وظيفة انتحال شخصية دونالد ترامب.. ما القصة؟
من هم الأشخاص الذين يعيشون حياة الرئيس ترامب في المسيرات وبطولات الغولف وحتى حفلات الأطفال؟
-
المواطن الأميركي جون مورغان أمضى سنوات في تقليد شخصية جورج دبليو بوش والآن يقلّد ترامب ويجني من هذه الوظيفة أرباحاً.
صحيفة "ذا إندبندنت" البريطانية تنشر تقريراً تحدّثت فيه عن الأشخاص الذين ينتحلون شخصية الرئيس الأميركي دونالد تامب، ويتخذون من ذلك وظيفة تجني لهم الأموال والأرباح.
أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:
يعيش توماس ماندي الحياة بطولها وعرضها، من الاستلقاء على أحد شواطئ فلوريدا إلى حضور الحفلات الراقية ولعب جولات منتظمة من الغولف. إلا أنّه في الواقع، يعيش حياة شخص آخر، وهو الرئيس دونالد ترامب، ويتقاضى أجراً مقابل انتحال شخصيته. وفي حديثه إلى صحيفة "إندبندنت"، أشار إلى أنّ عمله مزدهر حقاً، وقال: "لطالما كنت مشغولاً؛ إلا أنّه بمجرّد أن خسر الانتخابات في عام 2020، غضب الناس بشدة وتضاعف عملي. وعند توجيه الاتهامات إليه، تضاعف عملي أربع مرات.. واليوم بات الأمر جنونياً".
بالنسبة لماندي، البالغ من العمر 65 عاماً، يكاد لا يمرّ يوم مملّ، فهاتفه يرنّ دائماً من أجل طلبات "ظهور الرئيس" في جميع المناسبات؛ من المسيرات إلى بطولات الغولف، وحتى حفلات أعياد ميلاد الأطفال. وقد أثار مقطع فيديو انتشر مؤخّراً، يُظهر مقلّداً غير معروف لترامب وهو يصل حفلة صبي صغير متحمّس، ضجة على الإنترنت. وكتب صاحب الحساب الذي شارك الفيديو: "أن تستأجر منتحل شخصية ترامب لحفلة عيد ميلاد للأطفال ليس شعيرة إلزامية". وعلّق أحد المستخدمين بالقول: "لقد استأجروا مهرّجاً". وقال آخر: "هذا هو أكثر شيء مخيف رأيته في حياتي"، بينما أضاف مستخدم آخر: "لا أستطيع أن أصدّق أنّ أميركا حقيقية".
هذه الآراء لا تزعج ماندي أبداً، وقد أشار إلى أنّه أنهى للتو مكالمة هاتفية مع امرأة لحضور حفل طفلها البالغ من العمر خمس سنوات، "لكنّ كلامي مبتذل جداً ونحن نتفاوض بهذا الشأن". ويقرّ بأنّ حفلات الأطفال ليست في الحقيقة "ملعبه"، فيقول: "لا أشارك في الكثير منها.. ربما مرة أو اثنتين في الشهر". لكن مناسبات البالغين مختلفة وغالباً ما يحضر نحو خمس حفلات في الليلة. ويشير إلى أنّ "الجميع يريد أن يلتقط صوراً معي.. ولو كنت أعزب، لذهبت إلى لاس فيغاس في نهاية كلّ أسبوع"، مضيفاً أنّ تناول العشاء مع زوجته هو إحدى المرات القليلة التي يتوقّف فيها عن انتحال شخصية دونالد ترامب.
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ البحث الموجز على "غوغل" عن "منتحلي شخصية ترامب" يُظهر مجموعة واسعة من المؤدّين الذين يتقاضون أسعاراً مختلفة في مناطق مختلفة. وتتراوح قوائم الأسعار على "Gig Salad"، وهي منصة تُستخدم لحجز المؤدّين، من 100 دولار إلى 20 ألف دولار لكلّ ظهور. أما ماندي، الذي يعيش في نيويورك، فيبيع عروضه على منصة رسائل الفيديو "Cameo" بسعر يبدأ من 30 دولاراً أميركياً فقط، إلا أنّه أكثر تحفّظاً بشأن المبالغ الإجمالية التي يجنيها من عمله. ويقول ضاحكاً: "لا أعتقد بأنه ينبغي عليّ أن أخبرك كم أتقاضى، لئلا نقع في ورطة".
وعلى الرغم من وفرة إعلانات ترامب المتاحة للتأجير عبر الإنترنت، يعترف ماندي بأنه لا يعرف أيّ منتحلي شخصية آخرين شخصياً، ويقوم بمشاهدة محتواهم من أجل "التحقّق من المنافسة" فحسب. ومع ذلك، لا شيء رآه حتى الآن يثير قلقه. ويقول: "أنا أعتبر نفسي الأفضل في العالم". وعلى الرغم من أنّ الشعور الترامبي بالثقة في قدرة المرء أمر شائع بين أولئك الذين يتولّون هذا الدور، إلا أنّ أسلوب ماندي العنيف إلى حدّ ما لا يلقى قبولاً لدى الجميع.
من جهته، قال إيدي تايسون، وهو مقلّد مخضرم آخر يقيم في مدينة دنيدن بولاية فلوريدا: "أنا لا أرى الآخرين كمنافسين.. فأنا أنسجم مع الجميع. الأمر ممتع وأنا أستمتع بعملي ولست مضطراً للقيام به. وعندما أصل إلى مرحلة لا أستمتع بما أقوم به، فسأتوقّف. إنه أمر جنوني وممتع". وعلى الرغم من أنّه، مثل ماندي، يرغب في أن يكون الأفضل على الإطلاق، إلا أنّ تايسون ليس طموحاً بقدره. وقد انتقل صديقه جون مورغان، البالغ من العمر 68 عاماً، وهو المغني وكاتب الأغاني الذي يعتبره تايسون "أفضل منتحل لشخصية جورج دبليو بوش على الإطلاق"، إلى ساحة تقليد ترامب؛ وهما يتبادلان النصائح.
وفي الوقت الحالي، يؤدّي مورغان، وهو بائع ثلاجات سابق، دور ترامب منذ 6 سنوات، ويعترف بأنّ انتحال شخصية رئيس حالي يُعدّ عملاً مربحاً للغاية. ويقدّر أنّه جنى أكثر من مليون دولار أميركي من عمله في انتحال شخصية بوش على مدار العشرين عاماً الماضية، وقضى وقتاً طويلاً في القيام بذلك. وخلال حديثه لصحيفة "إندبندنت"، قال: "لقد أصبحت مدمناً على هذه الشخصية. وعندما أصبح أوباما رئيساً، لم أتمكّن من انتحال شخصيته؛ فهذا الأمر غير لائق من الناحية السياسية. لكنّني واصلت تقليد شخصية جورج بوش". وتوقّف بعد أن تعرّضت زوجته لحادث طبي خطير أخرجه من جو أداء هذه الشخصية إلى أن أخرجته عودة ترامب من حالة الركود هذه.
وفي هذا السياق، قال: "الآن بعد أن عاد إلى منصبه، سأفعل ذلك بكلّ ما أوتيت من قوة. لكن في نهاية المطاف، أريد أن أكون المقلّد الأول لجورج بوش ودونالد ترامب في الولايات المتحدة".
وتجدر الإشارة إلى أنّ هناك قاسماً مشتركاً آخر بين جميع منتحلي شخصية ترامب الجادّين وهو احترامهم الفعلي للرئيس، على الرغم من أنّ ماندي يعتبر نفسه "أكثر يمينية من الرئيس". وحتى تايسون ومورغان، اللذان أمضيا سنوات في انتحال شخصية الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون، يصنّفان نفسيهما على أنهما جمهوريان ومؤيّدان لترامب.
ويدرك تايسون أنّ هناك حدوداً معيّنة لا يستطيع تجاوزها في أدائه. وفي هذا الإطار، يقول: "أنا لا أفعل أيّ شيء يحرجه. وفي حال خرجت وفعلت شيئاً غبياً وجعلته يبدو وكأنه أحمق، فهو يعرف الجميع في دائرة الإيرادات الداخلية، وسيرسل إيلون ماسك لتعقّبي".
نقلته إلى العربية: زينب منعم.