"غلوبال تايمز": هل اخترقت شبكة "هواوي" القيادة النووية الأميركية؟

قالت الصحيفة إن البنتاغون وحتى نظام القيادة والتحكم النووي يزعمان أنه يتعرض لتهديد كبير من معدات شركة هواوي التي تقع تحت سيطرة الولايات المتحدة.

  • تبالغ وسائل الإعلام والاستخبارات الأميركية بخطر التهديد الصيني.
    تبالغ وسائل الإعلام والاستخبارات الأميركية بخطر التهديد الصيني.

تناولت صحيفة "غلوبال تايمز"  الصينية الأكاذيب والإشاعات التي تروّجها الولايات المتحدة عن التهديد الصيني و"الصينوفوبيا".

وقالت الصحيفة إن شبكة "سي إن إن" الأميركية قد ذكرت يوم السبت الماضي أن "من بين الأمور الأكثر إثارة للقلق التي كشف مكتب التحقيقات الفيدرالي عنها، أمر يتعلق بمعدات هواوي الصينية الصنع فوق أبراج خلوية بالقرب من القواعد العسكرية الأميركية في الغرب الأوسط". وأضافت الشبكة الأميركية أن مكتب التحقيقات الفيدرالي وجد "أن المعدات كانت قادرة على التقاط وتعطيل اتصالات وزارة الدفاع الأميركية، بما في ذلك تلك التي تستخدمها القيادة الاستراتيجية الأميركية، التي تشرف على الأسلحة النووية للبلاد"، وذلك نقلاً عن أكثر من عشرة مصادر لم تسمّها. وذكر التقرير أن ما يسمى بالمصادر المجهولة تشمل مسؤولين حاليين وسابقين في الأمن القومي الأميركي. مسؤول سابق في مكتب التحقيقات الفدرالي قال: "سيؤثر ذلك على قدرتنا على القيادة والسيطرة بشكل أساسي مع الثالوث النووي".

وقالت الصحيفة إن البنتاغون وحتى نظام القيادة والتحكم النووي يزعمان أنه يتعرض لتهديد كبير من معدات شركة هواوي التي تقع تحت سيطرة الولايات المتحدة، وهذا يحدث على خلفية مارست فيها الحكومة الأميركية أقصى قدر من الضغط على شركة هواوي والاستبعاد لها. 

وأضافت "غلوبال تايمز": كيف يمكن لهذا الزعم أن يجعل الأميركيين الذين يؤمنون بـ"التهديد الصيني" ينامون؟ يجب القول إن الخيال والقدرة على رواية القصص لدى إدارة الأمن القومي الأميركية قد "تحسنت" بسرعة بعد سنوات من الممارسة والتمرين في تضخيم "التهديد الصيني". هذه المرة، توصلوا إلى كتاب "تقييم الذعر".

وتابعت الصحيفة: قد يتساءل المرء إن كانت قدرات الاتصالات الدفاعية للبنتاغون أو حتى لسلسلة القيادة النووية الأميركية ضعيفة للغاية؟ هل يمكن لجهاز برج خلوي مدني مراقبتها أو تشويشها بسهولة؟ أين تنفق الولايات المتحدة ميزانيتها الدفاعية السنوية التي تزيد عن 800 مليار دولار؟ أو هل وصلت تكنولوجيا هواوي إلى مستوى أسطوري لا يضاهى من التطور؟ 

وأوضحت الصحيفة أن المرء إذا سلح نفسه بالمعرفة المهنية الأساسية، فسوف يدرك بشكل طبيعي بأن عوامل مثل التردد، ووضع التعديل، والتغطية، وهيكل البيانات لمحطات القواعد الخلوية المدنية لا تتقاطع مع العوامل العسكرية. وأضافت أنه بمجرد العثور على إجابات لهذه الاستفسارات، سوف يلاحظ المرء على الفور مدى سخافة تقرير "سي إن إن" آنف الذكر. ومع ذلك، في مجتمع اقترح فيه السياسي الأعلى السابق في البلاد (الرئيس دونالد ترامب) علانية "حقن نفسه بالمطهّر"(الكلور) لقتل فيروس كورونا الجديد، وحيث أحرق جزء من الجمهور معدات الجيل الخامس 5G لشركة هواوي لأنهم اعتقدوا أن محطات 5G الأساسية تنشر فيروس كوفيد-19، وهي ادعاءات لا أساس لها وتتعارض مع الفطرة السليمة. 

ورأت "غلوبال تايمز" أنه إذا أصبح ترويج الشائعات ونشر الشائعات سلوكاً وطنياً شائعاً بشكل متزايد، أو تكتيكاً جيوسياسياً (في أميركا)، فإن طبيعته المدمرة والمخادعة ستصبح أكبر. هذا هو بالضبط أسلوب الولايات المتحدة في "التنافس" مع الصين.

وأشارت الصحيفة إلى أنه قبل يومين فقط من إصدار CNN لتقريرها، أصدرت وكالة رويترز" البريطانية تقريراً حصرياً حول كيفية قيام إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بالتحقيق فيما إذا كانت الأبراج الخلوية الأميركية المزودة بمعدات هواوي يمكنها التقاط معلومات من القواعد العسكرية للبلاد وصوامع الصواريخ. وقالت: يتساءل المرء عما إذا كانت وسائل الإعلام الأميركية والبريطانية ووكالات الاستخبارات نفسها تضحك على نفسها عندما تقول مثل هذه الأشياء. منذ عام 2018، قامت الحكومة الأميركية بإزالة أو استبدال أكبر قدر ممكن من المعدات من شركة التكنولوجيا الصينية، ومع ذلك، لا تزال بعض معدات هواوي، ومعظمها من منتجات الجيل الرابع 4G وحتى معدات الجيل الثالث 3G، القديمة، تُستخدم في المناطق النائية في الولايات المتحدة. يقول بعض الخبراء إن بعض الأجهزة في الولايات المتحدة قد تم استخدامها بالفعل منذ نحو ثماني إلى عشر سنوات، ولكن وفقًا لـMedit الأميركية، اكتشفت واشنطن الآن فقط أن استخدام معدات هواوي يمكن أن يعطل اتصالات الترسانة النووية الأميركية. وعلقت الصحيفة قائلة: ألن يكون ذلك صفعة لواشنطن من قبل سي إن إن ومكتب التحقيقات الفدرالي؟

وتابعت أنه "لسنوات، كانت واشنطن تختلق الأكاذيب حول هواوي و"التهديدات الأمنية من الصين". لكنها لم تعثر بعد على دليل قاطع واحد. يمكن أن تعتمد فقط على اختلاق أكاذيب جديدة لتغطي على الأكاذيب القديمة، مما يثبت أن أكاذيب الولايات المتحدة محرجة في مواجهة الواقع. فقد خصص الكونغرس الأميركي العام الماضي 1.9 مليار دولار لبرنامج "مزق واستبدل" Rip and Replace التابع للجنة الاتصالات الفيدرالية والذي يهدف إلى مساعدة مزودي خدمات الاتصالات الريفية على استبدال معدات الشبكات الصينية. لكن الخطة لم تعمل بشكل جيد، حيث أن الأموال الفعلية المطلوبة كانت تقارب ثلاثة أضعاف الميزانية المتاحة. في وقت سابق من هذا العام، انضمت العديد من شركات الطيران الأميركية الكبرى كذلك إلى مقاطعة معدات "الجيل الخامس" المحلية. لقد أصبح تضخيم "التهديد الصيني" في مواجهة المشاكل تكتيكاً مفيداً لواشنطن للتعامل مع هذه الصراعات والخلافات المعقدة في الداخل. والآن تصنّف الولايات المتحدة الصين بلا مبرر لارتكابها "جريمة شنيعة" بتعطيل اتصالات الترسانة النووية الأميركية. السؤال هو، إلى متى تستطيع الصين "التستر" على عدم كفاءة الولايات المتحدة؟

وختمت الصحيفة بالقول إن معظم هذا النوع من المعلومات، والذي يبدو أنه هراء بالنسبة للمهنيين، يتم تسريبه إلى وسائل الإعلام من قبل مصادر مجهولة. كما يمكن للمرء أن يتخيل، هؤلاء الناس يعرفون أنها كذبة، لذا فهم لا يجرؤون حتى على الكشف عن هويتهم. ومع ذلك، فإن مثل هذا الهراء المناهض للفكر ينتشر من دون عائق في ساحات الرأي العام في الولايات المتحدة والغرب. ونادراً ما يتلقون تصحيحاً وتوضيحاً علميين وعقلانيين. في حين أن المشاعر المعادية للصين أصبحت تدريجياً "صحيحة سياسياً" في الولايات المتحدة، فإن الجهل وجنون الارتياب يأخذان مكانة واشنطن العالية. ومن المؤسف أن نشهد مثل هذا الانحدار الجماعي.