الحرب في قطاع غزة تُفاقم الفقر والأزمات النفسية والعنف في "إسرائيل"
موقع "زمان إسرائيل" يتحدّث، في تقرير، عن تداعيات الحرب التي تخوضها "إسرائيل" ضد قطاع غزة، والمواجهات مع لبنان، على المجتمع الإسرائيلي، من الناحتين الاقتصادية والاجتماعية.
نشر موقع "زمان إسرائيل" تقريراً عن آثار الحرب التي تخوضها "إسرائيل" منذ السابع من شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ضد قطاع غزة، والمواجهات مع لبنان، على المجتمع الإسرائيلي، من الناحتين الاقتصادية والاجتماعية.
في هذا السياق، حذّر الموقع من أنّ الحرب أدّت إلى تسريح العديد من العمال من عملهم، وتسببت بأزمات نفسية صعبة للكثيرين، الذين ينغلق بعضهم على نفسه، أو ينحرف نحو العنف وتعاطي المخدرات والكحول.
كما تسببت الحرب أيضاً بإلحاق الضرر بالفقراء في "إسرائيل" بسبب نقل المساهمات والتبرعات إلى النازحين والجنود، وذلك على حساب الفقراء العاديين، حيث أشار الموقع إلى أنّ الحرب أدّت إلى إرتفاع حاد في معدل الفقر وتفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية.
ووفقاً لمعطيات مكتب الإحصاء المركزي، هبط الناتج المحلي للفرد خلال الفصل الأخير من العام 2023 بنسبة 20.7% بحسب مصطلحات سنوية. كما انخفض الناتج العملي في الفصل ذاته 32.2%، والاستهلاك الخاص بنسبة 27%. أمّا الناتج المحلي للفرد في العام 2023 ككل، فانخفض بنسبة 0.1%.
تسريح من العمل
وشرح الموقع في تقريره الأسباب التي أدت إلى ازدياد الفقر في "إسرائيل"، أبرزها تسريح العمال، إذ فقد نحو 400 ألف إسرائيلي أعمالهم ووظائفهم منذ بداية الحرب، نتيجة تسريحهم نهائياً من عملهم، أو منحهم إجازات طويلة من دون راتب، لينخفض عدد العمال المتوقفين عن العمل، إلى نحو 250 ألفاً، مع نهاية شهر شباط/فبراير الماضي، ومع توظيف العديد من الذين تركوا أعمالهم الأساسية، في أعمال غير مستقرة أو غير مناسبة.
وما زاد من أزمة الفقر، بحسب التقرير، هو توقف الإسرائيليين "المصدومين" عن الشراء و"الترفيه". كما أدّى إخلاء نحو 200 ألف إسرائيلي من منازلهم، إلى تفاقم الأزمة، إذ تسبب الأمر بحصول مشاكل نفسية واجتماعية صعبة، فمئات الآلاف في "إسرائيل يعانون من أزمة نفسية، من بينهم ناجون من الحرب ومقاتلون".
وما فاقم من الفقر أيضاً، بحسب التقرير، هو انخفاض حجم المساعدات للفقراء، على الرغم من جمع التبرعات، في بداية الحرب، بشكل موسع داخل المجتمع الإسرائيلي، ومن الخارج.
على سيبل المثال، جمّعت منظمة الاتحادات الفيدرالية اليهودية في الولايات المتحدة الاميركية، في شهر تشرين الأول/أكنوبر المنصرم، مساهمات بقيمة غير مسبوقة بلغت نحو 2.5 مليار دولار، وتبرعت بها إلى منظمات اجتماعية في "إسرائيل". كما وحصل النازحون والجنود، بسبب هذه التبرعات، على مساهمات ضخمة من التجهيزات والغذاء والمال، وحتى الشقق.
لكن خلال الأشهر الأخيرة، انخفض حجم المساهمات بشكل كبير، بحيث تفيد التقديرات بأنّ تقليص المساعدات لم يضر بالنازحين، الذين جرى تلبية حاجتهم الملحة من مأوى وملبس وتجهيزات أساسية، لكنّه أضرّ بالفقراء "العاديين" الذين كانوا بحاجة إلى المساعدة حتى قبل الحرب، فيما صاروا اليوم بحاجة إليها أكثر.
انعدام الأمن الغذائي
وفي هذا الإطار، أجرى موقع "زمان إسرائيل" مقابلة مع رئيس منظمة "لاتت" (العطاء)، جيل درمون، لمناقشة قضية ازدياد الفقر في "إسرائيل"، قال فيها إنّ "الفقر يشتد من دون شك"، لأنّ "كل الحروب هي عوامل مسرّعة للفقر".
وأضاف أنّ "الوضع أصبح خطيراً جداً، فمئات الآلاف من الأشخاص فقدوا عملهم، الأمر الذي زاد من الحاجة والعوز".
كما أنّ حجم المساهمات والتبرعات، الذي ازداد كثيراً في بداية الحرب، انخفض، لدرجة أنّه حالياً "نقترب من لحظة الحقيقة، التي يتخللها مخاوف من أن ننجح في تزويد كل محتاج بالغذاء وبالتجهيزات التي يحتاجها، فالآن يوجد في إسرائيل نحو 330 ألف عائلة تعاني من انعدام الأمن الغذائي"، وفق درمون.
وبشأن توزيع الفقراء في "إسرائيل" على الفئات الاجتماعية المختلفة، أكّد درمون أنّ "أغلب الفقراء هم من اليهود غير الحربديم".
بدورها، قالت مديرة هيئة مجال المجتمع في جمعية "عيلِم"، ناتي كرئيل، لموقع "زمان إسرائيل"، إنّ العديد من الجهات التي بادرت إلى تقديم المساهمات بشكل منتظم بعد 7 أكتوبر، توقفت عن دعمها أو خفّضته بشكل كبير هذا العام، بعد أن حصل ارتفاع كبير في المساهمات في الفصل الأخير من السنة الماضية، بعد الحرب.
وأضافت كرئيل أنّ "جهات عملية كبيرة يُلاحظ أنّها تنقل مساهماتها لصالح سكان الجنوب، بما يمنحهم شهرة مباشرة، على حساب الاستثمار في الأشخاص، والجهات الشفّافين في المجتمع".
وإضافةً إلى الفقر، حذرت كرئيل، من أنه منذ 7 أكتوبر، يُسجّل ارتفاع في أزمة الشباب، لا سيما بين النازحين، حيث حصلت زيادة في الأزمات النفسية، كالانعزال والانطواء، وتعاطي المخدرات والكحول وممارسة العنف، إذ على الرغم من عودة جميع الشباب النازحين لمتابعة الدراسة "رسمياً"، إلاّ أنه "عملياً"، فإنّ أغلبهم لم يعودوا إلى الدراسة حتى اليوم، مشيرةً إلى أنّ النازحين يعانون أيضاً من مشاكل انعدام اليقين وتوقف الروتين.
غياب الحكومة
بدوره، حذّر مدير النشاط في منظمة "مازون" الإسرائيلية الإجتماعية، يشاي منوحين، من أنّ "الحرب تسببت في تدهور الوضع الاجتماعي في إسرائيل، قبل كل شيء، لأنّ الحكومة لم تتجند أبداً للمساعدة".
فمنذ اندلاع الحرب، "الحكومة لم تمرر شيكلاً واحداً للجمعيات التي توزع المواد الغذائية، على الرغم من التزايد الكبير للاحتياجات"، وفق منوحين.