"الثورة": هستيريا السعودية ضد لبنان.. نحو سحب السفراء وقطع التجارة
سحب السفراء يأتي كتطور في الموقف السعودي الذي تنتابه الهستيريا المدفوعة بالفشل في الحرب على اليمن، وبالإخفاق في إدارة الملفات المختلفة، أما لماذا تفرغ السعودية غضبها في لبنان؟ فالقصة طويلة.
نشرت صحيفة الثورة اليمنية مقالاً لعبد الرحمن عبد الله، قال فيه إنّ "تصريحات قرداحي أدّت إلى حلقة جديدة من الهستيريا السعودية تجاه لبنان".
وأشار في مقاله إلى أنّ "السعودية منذ 3 سنوات تتعامل مع لبنان بنوبات من الهستيريا والانفعالات والمواقف التي تكشف عن فشلها في إدارة الملف اللبناني، الذي يعكس الفشل السعودي في العدوان على اليمن".
وفيما يلي نص المقال كاملاً:
أعلنت مملكة العدوان السعودية، أمس، أنها استدعت سفيرها في بيروت وليد البخاري، لـما أسمته التشاور، وطلبت من السفير اللبناني لديها فوزي كبارة، مغادرة البلاد خلال الساعات الـ48 القادمة، ووفق وكالة أنباء السعودية (واس)، قررت السعودية وقف الواردات اللبنانية إلى المملكة، وأشارت إلى أنها ستتخذ "عدداً من الإجراءات الأخرى لتحقيق ما تدعيه هدف حماية أمن المملكة وشعبها، مؤكدةً قرارها السابق بخصوص "منع سفر المواطنين إلى لبنان".
وبرّرت السعودية تصعيدها باتجاه لبنان، بحديث وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي عن الحرب السعودية العدوانية على اليمن ووصفها بالحرب العبثية، في حديث أطلقه لبرنامج تلفزيوني قبل توليه منصب الوزارة، حيث أدت تصريحات قرداحي إلى حلقة جديدة من الهستيريا السعودية تجاه لبنان، لكن السعودية منذ ثلاث سنوات تتعامل مع لبنان بنوبات من الهستيريا والانفعالات والمواقف التي تكشف عن فشلها في إدارة الملف اللبناني، الذي يعكس الفشل السعودي في العدوان على اليمن.
في تشرين الثاني/نوفمبر 2017، استدعت السعودية رئيس وزراء لبنان السابق سعد الحريري، وقامت باختطافه ودفعه إلى إعلان الاستقالة، حادثة اختطاف لرئيس وزراء سُجلت للمرة الأولى في العالم، بعد أسابيع تمكنت فرنسا من استعادة الحريري إلى لبنان الذي أعلن التراجع عن الاستقالة، الاختطاف السعودي والضغط إلى الاستقالة كان يهدف إلى خلق فراغ سياسي في لبنان، يدخل لبنان في أتون أزمة، لم تتوقف المساعي السعودية بعودة الحريري إلى بيروت، فقد استقالت حكومة الحريري ثم رفض إعادة تشكيل حكومة جديدة، ثم تشكلت حكومة برئاسة حسان دياب لم تستمر بسبب الضغوط التي مورست عليه وقد اعتبرته السعودية منذ اللحظة الأولى حكومة معادية، ليستمر الفراغ السياسي مدفوعاً بالضغط الاقتصادي والعقوبات، حتى تشكلت حكومة نجيب ميقاتي قبل شهرين وكان ضمن التشكيل جورج قرداحي وزير الإعلام اللبناني.
وفي العام 2017، وتحديدا في 6 تشرين الثاني/نوفمبر، أعلن وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج، ثامر السبهان، أن "التعامل مع الحكومة اللبنانية كما لو أنها أعلنت الحرب على الرياض". جاء تصريح السبهان بعد يوميْن من استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري أثناء خطفه في الرياض.
وكانت السعودية قد أعلنت في عام 2016 أنها طلبت من جميع المواطنين عدم السفر إلى لبنان حرصاً على سلامتهم، كما طلبت من المواطنين المقيمين أو الزائرين للبنان المغادرة وعدم البقاء هناك إلا للضرورة القصوى.
وقبل ذلك بيومين وتحديداً في التاسع عشر من شباط/فبراير للعام نفسه، أعلنت مملكة العدوان السعودية المساعدات العسكرية المقررة للجيش اللبناني والتي تقول بأنها تصل إلى ثلاثة مليارات دولار، احتجاجاً على موقف وزير الخارجية اللبناني في الاجتماع الوزاري لجامعة الدول العربية في العاشر من كانون الثاني/يناير لنفس العام بالامتناع عن إدانة ما زعمته اعتداء على سفارتها في إيران.
تتعامل السعودية مع لبنان كما لو أنها مستعمرة، خاصة بملوك وأمراء آل سعود، وحتى مجرد الحديث عنها تعتبره جرماً كبيراً، فحين تحدث وزير خارجية لبنان السابق عن السعودية في قناة تلفزيونية ضغطت السعودية على لبنان ليقدم الوزير استقالته، حادثة تكررت مع تصريحات الوزير قرداحي، لكن هذه المرة بدا قرداحي رافضاً الضغوط، واستطاع أن يخلق مزاجاً مكافئاً للضغوط السعودية.
سحب السفير يوم أمس وطلب مغادرة السفير اللبناني في السعودية، يشكل ذروة السعار السعودي تجاه لبنان على خلفية حديث وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، الذي قاله قبل توليه وزارة الإعلام بشهر، فما هي القصة؟
السعودية تفش خلقها
سحب السفراء يأتي كتطور في الموقف السعودي الذي تنتابه الهستيريا المدفوعة بالفشل في الحرب على اليمن، وبالإخفاق في إدارة الملفات المختلفة، أما لماذا تفرغ السعودية غضبها في لبنان؟ فالقصة طويلة.
بطريقة تبسيطية، تجافي السعودية لبنان لسبب أساسي هو أنها فشلت في العدوان على اليمن، وهي تنتقم من لبنان أولاً لموقف المقاومة اللبنانية (حزب الله) من الحرب العدوانية على اليمن، ولفشلها مع عملائها في لبنان في ثني اللبنانيين من اتخاذ مواقف معلنة تجاه حربها الإجرامية على الشعب اليمني، مواقف تراها السعودية خروجاً من بيت الطاعة، إذ تتعامل مع لبنان كإمارة خاصة بها، تتدخل في شؤونه وتمارس الوصاية عليه منذ زمن بعيد.
ورغم سعي لبنان دائماً لإعادة كسب ود السعودية لأسباب كثيرة، أهمها اقتصادية مرتبطة بثقلها المالي والاستثماري٬ وخوفاً على مصير جالية لبنانية كبيرة تعيش وتعمل في السعودية، لكن السعودية تنصب العداء للبنان وتتعامل مع اللبنانيين، كما لو أنهم تحت وصايتها.
تدعي السعودية التي يتاجر أمراؤها في المخدرات والكبتاغون، أنّ لبنان يُصدر إليها هذه المحرمات، وعلى الرغم من نفي لبنان وتأكيد مصادر لبنانية عدة أن مصدر الكبتاغون هي سوريا وليس لبنان، إلا أن السعودية أبقت على قرار فرض حظر على الواردات اللبنانية.
عام 2017، استقال رئيس الوزراء السابق، سعد الحريري، بشكل مفاجئ من السعودية، واتضح أن الحريري اختطف في الرياض ودُفع للاستقالة، وكانت هناك قناعة لدى المسؤولين اللبنانيين بأن الحريري مخطوف، فأطلق اللبنانيون حملة ديبلوماسية لتحرير الحريري، ورغم ذلك لم يتحدث اللبنانيون رسمياً بأي كلمة ضد السعودية رغم فداحة الاختطاف بحق رئيس وزرائهم.
وبالرغم من كل محاولات لبنان احتواء الهستيريا والغضب السعودي٬ فإن السعودية تريد لبناناً سعودياً خاصاً بها، وتتنكر للبنانيين وتدوس على كل محاولاتهم، قبل 5 أشهر اضطر وزير الخارجية – وقتذاك – شربل وهبة، للاستقالة على خلفية حديث تلفزيوني عن السعودية بعد أن استُفز في المقابلة، واليوم جاءت تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي التي أطلقها قبل توليه الوزارة، لتتخذ السعودية منها منطلقاً لمعاداة اللبنانيين.
ماذا قال قرداحي حتى تشعل السعودية هذه الجلبة؟
غضب السعوديون بشكل هستيري لاعتبار قرداحي أن الحرب السعودية على اليمن حرب عبثية لا هدف لها، مطالباً بوقفها، وقد جاء موقف قرداحي في مقابلة مع برنامج على قناة الجزيرة سُجّل قبل أن يصبح الرجل وزيراً في حكومة نجيب ميقاتي.
ورغم أن الحكومة اللبنانية سارعت إلى النأي بنفسها عن تصريحات قرداحي وقالت إنها لا تعبر عن رأي الحكومة ولا رئيس الجمهورية ولا رئيسها، حسب ما صرّح به رئيس الوزراء نجيب ميقاتي نفسه، إلا أن السعودية تعمل كمن يعاقب اللبنانيين على قناعاتهم وآرائهم وتحاكمهم على مواقفهم، وتمضي بهستيريا في التعامل مع حديث الإعلامي قرداحي الذي يتولى وزارة الإعلام اللبنانية.
ورغم كونه حديثاً لا يشكل حدثاً يضر بالسعودية ولا يمثل عارضاً جديداً في العلاقة السعودية اللبنانية، لكن السعودية تتغطرس في علاقاتها مع لبنان وتنصب له العداء لأنه خرج – كما يبدو – من بيت طاعتها، وفي وقت تبدو فيه السعودية ذاهبة للانفتاح وللتطبيع مع العدو الصهيوني تشهر سيوفها الغجرية في وجه لبنان واللبنانيين، حالة تبدو السعودية فيها كمن يفرغ احتقانه وغضبه المتصاعد جراء الفشل في الحرب العدوانية التي تشنها على اليمن والإخفاقات التي تواجهها جراء ذلك، توصف بتهكم "فش خلقك فش".