صحافة تركية: هل يقف بايدن إلى جانب "إسرائيل" أو الشارع الأميركي؟
الإدارة الأميركية تتظاهر بأنّها ضد العملية الإسرائيلية في رفح، وأنّها تحذّر نتنياهو باستمرار، وذلك لتمتص غضب الشارع الأميركي، ولكن من الواضح أنّ الاحتجاجات في الشارع الأميركي ستزداد ما لم تتخذ إدارة بايدن خطوات عملية ملموسة بشأن الحرب على غزّة.
ما زالت التظاهرات التي خرجت في الجامعات الأميركية احتجاجاً على المجازر الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيي آخذةً في الازدياد. وقد انضم العديد من الجامعات الكندية والأوروبية إلى هذه التظاهرات الاحتجاجية.
ولكن حكومات الدول الغربية التي تتشدق بالديمقراطية وحقوق الإنسان ترى أنّ الاحتجاجات على جرائم الإبادة الجماعية "معاداة للسامية"، وتقابلها بعنف رجال الأمن والشرطة مع أنها احتجاجات سلمية.
لقد بات واضحاً أنّ هذه التظاهرات التي نظّمها الطلاب الشباب لن تهدأ حتى يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه ويترسخ حل الدولتين، فالعالم كله، ولا سيما جيل الشباب، أصبح يدرك أنّ "إسرائيل" تنتهك القوانين الدولية وترتكب جرائم ضد الإنسانية.
ويبدو أنّ موجات الغضب التي تكتسح الشوارع ستتزايد أكثر مع الهجمات الإسرائيلية على رفح التي يعيش فيها مليون ونصف مليون فلسطيني، إلا أنّ الإدارة الأميركية تتظاهر بأنّها ضد العملية الإسرائيلية في رفح، وأنّها تحذّر نتنياهو باستمرار، وذلك لتمتص غضب الشارع الأميركي، ولكن من الواضح أنّ هذه الاحتجاجات ستزداد ما لم تتخذ إدارة بايدن خطوات عملية ملموسة بحق نتنياهو.
لذلك، تواجه الإدارة الأميركية اختباراً صعباً حيال الموقف الذي ستتخذه أمام مجلس الأمن الدولي، فقد وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة على مقترح القرار الذي يقضي بإعادة النظر في عضوية فلسطين بمجلس الأمن الدولي وحصولها على المزيد من الحقوق.
وكانت الولايات المتحدة الأميركية قد استخدمت حق النقض (الفيتو) لرفض طلبات وقف إطلاق النار والمجازر الجماعية في غزة، وحالت بمفردها دون حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة خلال الشهر الماضي. وبناءً عليه، طالب مجلس الأمن الدولي الولايات المتحدة بإعادة النظر في موقفها، بيد أنّ المندوب الإسرائيلي في الأمم المتحدة لم يتحمل مثل هذا القرار، وقام بتمزيقه على الملأ، الأمر الذي أظهر بوضوح مدى وقاحة "إسرائيل" وعدم اكتراثها بالقانون الدولي.
والأنظار تتجه حالياً إلى مجلس الأمن، فالاقتراح الذي تقدّمت به بعض الدول الأعضاء منوط بالقرار الذي سيتخذه مجلس الأمن. وحول هذا الموضوع، تناقشتُ يوم أمس مع السفير التركي الأسبق لدى الأمم المتحدة أونور أويمن الذي يرى أنّ ثمة احتمالين أحدهما يبعث على التفاؤل، الأول هو أن تضغط أميركا على "إسرائيل" وتطالبها بوقف إطلاق النار والعدوان على المدنيين في رفح، وإلا سيصدر القرار عن مجلس الأمن من دون أن تستخدم أميركا حق النقض، وهذا الاحتمال ضعيف ولكنه وارد. أما الاحتمال الآخر، فهو أن تستمر الولايات المتحدة الأميركية بدعم "إسرائيل" واستخدام حق النقض لمصلحتها.
هل تستمر أميركا بدعم "إسرائيل" هذه المرة أيضاً أو أنّها ستلبي نداءات الشارع المتمثلة بالاحتجاجات الطلابية المتضامنة في الشعب الفلسطيني؟ المؤكد أنّ محاولة إسكات الشباب الذين احتجوا على المجازر الجماعية في غزة هي أمر مشين سيُلحق العار بأميركا والدول الأوروبية، لأن إسكات هؤلاء هو محاولة لإسكات الإنسانية.