مؤرخ ودبلوماسي بريطاني: نتنياهو يلعب دور الدجاجة

يمكن لـ "إسرائيل" أن تغتال وأن تقصف من الجو، لكن لا يمكنها تدمير حماس وحزب الله، ولا يمكنها استعادة أسراها من غزة ولا يمكنها جعل شمال "إسرائيل" آمناً للإسرائيليين.

0:00
  • مؤرخ ودبلوماسي بريطاني: نتنياهو يلعب دور الدجاجة
    مؤرخ ودبلوماسي بريطاني: نتنياهو يلعب دور الدجاجة

كريغ موراي هو مؤرخ بريطاني وسفير سابق، وناشط حقوقي، ينشر مقالاً في موقع خاص به، يتحدث فيه عن الحرب التي يخوضها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على غزّة، وكيف يحاول جرّ محور المقاومة إلى الحرب من خلال الضربات التي يشنّها وآخرها تلك التي على لبنان.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية: 

إنّ نتنياهو يسعى يائساً لإبقاء الحرب مشتعلة وجذب الولايات المتحدة إليها أكثر فأكثر. وفي الوقت نفسه، لا يستطيع إرسال قوات برية إلى جنوب لبنان حيث ستتكبّد خسائر فادحة.

يمكن لـ "إسرائيل" أن تغتال، ويمكنها استخدام الإرهاب العشوائي ويمكنها القصف من الجو، وقد فعلت كل هذه الأشياء ضد لبنان وسوريا والعراق وإيران. لكن "إسرائيل" لا تستطيع تدمير حماس ولا حزب الله، ولا يمكنها استعادة أسراها من غزة، ولا يمكنها جعل شمال "إسرائيل" آمناً لمستعمريها.

لا شيء تفعله "إسرائيل" بأي شكل من الأشكال يعزز أهدافها المعلنة، وفي الواقع من غير المرجح تحقيقها على الإطلاق.

ولكن، مع قبول وتعزيز بايدن وهاريس كل تصعيد وكل مخالفة قانونية تقوم بها "إسرائيل"، تزداد قبضتها الخانقة على ساسة الغرب قوة. لقد دعم كل هؤلاء الآن، بما في ذلك وزراء حزب العمال والمحافظين في المملكة المتحدة، عدم الشرعية إلى ما هو أبعد من المرحلة التي لا يمكن فيها التراجع.

إنّ حرب العراق تظهر أنّه مهما كانت الحرب غير قانونية، فإنك إذا فزت بها، فإنك ستكتب - أو على الأقل تفسر - قواعد القانون الدولي. لكن المشكلة بالنسبة إلى نتنياهو وسوناك وستارمر وفون دير لاين وغيرهم هي أنّ ما يبدو عليه النصر، لا يبدو واضحاً على الإطلاق.

يبدو أننا محاصرون في تشويه بشع للوجودية، إذ إنّ قتل العرب من أي عمر وجنس هو في حد ذاته طريق الفضيلة وسبب للعيش.

إنّ "جيش تيك توك" الإسرائيلي من قتلة الأطفال والمغتصبين والمتباهين بالملابس الداخلية سوف يتكبد خسائر فادحة إذا تقدم إلى لبنان. إنّه يشن حالياً هجمات جوية مكثفة، لكنه لا يستطيع تدمير حزب الله بهذه الطريقة، حتى لو ضاعف ثلاث مرات الكمية الهائلة من المتفجرات التي أسقطها على غزة.

يبدو أنّ استراتيجية نتنياهو المتمثلة في الاغتيالات والحيل القاتلة هي محاولة لتحريض حزب الله على الخروج من أراضيه إلى تقدم انتحاري إلى "إسرائيل". ولكن نصر الله لن ينجر إلى ذلك.

في غضون ذلك، انكشفت مزاعم المملكة المتحدة باحترام القانون الدولي باعتبارها خدعة مطلقة، إذ فشلت في التصويت لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يعطي الأساس للرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بشأن احتلال "إسرائيل" للأراضي الفلسطينية.

إنّ حكم محكمة العدل الدولية بأنّ الاحتلال هو في حد ذاته عمل غير قانوني، وأنّ الدول يجب ألا تفعل أي شيء يمكن أن يساعد "إسرائيل" في الحفاظ عليه، يحدد الوضع الراهن القانوني الواضح الذي تنتهكه المملكة المتحدة بوضوح أيضاً.

عندما صدر قرار محكمة العدل الدولية في 19 تموز/يوليو، كان بيان وزارة الخارجية والتنمية على النحو التالي: "لقد تلقينا الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية وندرسه بعناية قبل الرد. تحترم المملكة المتحدة استقلال محكمة العدل الدولية". لكن لم يأت الرد الموعود أبداً.

وتستمر الرحلات الجوية العسكرية البريطانية وإمدادات الأسلحة والتعاون الاستخباري مع الاحتلال الإسرائيلي من دون هوادة. وأصبح دعم كير ستارمر الكامل لـ "إسرائيل" الآن جزءاً ثابتاً من المشهد الحاكم، كما يتضح من الفشل في إدانة الهجمات الإرهابية على لبنان.

أصبحت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة الآن مرتبطتين باستراتيجية نتنياهو العدمية التي يتمثل هدفها الأساسي في الاحتفاظ بسلطته وحصانته من الملاحقة القضائية من خلال الصراع الدائم، من النوع الذي يجعل حلفاءه أكثر تواطؤاً وسيجرّهم إلى الدعم العسكري النشط.

يتطلب هذا عدواناً إسرائيلياً مستمراً ضد محور المقاومة الذي رفض حتى الآن الانجرار إلى صراع كبير. تتمثل خطة "إسرائيل" في الضغط على إيران وحلفائها إلى الحد الذي يصبح فيه اندلاع حرب إقليمية شاملة أمراً لا مفر منه، حيث ستقاتل الولايات المتحدة إلى جانبهم، وربما أيضاً الأنظمة العربية المطبّعة، وأنا آسف للغاية أن أقول ذلك.

من الواضح أنّ هذا جنون يتعارض تماماً مع مصالح القوى الغربية نفسها. لكن ساستهم، بما في ذلك بايدن وستارمر، متورطون بشدة في أموال جماعات الضغط الصهيونية لدرجة أنه لا يبدو أن هناك مفراً، باستثناء الثورة الشعبية في الغرب.

نقلته إلى العربية: بتول دياب

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.