"غلوبال تايمز" تدعو لعدم الانحراف عن المقاصد الاقتصادية لـ"مجموعة العشرين"
اعتبرت الصحيفة أن جلب المواجهة السياسية إلى مكان انعقاد مجموعة العشرين هو تلويث شديد لهذه المنصة الغالية.
تناولت صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية الصادرة باللغة الإنجليزية في افتتاحيتها اليوم قمة قادة مجموعة العشرين التي ستنعقد يومي 15 و16 تشرين الثاني / نوفمبر الجاري في بالي بإندونيسيا. وقالت إن بعض وسائل الإعلام وصفت القمة بأنها "قد تكون أكثر قمة لمجموعة العشرين توتراً على الإطلاق".
ورأت الصحيفة أن هذا التوصيف ليس مبالغة بكل المقاييس، وأن مهمة إندونيسيا كرئيسة للقمة ليست سهلة. فقبيل القمة، نشرت صحيفة "جاكرتا بوست" مقالاً بعنوان "قادة مجموعة العشرين، أرجوكم لا تأتوا إلى بالي لمجرد الشجار". وجاء في المقال أن "الإندونيسيين والمواطنين العالميين يأملون أن يمتنع القادة عن استغلال اللحظات الثمينة خلال القمة كفرص لانتقاد ومهاجمة بعضهم البعض".
واعتبرت الافتتاحية أنه من الواضح أن هذه إشارة، تليها تسمية مباشرة لقادة الولايات المتحدة ومجموعة السبع (G7)، ومطالبتهم بالعمل من أجل السلام والمصالح العالمية، وليس "فرض إرادتهم ضد الدول الأصغر أو الأفقر".
وأضافت الصحيفة أن "هذه التصريحات تعكس المشاعر العامة للمجتمع الدولي تجاه قمة العشرين. نحن نتفهمها تماماً ونتفق معها. يبدو الموقف الحالي لقادة الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة وكأنهم ذاهبون إلى مجموعة العشرين "للشجار"، وقد قدموا الرأي العام بالفعل توقعات تقريبية حول من سيتم استهدافه وماذا سيقولون. وأشارت "غلوبال تايمز" إلى أن الصدع العالمي الناجم عن الصراع الروسي الأوكراني وترويج الولايات المتحدة لاستراتيجيتها لاحتواء الصين هو وضع جديد لقمة مجموعة العشرين لهذا العام، لكنه يؤكد فقط على القيمة الحاسمة لهذه المجموعةكمنصة مهمة للتعامل مع الأزمات العالمية مثل إصلاح وتحسين الحوكمة الاقتصادية العالمية.
واعتبرت الصحيفة أن جلب المواجهة السياسية إلى مكان انعقاد مجموعة العشرين هو تلويث شديد للمنصة الثمينة لهذه المجموعة، والتي لا بد أن يدينها المجتمع الدولي بالإجماع. فقد حددت إندونيسيا موضوع قمة مجموعة العشرين لهذا العام تحت عنوان "التعافي معاً، والتعافي بشكل أقوى"، والقضايا المتعلقة بهندسة الصحة العالمية، والتحول الرقمي، والتحول المستدام للطاقة كأولويات رئيسية ثلاث. ترتبط كل من الموضوعات والقضايا ذات الأولوية ارتباطاً وثيقاً بالمقصد والمهمة الأصليين لمجموعة العشرين، مع التركيز على العديد من التحديات المشتركة الأكثر خطورة التي تواجه العالم اليوم وطرح اتجاهات بناءة للمناقشة، والتي تجسّد النية الحسنة لرئاسة القمة في البحث عن أرضية مشتركة.
ورأت الافتتاحية أن هناك الكثير من الموضوعات كي يناقشها قادة مجموعة العشرين ويتواصلوا بشأنها. وبما أن القمة مدتها يومان فقط، فإن الوقت محدود للغاية، وأي انحراف عن الموضوع هو مضيعة للوقت.. وأضافت أن مجموعة العشرين قد تأسست بسبب الأزمات المالية العالمية.. فعندما تعرضت الولايات المتحدة لأزمة مالية، حتى مع مجموعة السبع، لم تستطع التعامل معها، لذلك كانت هناك حاجة حقيقية لمجموعة العشرين لتعزيز التنسيق والحوار مع الدول الناشئة. بمعنى ما، فإن مجموعة العشرين هي كذلك رمز للتحول من الغرب الذي له الكلمة الوحيدة للحكم المشترك في جميع أنحاء العالم. نتيجة لذلك، مع تلاشي اهتمام واشنطن بالتنسيق متعدد الأطراف، وتزايد حماسها لتشكيل كتلة خاصة بها، أصبحت الولايات المتحدة غير مهتمة بشكل متزايد بمجموعة العشرين. بل هي مهتمة جداً بمجموعة السبع. ومن خلال القمم السابقة لمجموعة العشرين، يمكننا أن نرى أن واشنطن تزداد صراحة في تدخلها في الأحداث في القضايا السياسية. يجب التأكيد على أن مجموعة العشرين ليست مجموعة السبع موسعة. الأمر مختلف كلياً في طبيعته: في حين أن الأخيرة هي مجرد زمرة من البلدان الغنية، فإن الأولى هي علامة على تعدد الأقطاب. تتكون مجموعة العشرين من الاقتصادات المتقدمة الرئيسية والأسواق الناشئة في العالم، والتي تمثل مجتمعة حوالى 85 في المائة من الاقتصاد العالمي. وقد أظهرت منذ إنشائها حيوية قوية تمثل توجهاً وتحمل التطلعات المشتركة لجميع دول العالم.
وأكدت "غلوبال تايمز" أن ذلك لن يتغير بناء على إرادة الولايات المتحدة، لأن "العالم بأسره يعلق آماله على مجموعة العشرين في أن تكون حافزاً للانتعاش الاقتصادي العالمي، وخاصة بالنسبة للبلدان النامية". وقالت إن الصين تعد من أقوى الداعمين لمجموعة العشرين. وقد دأبت على الترويج لها كي تلعب دوراً رائداً في مواجهة التحديات العالمية وتحسين الحوكمة الاقتصادية العالمية. وعلى الرغم من أن الجغرافيا السياسية قد طغت على القمة الحالية لمجموعة العشرين، فإن من الأهمية والضرورة العالميتين زيادة تعزيز وتنسيق السياسات والتعاون في المجال الاقتصادي. وكما قال الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، رئيس الدولة المضيفة لقمة مجموعة العشرين هذه، "ليس القصد من مجموعة العشرين أن تكون منتدى سياسياً. من المفترض أن تكون حول الاقتصاد والتنمية".
وختمت الافتتاحية بالقول: "نأمل أنه بدلاً من لعب لعبة الشطرنج الجيوسياسية في القمة، أن يكون جميع أعضاء مجموعة العشرين مخلصين من القلب، حتى تتمكن المنظمة من لعب دورها المناسب".