الأسلحة الكهرومغناطيسية وتأثيرها على "إسرائيل" في حال امتلكتها المقاومة

تعدّ الأسلحة الكهرومغناطيسية واحدة من التطورات المبتكرة في مجال الأسلحة الحديثة، وتفتح آفاقاً جديدة في استخدام التكنولوجيا الكهرومغناطيسية لأغراض عسكرية.

  • الأسلحة الكهرومغناطيسية وتأثيرها في
    الأسلحة الكهرومغناطيسية وتأثيرها في "إسرائيل" في حال امتلاك المقاومة لها

تشكل الأسلحة الكهرومغناطيسية مجالاً متقدماً وواعداً في عالم الأسلحة الحديثة، إذ تعتمد على التكنولوجيا الكهرومغناطيسية لإحداث تأثيرات غير تقليدية. تعتمد هذه الأسلحة على مبادئ علمية متقدمة لتوليد طاقات كهرومغناطيسية يمكن أن تكون مدمرة للأجهزة الإلكترونية والأنظمة التقنية. في هذا المقال، سنتناول تعريف الأسلحة الكهرومغناطيسية، وتاريخها، وكيفية تصنيعها، وتأثيرها المحتمل إذا ما حصلت عليها أي جهة فاعلة مثل المقاومة اللبنانية.

في مقابلة مع صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، قدم الخبير الإسرائيلي نيتسان نوريل تحليلاً مفصلاً حول الأسلحة الجديدة التي يمتلكها حزب الله، بما في ذلك الأسلحة الكهرومغناطيسية. يسلط نوريل الضوء على أن هذه الأسلحة تمثل "تهديداً متزايداً للأمن الإسرائيلي، مع التركيز على قدرتها على التأثير بشكل سلبي في الأنظمة الدفاعية مثل القبة الحديدية والرادارات".

وفقاً لنوريل، فإن الأسلحة الكهرومغناطيسية قد تؤدي إلى تعطيل الأنظمة الإلكترونية في الرادارات، ما يتسبب بفقدان القدرة على الكشف والتتبع الفعّال للأهداف الجوية. كما أن هذه الأسلحة قد تؤثر في الطيران الحربي والطائرات المسيرة، ما يزيد تعقيد التهديدات الأمنية التي تواجهها "إسرائيل"، فما هو هذا السلاح؟ وما تأثيره؟

الأسلحة الكهرومغناطيسية

الأسلحة الكهرومغناطيسية تمثل فئة متقدمة من الأسلحة التي تستخدم الطاقة الكهرومغناطيسية لتحقيق تأثيرات مدمرة على الأنظمة الإلكترونية والأجهزة التقنية. هذه الأسلحة تعتمد على المبادئ العلمية المتقدمة في مجال الكهرومغناطيسية لتوليد طاقات قادرة على التأثير في الإلكترونيات والتقنيات الحديثة. يمكن تقسيم الأسلحة الكهرومغناطيسية إلى أنواع مختلفة، وكل نوع له خصائصه وتطبيقاته الخاصة.

الأنواع الرئيسية للأسلحة الكهرومغناطيسية

1. الأسلحة الموجية الكهرومغناطيسية (Microwave Weapons):

تستخدم الموجات الدقيقة (الميكروويف) كوسيلة لخلق تأثيرات مؤذية. تعتمد هذه الأسلحة على توليد موجات كهرومغناطيسية ذات تردد عالٍ تُوجه نحو الهدف.

يتم إنشاء موجات ميكروويف ذات طاقة عالية بواسطة أجهزة توليد خاصة، ثم يتم توجيه هذه الموجات نحو الهدف. عندما تصطدم الموجات بالأجهزة الإلكترونية، فإنها تتسبب في تسخين المكونات الإلكترونية، ما يؤدي إلى تعطلها أو تدميرها.

يمكن استخدام هذه الأسلحة لتعطيل أو تدمير الأنظمة الإلكترونية، مثل الرادارات وأنظمة الاتصالات والأجهزة العسكرية. قد تُستخدم أيضاً في التطبيقات غير القتالية، مثل السيطرة على الحشود أو إعاقة الأجهزة غير المرغوب فيها.

2. الأسلحة المغناطيسية (Electromagnetic Railguns and Coilguns):

تستخدم الحقول المغناطيسية لتسريع المقذوفات إلى سرعات عالية جداً. هناك نوعان رئيسيان من الأسلحة المغناطيسية: السكك الكهربائية (Railguns) والمدافع الملفوفة (Coilguns).

تستخدم السكك الكهربائية اثنين من القضبان المعدنية لتوليد مجال مغناطيسي قوي، يتم من خلاله تسريع المقذوف عبر القوة الكهرومغناطيسية. المقذوف ينزلق بين القضبان بسرعة تفوق سرعة الصوت، ما يسبب تأثيراً مدمراً عند الاصطدام.

أما المدافع الملفوفة، فتعتمد على استخدام سلسلة من الملفات المغناطيسية لتسريع المقذوف عبر المجال المغناطيسي. كل ملف يتم تنشيطه في توقيت معين لدفع المقذوف إلى الأمام بسرعة عالية.

يمكن استخدام الأسلحة المغناطيسية في العمليات العسكرية لتفوق سرعة المقذوفات، ما يزيد من دقتها وتأثيرها. يمكن استخدامها أيضاً في التطبيقات الفضائية والبحث العلمي، حيث تحتاج السرعات العالية والدقة في الإطلاق.

تاريخ الأسلحة الكهرومغناطيسية

تعود أبحاث الأسلحة الكهرومغناطيسية إلى النصف الثاني من القرن العشرين. بدأت أولى المحاولات في فترة الحرب الباردة، إذ سعى العلماء لتطوير أسلحة يمكن أن تخلق أضراراً واسعة النطاق باستخدام مبادئ علمية غير تقليدية.

خلال الثمانينيات والتسعينيات، تم تطوير العديد من المشاريع البحثية العسكرية التي ركزت على الأسلحة الكهرومغناطيسية. بدأت الأسلحة التي تعتمد على الموجات الدقيقة بالتقدم بشكل ملحوظ، وكذلك الأسلحة التي تستخدم الحقول المغناطيسية.

وفي العقد الأول من الألفية الثانية، شهدنا تقدماً كبيراً في التكنولوجيا الكهرومغناطيسية، إذ أصبحت الأسلحة الكهرومغناطيسية أكثر فعالية من حيث القدرة على تعطيل الإلكترونيات والأسلحة الإلكترونية.

التأثير المحتمل للأسلحة الكهرومغناطيسية

إذا ما حصلت المقاومة اللبنانية على أسلحة كهرومغناطيسية، فإن ذلك قد يؤثر بشكل كبير في توازن القوى في المنطقة. يمكن أن تشمل التأثيرات المحتملة ما يلي:

تعطيل البنية التحتية الإلكترونية: يمكن أن تسبب الأسلحة الكهرومغناطيسية تعطيل الأنظمة الإلكترونية والاتصالات، ما يؤدي إلى تأثيرات استراتيجية كبيرة في قدرة العدو على إدارة العمليات العسكرية.

تقليل فعالية الأسلحة الأخرى: إذا تم استخدام هذه الأسلحة ضد أنظمة دفاعية إلكترونية، فقد يؤدي ذلك إلى تقليل فعالية الأسلحة الأخرى، مثل الصواريخ وأنظمة الرادار.

تأثيرات مدنية: يمكن أن تؤدي هذه الأسلحة إلى أضرار جانبية تؤثر في البنية التحتية المدنية، مثل إلحاق الأضرار بالشبكات الكهربائية وأنظمة الاتصالات.

التأثير المحتمل للأسلحة الكهرومغناطيسية في جيش الاحتلال

التأثير في أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلي

1. القبة الحديدية:

نظام الدفاع الجوي "القبة الحديدية" هو نظام متقدم مصمم لاعتراض الصواريخ قصيرة المدى والقذائف. يعتمد على تكنولوجيا الرادار لتتبع الصواريخ وإطلاق الصواريخ الاعتراضية لتدميرها في الجو. الأسلحة الكهرومغناطيسية، مثل الأسلحة الموجية الكهرومغناطيسية، يمكن أن تشكل تهديداً خطيراً للقبة الحديدية عبر:

- تعطيل الرادارات: الموجات الدقيقة ذات الطاقة العالية يمكن أن تؤثر بشكل كبير في الرادارات التي تستخدمها القبة الحديدية، ما يؤدي إلى تعطيل قدرتها على تتبع الصواريخ وتوجيه الصواريخ الاعتراضية بشكل دقيق.

إرباك الاتصالات: الأسلحة الكهرومغناطيسية يمكن أن تعطل الاتصالات بين الرادارات والصواريخ الاعتراضية، ما يخلق فوضى في تنسيق الهجمات، ويضعف القدرة العامة للنظام على تنفيذ مهامه الدفاعية.

2. مقلاع داوود:

نظام "مقلاع داوود" مصمم لمواجهة الصواريخ البالستية متوسطة المدى، ويعتمد على تكنولوجيا رادار متطورة وأنظمة توجيه دقيقة. التأثيرات المحتملة للأسلحة الكهرومغناطيسية في "مقلاع داود" تشمل:

تعطيل أنظمة التوجيه: الأسلحة الكهرومغناطيسية يمكن أن تؤثر في أجهزة التوجيه في "مقلاع داوود"، ما يؤدي إلى تقليل دقة الصواريخ الاعتراضية وقدرتها على استهداف الصواريخ البالستية بنجاح. هذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة خطر الهجمات البالستية وعدم فعالية النظام في التصدي لها.

إضعاف الرادارات: تعطيل الرادارات عبر الموجات الدقيقة قد يؤدي إلى فقدان القدرة على الكشف المبكر وتتبع الصواريخ البالستية، ما يزيد صعوبة حماية الأهداف الاستراتيجية.

التأثير في الرادارات والطيران الحربي والطائرات المسيّرة

1. الرادارات:

الرادارات هي عناصر حاسمة في الأنظمة العسكرية، إذ تقوم بكشف وتتبع الأهداف الجوية. والأسلحة الكهرومغناطيسية يمكن أن تتسبب بإحداث تداخل وإرباك في عمل الرادارات، ما يمنعها من أداء وظائفها بشكل صحيح، ويؤدي إلى فقدان المعلومات الحيوية حول الأهداف الجوية.

2. الطيران الحربي والطائرات المسيّرة:

الأسلحة الكهرومغناطيسية قد تؤثر في الطائرات الحربية عبر تعطيل الأنظمة الإلكترونية على متنها، بما في ذلك أنظمة الملاحة والرادار والاتصالات، ما قد يؤدي إلى فقدان السيطرة على الطائرة أو حتى تحطمها.

ويمكن أن تعطل هذه الأسلحة أنظمة التحكم في الطائرات المسيّرة، ما يجعلها غير قابلة للتوجيه. وقد يؤدي إلى سقوطها أو تحطمها، ما يؤثر في العمليات العسكرية والاستخباراتية.

تعد الأسلحة الكهرومغناطيسية واحدة من التطورات المبتكرة في مجال الأسلحة الحديثة، وتفتح آفاقاً جديدة في استخدام التكنولوجيا الكهرومغناطيسية لأغراض عسكرية. من هنا، فإن امتلاك المقاومة هذه الأنواع من الأسلحة قد يحدث نقلة هائلة في قدرات العدو وتفوقه في الجو، وقد يحد من فعالية اعتداءاته وحتى قدرته على التصدي لهجمات المقاومة.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.