"الإيكونوميست": لماذا العقوبات النفطية على روسيا مخيبة للآمال؟

حظر أوروبي آخر للنفط الروسي يدخل حيز التنفيذ في الخامس من شباط / فبراير الجاري.

  • تحديد سقف لسعر النفط الروسي يعرقل النقل البحري للذهب الأسود
    تحديد سقف لسعر النفط الروسي يعرقل النقل البحري للذهب الأسود

قالت صحيفة "ذي إيكونوميست" الأميركية إنه في كانون الأول / ديسمبر 2022، استهدف الغرب عائدات النفط الروسية، وأطلق العنان لأكبر حزمة من العقوبات المفروضة على الطاقة على الإطلاق على دولة واحدة. فقد حظرت أوروبا، التي كانت مشترياً كبيراً للخام الروسي المحمول بحراً، استيراده منها. كما منعت كذلك الشاحنين والمقرضين وشركات التأمين المهيمنة منذ فترة طويلة من تسهيل بيع الخام الروسي إلى مشترين آخرين، ما لم يتم بيع النفط بأقل من "سقف سعر" 60 دولارًا للبرميل، والذي حددته القوى الغربية.

بعد شهرين، يبدو أن الكثير من الناس يعتقدون أن الحد الأقصى هو نجاح كبير. ومن المقرر أن تدخل جولة ثانية من العقوبات الأوروبية على الديزل وغيره من المنتجات المكررة حيز التنفيذ في الخامس من شباط / فبراير. لسوء الحظ، تشير تقاريرنا إلى أن المخطط لن يؤذي روسيا.

لم تكبح سياسة الحظر والحد الأقصى لشهر كانون الأول / ديسمبر مبيعات الخام الروسي. بعد فترة هدوء بينما كانت الشركات الأوروبية تعمل على كيفية الامتثال لسقف السعر الجديد، استؤنفت الشحنات بوتيرة متسارعة - لم تكن موجهة إلى أوروبا، بل إلى الصين والهند بدلاً من ذلك. بلغ متوسط صادرات روسيا من النفط غير المكرر، باستثناء cpc، وهو مزيج كازاخستاني يتم شحنه من روسيا، 3.7 مليون برميل يومياً في الأسابيع الأربعة حتى 29 كانون الأول / يناير. هذا هو أعلى مستوى منذ حزيران / يونيو، وأكثر من أي فترة أربعة أسابيع في عام 2021.

قد يقول أحد المدافعين عن الحد الأقصى للسعر إن هذا دليل على نجاح المخطط. كان الهدف هو ضمان استمرار تدفق النفط الروسي، والحفاظ على استقرار السوق العالمية، ولكن تحديد سعره بحيث يتم تقليص أرباح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وهم يجادلون بأن الحد الأقصى يمنح المشترين قوة تفاوضية؛ كما أن طرق التصدير الأطول ترفع أيضاً تكاليف الشحن، والتي يجب على روسيا تعويض العملاء عنها.

كدليل على نجاح السياسة الأوروبية لتحديد الحد الأقصى لسعر النفط الروسي، يشير الكثير إلى الفجوة في الأسعار التي تفيد بها الوكالات الغربية بين خام برنت، وهو المعيار العالمي، وخام الأورال الروسي. ظهر هذا بعد فترة وجيزة من التدخل الروسي في أوكرانيا، لكنه اتسع بعد الحظر بقليل إلى 32 دولاراً للبرميل. وبالتالي يتم تداول النفط الروسي الآن بحسم بنسبة 38٪. في العاشر من كانون الثاني / يناير الماضي، قالت جانيت يلين، وزيرة الخزانة الأميركية ومهندسة سقف الأسعار، إن المخطط يحرز تقدماً في تحقيق أهدافه.

ومع ذلك، تكمن المشكلة في أن وكالات الإبلاغ عن الأسعار لم تكيّف أساليبها مع عالم لم يعد فيه النفط الروسي يبيع عبر القنوات التي يمكنهم مراقبتها. في حين اعتاد تجار النفط وأصحاب المصافي الأوروبيون على مشاركة البيانات مع متتبعي الأسعار، فإن المصافي والتجار الهنود لا يشاركونها. اعتادت الوكالات أيضاً على الاعتماد على المؤشرات المتاحة للجمهور لتقدير تكاليف الشحن بين الموانئ الغربية لروسيا ومحطات النفط الأوروبية. وعلى النقيض من ذلك، فإن أسعار نقل النفط من روسيا إلى آسيا محددة.

والنتيجة هي أن التخفيضات التي استشهد بها المسؤولون الغربيون غير دقيقة، وغالباً ما تكون مبالغاً فيها. تُظهر بيانات الجمارك من الهند والصين أنهما دفعتا في مقابل نفط الأورال الروسي هذا الشتاء أكثر مما يُعتقد على نطاق واسع. سبب آخر يجعل من تقييم التسعير الحقيقي صعباً هو أن كل شخص لديه مصلحة في التظاهر بأن الأسعار منخفضة. تحرص شركات النفط الروسية على تقليل فواتيرها الضريبية إلى أدنى حد، وتريد شركات التكرير الهندية الضغط على موردين آخرين.

والأكثر إثارة للدهشة هو المدى الذي أصبحت فيه آلة التصدير الروسية أقل اعتماداً على البنية التحتية الغربية للتمويل والشحن، وبالتالي نجت من نطاق العقوبات. 

كما نشرت صحيفة "الإيكونوميست" هذا الأسبوع، تزدهر تجارة الظل النفطية التي تستخدم نظاماً موازياً. فقبل كانون الأول / ديسمبر الماضي، كانت شركة شحن أو تمويل أوروبية تتعامل مع أكثر من نصف الخام الروسي الغربي. وانخفضت هذه الحصة منذ ذلك الحين إلى 36٪.

وتساءلت الصحيفة: هل يمكن أن تسبب الدفعة التالية من العقوبات على النفط المكرر المزيد من الضرر؟ 

وأجابت قائلة: للوهلة الأولى يبدو أن بإمكان هذه العقوبات كبح الصادرات الروسية من الديزل وغيره من المنتجات على المدى القريب. اعتباراً من الخامس من شباط / فبراير، لن تشتري أوروبا مثل هذا الوقود، وستجعل استخدام شركات الشحن والتأمين الخاصة بها خاضعاً للامتثال للحد الأقصى للسعر. لن تجد روسيا مشترين بسهولة لتعويض خسارة الطلب من الاتحاد الأوروبي: فلكل من الصين والهند مصافي خاصة بهما. وسيكون من الصعب استبدال ناقلات النفط المكرر في أوروبا. وبالتالي، فإن جزءاً من المنتجات المكررة الروسية، التي تمثل ثلث عائدات تصدير النفط في البلاد، يمكن أن يتم بيعها، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار العالمية.

ومع ذلك فمن المرجح أن تتلاشى هذه الآثار بمرور الوقت. فنظراً لعدم قدرة روسيا على بيع النفط المكرر، من المحتمل أن تعزز موسكو قدرتها على تصدير المزيد من النفط الخام بدلاً من ذلك، مما يزيد من تنشيط تجارة الظل. قد يتجه الأوروبيون أنفسهم إلى الصين والهند للحصول على الديزل، ولكن سيتم إنتاجه بشكل متزايد من الخام الروسي. فمع تدفق المزيد من النفط الروسي خارج سيطرة الغرب، ستصبح عمليات الحصار أقل فعالية. بالنسبة للغرب، الدرس هو أن العقوبات ليست بديلاً عن إرسال المزيد من الأموال والأسلحة إلى أوكرانيا. إن تجنب شراء النفط الروسي لن يُكسب الغرب الحرب.