الغربي والأوسط من الجهتين الغربية والشرقية.

3- تلة جبل الباط وجل الدير:

تلتان متصلتان تقعان جنوب عيترون بارتفاع 820 متراً عن سطح البحر وتبعدان مسافة 750 إلى 1500 متر من الخط الأزرق وتشرفان شمالًا على بلدة عيترون وغرباً على مارون الراس وبنت جبيل وتقع خلفهما مستعمرة "أفيفيم".

 

4- تلة الدواوير: 

تقع جنوب شرق بلدة مركبا، تبعد 300 متر من الخط الأزرق وترتفع 770 متراً وتشرف على بلدات رب ثلاثين ومركبا شمالاً وعلى حولا غرباً وتقع خلفها مستعمرة "مارغليوت".

5- تلة الحمامص: 

تبعد 1 كلم من الخط الأزرق - ارتفاعها 600 متر، تقع جنوب الخيام وتشرف على مستعمرة المطلة من جهة الشمال الشرقي، وكذلك تشرف على سهل الحولة ومزرعة سردة، وتقطع الطريق من كفركلا نحو الوزاني والمجدية، وتجدر الإشارة إلى أنها ساقطة عسكرياً وتسيطر عليها تلة الخيام التي يبلغ ارتفاعها 743 متراً.

وكانت قوات الاحتلال قد عدلت خطتها لإبقاء قواتها في تلتي العزّية والعويضة، بسبب الطريق التي توصل إليهما، والتي تمر بين منازل بلدة كفركلا،  وقامت باستبدالهما بتلال، جبل الباط وجل الدير،  و الدواوير.

مرتفعات محتلة منذ 1967

وفضلاً عن هذه التلال، يسيطر الاحتلال منذ عام 1967 على 5 مرتفعات لبنانية، من شرق الغجر حتى قمة جبل الشيخ، وهي على الشكل الآتي:

1-تلة فشكول: وهي مرتفع شرق المجدية.

2-موقع السماقة: شرق العباسية. 
3- موقع رمتا: تلة تشرف على حلتا ومزرعة بسطرة من الشرق.
4- رويسات العلم: شرق كفرشوبا 
5- موقع السدانة أو الرادار: شرق بلدة شبعا.

حجج "إسرائيل" ساقطة

يؤكد الخبير في الشؤون العسكرية والقانون الدولي أكرم كمال سريوي لـ "الميادين نت" أن "إسرائيل" تستكمل من خلال احتفاظها بالبقاء في 5 نقاط استراتيجية على طول الحدود مع لبنان، ما فعلته في سوريا، بعد احتلالها مرتفعات جبل الشيخ، وهذه المرتفعات هي ملكية مشتركة بين لبنان وسوريا، بحيث تجاوزت هذه القوات قمة حرمون، ووصلت إلى تلال الحمرا، وباتت على مسافة 12 كلم من خط بيروت دمشق الدولي.

  • خريطة الاحتلال الإسرائيلي  لقمة جبل حرمون بين لبنان وسوريا الذي يستكمل احتلال التلال الخمس
    خريطة الاحتلال لقمة جبل حرمون  الذي يستكمل احتلال التلال الخمس
  • قمة حرمون وتلال الحمرة ومكان اسمه البيرة في جبل الشيخ
    قمة حرمون وتلال الحمرة ومكان اسمه البيرة في جبل الشيخ

وإذ يوضح أنه في اللحظات الأخيرة استبدلت قوات الاحتلال تلتي العويضة و العزيّة بتلتي جبل الباط وجل الدير و الدواوير،  فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا أبقت على احتلالها لهذه النقاط الخمس داخل الأرضي اللبنانية ؟ 

سريوي: الحجج الإسرائيلية واهية

يجيب سريوي مشدداً على أن  "لا صحّة للكلام الإسرائيلي عن أن بقاء قواتها في هذه المناطق هو لحماية المستوطنات، ومراقبة أي تحرك لحزب الله في المنطقة، فلبنان والمقاومة ملتزمان بشكلٍ كامل بتنفيذ الاتفاق، و"إسرائيل" تملك ما يكفي من وسائل رصد وأقمار وذكاء اصطناعي ومراقبة وأسلحة، لتغطية كامل الأراضي اللبنانية، وليس فقط منطقة الشريط الحدودي، من دون أن تكون قواتها داخل الأراضي اللبنانية".

ويضيف أن "حجة إسرائيل في حفظ أمن المستوطنات، عبر احتلال هذه التلال ساقطة، والهدف الحقيقي الأول هو أنها تريد إقناع المستوطنين واللبنانيين، بأنها انتصرت في هذه الحرب، وهي قادرة على فعل ما تشاء، وتنفيذ الاتفاق مع لبنان كما يحلو لها".

ربط الانسحاب بنزع السلاح فـ "التطبيع"

أمّا الهدف الثاني فهو تقطيع أوصال القرى الحدودية، وإعاقة عودة السكان إلى هذه القرى، وعرقلة عملية إعادة الإعمار، عبر الاستمرار بإطلاق النار، وتنفيذ توغلات استفزازية، كما حدث في كفرشوبا.

 وبالنسبة إلى الهدف الثالث وهو الأهم، بنظر الخبير العسكري هو أن "إسرائيل" تريد ربط انسحابها من هذه التلال، بنزع سلاح حزب الله شمال الليطاني، وليس فقط من منطقة جنوب الليطاني.

فـ"إسرائيل" تعلم جيداً أن صواريخ المقاومة الاستراتيجية ليست في جنوب الليطاني، وكذلك مصانع السلاح والمسيرات والذخيرة، وهي تعلم أيضاً أنها فشلت في القضاء على قدرات المقاومة العسكرية، فالمقاومة صمدت على الحافة الأمامية، و"إسرائيل" قاتلت 64 يوماً، ولم تنجح في احتلال وتجاوز قرى صغيرة كالناقورة، وفشلت في السيطرة على الخيام وبنت جبيل وغيرها، والأخطر من ذلك أن المقاومة بقيت مستمرة في إطلاق مئات الصواريخ والمسيرات يومياً، والتي وصلت إلى أهداف استراتيجية في "تل أبيب" وما بعد "تل أبيب".

  ويردف قائلاً: "سيسعى الاحتلال من خلال استمرار السيطرة على هذه النقاط، إلى جرّ لبنان إلى مفاوضات جديدة وتوقيع اتفاق سياسي، يضمن تجريد المقاومة من سلاحها".

سريوي: الاحتلال سيخرج من هذه التلال

في نهاية المطاف،  ستخرج "إسرائيل" من هذه التلال، كما يقول الخبير العسكري الاستراتيجي، معقّباً "إذا خرجت بالمفاوضات، فستكون قد منحت الحكومة اللبنانية نصراً دبلوماسياً، وإذا لم تفعل، فستتجدد المقاومة وستجبر "إسرائيل" على الخروج من لبنان، وتكرر تجربة عام 2000، وتكون بذلك قد منحت بذلك نصراً جديداً للمقاومة. وفي كلتا الحالين تكون قد ارتكبت خطأً استراتيجياً، من خلال بقائها في لبنان".

  •  المقاومة ستجبر
    إذا لم تخرج  "إسرائيل" بالدبلوماسية من التلال المحتلة ستجبرها  المقاومة على الخروج منها

وحول انتقاد  الإعلام الإسرائيلي لبقاء القوات  في لبنان،   يرى أن هذا سيثير جدلاً واسعاً في الكيان "لأن هذا الاحتلال يعطي شرعية لاستمرار المقاومة، وانطلاق عملياتها من جديد ضد هذه المواقع، وهذا لن يجلب الأمن لسكان المستوطنات الشمالية، كما أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي اللبنانية، سيحرج "إسرائيل" مع بعض الدول الصديقة، خاصة فرنسا والدول الراعية للاتفاق". 

وفي معرض التعليق على مشهدية "نزع جنود الجيش اللبناني علم الاحتلال ورميه تحت أقدامهم، اعتبر الضابط المتقاعد أنه  "عمل طبيعي، فوجود هذا العلم يرمز  إلى الاحتلال وانتهاك السيادة اللبنانية، وإسقاطه واجب وطني، وهذا يؤكد  الروح المعنوية العالية لدى ضباط وعناصر الجيش اللبناني، ولو توفّر للجيش ما يلزمه من عتاد وسلاح، لما تجرأ العدو الإسرائيلي على الاعتداء على لبنان".