تحقيق: "إسرائيل" تمنع عمداً المساعدات الإنسانية عن غزة
هيئتان حكوميتان تتوصّلان من خلال تحقيق أجرتهما، أنّ "إسرائيل" تمنع عمداً المساعدات الإنسانية عن غزة، ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يرفض نتائج التحقيق.
موقع "ProPublica" للصحافة الاستقصائية ينشر تحقيقاً للكاتب بريت مورفي، يتحدث فيه عن منع الاحتلال الإسرائيلي عمداً وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرّف:
في ربيع هذا العام، توصّلت أكبر سلطتين في الحكومة الأميركية في مجال المساعدات الإنسانية إلى نتائج مفادها أنّ "إسرائيل" تعمّدت منع تسليم الغذاء والدواء إلى غزة.
وقد سلّمت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية تقييمها إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، كما أعلن مكتب اللاجئين التابع لوزارة الخارجية عن نتائج التحقيق لكبار الدبلوماسيين في أواخر نيسان/أبريل. وكان استنتاج التحقيق صارخاً لأنّ القانون الأميركي يتطلّب من الحكومة قطع شحنات الأسلحة إلى البلدان التي تمنع تسليم المساعدات الإنسانية. وكانت "إسرائيل" تعتمد إلى حد كبير على القنابل الأميركية وغيرها من الأسلحة في غزة.
ولكن بلينكن وإدارة الرئيس جو بايدن لم يقبلا أيّاً من النتائج. وبعد أيام، في 10 أيار/مايو، قدّم بلينكن بياناً صيغ بعناية إلى الكونغرس جاء فيه: "نحن لا نقدّر حالياً أنّ الحكومة الإسرائيلية تحظر أو تقيّد بأي شكل آخر نقل أو تسليم المساعدات الإنسانية الأميركية".
قبل تقريره، أرسلت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية إلى بلينكن مذكّرة مفصّلة من 17 صفحة حول سلوك "إسرائيل". ووصفت المذكّرة حالات التدخّل الإسرائيلي في جهود الإغاثة، بما في ذلك قتل عمّال الإغاثة، وتدمير المنشآت الزراعية، وقصف سيارات الإسعاف والمستشفيات، والاستيلاء على مستودعات الإمدادات، ورفض السماح بشكل روتيني للشاحنات المحمّلة بالطعام والدواء بالدخول.
وقد تمّ تخزين الغذاء المنقذ للحياة على بعد أقل من 30 ميلاً عبر الحدود في ميناء إسرائيلي، بما في ذلك ما يكفي من الدقيق لإطعام نحو 1.5 مليون فلسطيني لمدة خمسة أشهر، وفقاً للمذكّرة. ولكن في شباط/فبراير، حظرت الحكومة الإسرائيلية نقل الدقيق، مدعيةً أنّ المتلقّي هو فرع الأمم المتحدة الفلسطيني الذي اتُهم بإقامة علاقات مع حركة حماس.
وبشكل منفصل، توصّل رئيس مكتب السّكان واللاجئين والهجرة التابع لوزارة الخارجية الأميركية أيضاً إلى أنّ "إسرائيل" تمنع المساعدات الإنسانية، وأنّه يجب تفعيل قانون المساعدات الخارجية لتجميد ما يقرب من 830 مليون دولار من أموال دافعي الضرائب المخصصة للأسلحة والقنابل لـ "إسرائيل"، وفقاً لرسائل البريد الإلكتروني التي حصل عليها موقع "ProPublica" للصحافة الاستقصائية.
وأعلنت الأمم المتحدة المجاعة في أجزاء من غزة. ووجدت اللجنة المستقلة الرائدة في العالم من خبراء المساعدات أنّ ما يقرب من نصف الفلسطينيين في القطاع يعانون من الجوع. ويقضي العديد منهم أياماً من دون تناول الطعام. وتقول السلطات المحلية إنّ عشرات الأطفال ماتوا جوعاً، وهو ما قد يكون أقل بكثير من العدد الحقيقي. ويكافح العاملون في مجال الرعاية الصحية نقص التطعيمات، فضلاً عن أزمة الصرف الصحي. وفي الشهر الماضي، تمّ تسجيل طفل صغير كأول حالة مؤكدة لشلل الأطفال في غزة منذ 25 عاماً.
وكتب مسؤولو الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أنّه بسبب سلوك "إسرائيل"، يتعيّن على الولايات المتحدة أن توقف مبيعات الأسلحة الإضافية إلى البلاد. وحصلت "ProPublica" على نسخة من مذكّرة الوكالة الصادرة في نيسان/أبريل إلى جانب قائمة الأدلة التي استشهد بها المسؤولون لدعم نتائجهم.
وقد قالت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، إنّ المجاعة الوشيكة في غزة كانت نتيجة "لإنكار إسرائيل التعسفي وتقييدها وعرقلتها للمساعدات الإنسانية الأميركية"، وفقاً للمذكرة.
والوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي تتلقّى التوجيه السياسي العام من وزير الخارجية، هي وكالة مستقلة مسؤولة عن التنمية الدولية والإغاثة من الكوارث. وقد حاولت الوكالة لشهور وفشلت في توصيل ما يكفي من الغذاء والدواء إلى السكان الفلسطينيين الجائعين اليائسين. وخلصت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية إلى أنّها "واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم".
وقال خبراء حكوميون ومناصرو حقوق الإنسان إنّ مستوى المساعدات المقدّمة للفلسطينيين غير كافٍ. وقال سكوت بول، المدير المساعد في منظمة أوكسفام: "إن التلميح إلى أن الوضع الإنساني قد تحسّن بشكل ملحوظ في غزة هو مهزلة"، مضيفاً أنّ "ظهور شلل الأطفال في الشهرين الماضيين يخبرك بكلّ ما تحتاج إلى معرفته".
وكانت مذكّرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مؤشراً على وجود خلاف عميق داخل إدارة بايدن بشأن قضية المساعدات العسكرية لـ "إسرائيل".