إقالة وزير الأمن: نتنياهو يغامر بأمن "إسرائيل" لمصالح شخصية

يعتزم رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، استبدال جدعون ساعر بيوآف غالانت على رأس وزارة "الأمن" بادعاء وقوف الأخير عقبة أمام عمل "الجيش" في الشمال الفلسطيني المحتل، فيما ترفض المعارضة هذا التعديل بحجة عدم معرفة ساعر بالشؤون العسكرية اللازمة لإدارة وزارته في زمن الحرب.

  • جدعون ساعر يحضر اجتماعاً لكتلة حزب
    جدعون ساعر يحضر اجتماعاً لكتلة حزب "الوحدة الوطنية" في الـ"كنيست". 10 حزيران/يوليو 2023. (إعلام إسرائيلي)

سُلّطت الأضواء في "إسرائيل" خلال اليومين الماضيين، بكثافة، على سعي رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الحثيث إلى استبدال وزير الأمن الحالي، يوآف غالانت، برئيس حزب اليمين الرسمي، جدعون ساعر، بذريعة أن توسيع الحكومة يساهم في حل مشكلتي الأسرى في غزة، وإعادة سكان الشمال إلى المستوطنات. وأثارت هذه المسألة شكوكاً كثيرة لدى جهات عديدة في "إسرائيل"، حول حقيقة دوافع نتنياهو، واتهمه كثيرون في إسرائيل، بأن ما يُوجه قراراته، ليست المعايير الاستراتيجية أو العسكرية، بل المصلحة السياسية، والتمسك بالسلطة.

نتنياهو: غالانت عقبة أمام الحرب في الشمال

حاول رئيس الحكومة الإسرائيلية تبرير خطوته التي يكثر الحديث عنها في "إسرائيل"، وهي استبدال وزير الأمن الحالي، يوآف غالانت، برئيس حزب اليمين الرسمي، جدعون ساعر، الذي يترأس كتلة من 4 أعضاء في الـ"كنيست"، وقال، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، خلال مشاورات أمنية، جرت الاثنين، أن "توسيع الحكومة سيساعد في الحرب في الشمال، وكذلك في صفقة الأسرى في غزة". وحاول أيضاً عضو حزب الـ"ليكود"، الرجل المقرب من نتنياهو، وزير الاتصالات شلومو كرعي، تبرير خطوة نتنياهو، وتسويقها، فقال في حديث مع قناة i24news الإسرائيلية: "نحن بحاجة إلى وزير أمن، وليس لدينا وزير أمن حالياً... كان يجب على غالانت أن يعود إلى منزله منذ فترة طويلة، إسرائيل هي سفينة حربية جاهزة للخروج إلى المعركة، لكن غالانت يُمسك بالأشرعة ولا يسمح بحدوث ذلك، وهو يخنق روح القتال".

الأحزاب المعارضة: إذا عُيَّن ساعر سيترحم الإسرائيليون على عمير بيرتس

وفي المقابل، رفض أقطاب المعارضة إقالة غالانت، وشنوا حملة استباقية ضد نتنياهو، وقال رئيس حزب "معسكر الدولة" بيني غانتس، إن ما يفعله نتنياهو في هذه الأوقات، يعرّض أمن "إسرائيل" للخطر، لأن "استبدال وزير أمن للدفع قدماً بقانون يكرّس الإعفاء من التجنيد هو أيضاً تخلٍّ أخلاقي"، واتهم غانتس نتنياهو بأنه "ينشغل بتركيبات سياسية تافهة بدل الانشغال بأمور أمنية".

بدوره عضو الـ"كنيست" ورئيس هيئة الأركان العامة سابقاً، غادي أيزنكوت، شن هجوماً على نتنياهو وساعر، وقال في مقابلة مع إذاعة "ريشت بيت" الإسرائيلية، إن إقالة وزير الأمن، ستحصل لأهداف سياسية، من أجل تمرير قانون التجنيد، وبالتالي ستضر بالجيش الإسرائيلي، وهذا استمرار لسياسة نتنياهو التي يُعد فيها الاعتبار الشخصي السياسي هو الأعلى. وقال آيزنكوت إن "ساعر غير مؤهل ليكون وزيراً للأمن، لدرجة أن الإسرائيليين سيفتقدون إلى وزير الأمن السابق عمير بيرتس". من ناحيته، هاجم رئيس حزب "الديمقراطيين"، يائير غولان، نتنياهو وساعر، فاتهم الأول بالفساد والثاني بـ"التخلي عن كل قيمه لمجرد كون استطلاعات الرأي ليست في صالحه".

 وانتقد محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، رون بن يشاي، تحرك نتنياهو لإقالة غالانت لأن "ذلك يتعارض مع مصالح إسرائيل، فإقالة وزير أمن في خضم حرب تبث ضعفاً وتكشف عن شرخٍ داخلي عميق ومتزايد في المجتمع الإسرائيلي، كما أنها ستضر بشرعية إسرائيل الداخلية والشرعية التي يمنحها إياها الأميركيون على الساحة الدولية، فوزير الأمن المقترح ليس لديه أهلية ومعرفة وخاصة خبرة في هذا المجال، وسيحتاج إلى وقت طويل لتعلم دوره، بينما عملياً، سيكون عليه منذ اليوم الأول له في منصبه الموافقة على خطط وعمليات ذات ثمن باهظ في الدم والاقتصاد". 

ولفتت معلقة الشؤون السياسية في القناة الـ"13"، ليئور تسلفسكي، إلى أن "الخشية في إسرائيل هي من ردة فعل الولايات المتحدة الأميركية، التي تحتاجها إسرائيل إذا حصلت حرب في الشمال، وإذا صدرت أوامر الاعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين في لاهاي". 

ساعر لا يمتلك الخبرة العسكرية 

وأشار محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئل، إلى أن نتنياهو "يسعى إلى تعيين بديل عديم الخبرة لغالانت من أجل التخلص منه، وكما كان واضحاً منذ عدة أشهر، فإن الاعتبارات الوحيدة التي توجه قرارات رئيس الحكومة تتعلق ببقائه الشخصي واستمرار إمساكه بالسلطة، حتى لو كان ثمن ذلك التخلي عن الأسرى الذين يتعفنون في أنفاق قطاع غزة". وأضاف هرئل بأنه "من بين كل المناورات السياسية المثيرة للاشمئزاز التي تمت خلال الحرب، قد تكون هذه المناورة هي الأكثر إثارة للاشمئزاز على الإطلاق، التي ينفذها نتنياهو". 

كما نقل معلق الشؤون العسكرية في القناة الـ"13"، ألون بن ديفيد، موقف المؤسسة العسكرية والأمنية من هذا التعيين، قائلاً إن ما يحصل "مقلق جداً لها، فلسان حال قيادة الجيش الإسرائيلي، يقول إن استبدال وزير أمن في ذروة الحرب، ليس أمراً جيداً، لا سيما أن البديل لا يميز بين كتيبة وفرقة، وبين دبابة ومدرعة، ولن يستطيع اتخاذ قرارات، عندما يوقطونه هند الساعة الرابعة فجراً، ويخبروه بأن نحو 200 صاروخ إيراني في الطريق نحو إسرائيل".  ولفت بن دافيد إلى أن تعيين شخص تنقصه التجربة الأمنية في وسط حرب، هو تجارة قاتلة ثمنها دم وقتلى.

اقرأ أيضاً: خطط نتنياهو لإقالة غالانت تعمّق الانقسام في "إسرائيل"

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.