موقع أوروبي: هل بوتين والاقتصاد الروسي هما الفائزان في الحرب؟

بعد عامين من الصراع، هل كان بوتين والاقتصاد الروسي هما الفائزان الحقيقيان في الحرب في أوكرانيا؟ هذا ما تشير إليه الأرقام.

  • موقع أوروبي: هل بوتين والاقتصاد الروسي هما الفائزان في الحرب؟
    موقع أوروبي: هل بوتين والاقتصاد الروسي هما الفائزان في الحرب؟

تناول موقع موقع "brussels signal" الذي يعنى بتسليط الضوء على القضايا السياسية في أوروبا ويحاول مساءلة صناع القرار في الاتحاد الأوروبي، تناول الحرب في أوكرانيا بعد مرور عامين على اندلاعها محاولاً الإجابة على السؤال: هل كان بوتين والاقتصاد الروسي هما الرابحين من الحرب؟

فيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:

منذ بداية الحرب في أوكرانيا منذ عامين، سقط مئات الآلاف من الأرواح، ونزح الملايين، وعانت الاقتصادات الغربية، وتعطلت العلاقات الدولية وتجري إعادة هيكلتها. ومنذ بداية الحرب، وقف الغرب بقوة ضد روسيا، وفرض عقوبات كان المقصود منها إجبار روسيا على التراجع، لكن هذا لم ينجح فحسب، بل يبدو أن تأثيره كان سلبياً على الاقتصاد الأوروبي، أكبر من تأثيره على خزائن روسيا.

ووفقاً لصندوق النقد الدولي، ارتفع الإنفاق الاستهلاكي في روسيا في عام 2023 بنسبة 6% وانخفض التضخم الآن من 11.5% إلى 6.5%. في حين عانت قطاعات محدودة مثل صناعة السيارات من تراجع، فإن الناتج الصناعي الإجمالي حافظ على مستواه الذي كان عليه قبل عامين. أما بالنسبة للإيرادات من صادرات النفط والغاز، فيبدو أنها ارتفعت بالفعل.

كذلك، تعمل روسيا على تنويع أسواق تصدير الطاقة لديها، وقد ساهمت الأسواق الصينية والهندية بزياده وارداتهما من النفط الروسي بأكثر من عشرة أضعاف منذ نحو عامين، بتعزيز خطط وموقف الكرملين. إضافة إلى أن روسيا لديها نفوذ على ما يسمى "أسطول الظل" من ناقلات النفط التي تزود مصافي آسيا بالإمدادات النفطية بأسعار معقولة، حتى أن المملكة العربية السعودية تشتري النفط الروسي الرخيص لتغذية محطات الطاقة لديها، وتبيع خامها المرتفع الثمن إلى بقية العالم.

وكان "خبراء" صندوق النقد الدولي، توقعوا أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الروسي بنسبة 8.5% في عام 2022 وبنسبة 2.3% أخرى في عام 2023. وبدلاً من ذلك، انكمش الاقتصاد الروسي في عام 2022 بنسبة 2% فقط، بينما نما العام الماضي بنسبة 3%. وفي الوقت نفسه، نما الناتج المحلي الإجمالي لأوروبا ومنطقة اليورو بنسبة 0.5% - بانخفاض 2.9 نقطة عن عام 2022، عندما ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي.

لقد تأثرت القوى الاقتصادية الأوروبية بشكل خاص، انكمش اقتصاد ألمانيا رابع أكبر اقتصاد في العالم ونحو ربع إجمالي الناتج المحلي للاتحاد الأوروبي، بنسبة 3% بحلول نهاية عام 2023، مبتعداً بفارق ضئيل عن الركود. وانخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي في المملكة المتحدة من 4.3% إلى 0.1 فقط.

ومن ناحية أخرى، استفادت القوى الاقتصادية الآسيوية، وصعدت الهند إلى مرتبة الاقتصاد الأسرع نمواً في العالم في العام 2023، وجاءت الصين في المركز الثالث، كما أدى موقف تركيا المتناقض بشأن الحرب الأوكرانية إلى جني ثمار اقتصادها، مع ارتفاع صادرات السلع الأساسية إلى روسيا، ومن بينها الرقائق الدقيقة التي تشكل أهمية كبيرة للمجهود الحربي.

أما بالنسبة للفيل الموجود في الغرفة، فلا تبدو الولايات المتحدة غير متأثرة اقتصادياً بالصراع فحسب، بل إنها على النقيض من أوروبا تستمر في النمو. وزاد اقتصاد الولايات المتحدة المكتفي ذاتياً من الوقود الأحفوري من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.9% في عام 2022 و 2.5% في عام 2023.

أما الحصيلة الأكبر فقد تكبدتها أوكرانيا نفسها. وخلال العامين الماضيين، خسرت ما بين 30 إلى 35% من ناتجها المحلي الإجمالي. وعلى الرغم من مئات الملايين من المساعدات المالية التي يقدمها الغرب، فقد وصل معدل الفقر إلى نسبة مذهلة بلغت 24%، وتقدر تكلفة إعادة بناء الاقتصاد الأوكراني الآن بأكثر من نصف تريليون دولار.

ولا يبدو الوضع على الأرض جيداً أيضاً. وبعد الهجمات المضادة الأوكرانية الفاشلة في العام الماضي، وبينما تستعد القوات الروسية الآن لهجوم الربيع، أصبح من الواضح على نحو متزايد أنه قد لا يكون من الممكن عسكرياً صدّ الجيش الروسي خاصة في الأقاليم الناطقة بالروسية في شرق أوكرانيا.

في الواقع، حتى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اعترف بعدم قدرة أوكرانيا على كسب الحرب عندما قال مؤخراً إنه قد يكون من الضروري نشر قوات غربية على خط المواجهة، قبل أن يتم رفضه بسرعة من قبل زعماء الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي معاً.

ومن ناحية أخرى، وافق مجلس الاتحاد الأوروبي الآن على تقديم مساعدات إضافية بقيمة 50 مليار يورو لأوكرانيا، أو لحرب يستفيد منها العديد من الأطراف باستثناء الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا. فهل يعتبر إهدار الأموال النقدية في قضية عقيمة على حساب الرخاء والتماسك الاجتماعي استراتيجية حكيمة طويلة الأمد.

ولعل تجديد الدروس القيمة من تاريخها قد يكون مفيداً لأوروبا. إن إعادة النظر، على سبيل المثال، في فكرة أوتو فون بسمارك عن "السياسة الواقعية" قد تكون مفيدة. ليست كل النضالات تستحق المتابعة بأي ثمن حتى النهاية المريرة.

بعد عامين من الصراع، هل كان بوتين والاقتصاد الروسي هما الفائزان الحقيقيان في الحرب؟

هذا ما تشير إليه الأرقام بشكل محبط.

 

نقله إلى العربية: حسين قطايا.

حلف الناتو يحاول التمدد باتجاه الشرق قرب حدود روسيا، عن طريق ضم أوكرانيا، وروسيا الاتحادية ترفض ذلك وتطالب بضمانات أمنية، فتعترف بجمهوريتي لوغانسك ودونيتسك، وتطلق عملية عسكرية في إقليم دونباس، بسبب قصف القوات الأوكرانية المتكرر على الإقليم.