إسرائيل اليوم: تحدي حفظ الهدوء بات أكثر تعقيدا

أشارت حماس لإسرائيل أمس إلى أنه في نيتها تغيير المعادلة في قطاع غزة. فمن الآن فصاعداً، كل هجوم إسرائيلي سيرد عليه بهجوم مضاد – من الصواريخ وقذائف الهاون إلى الأراضي الإسرائيلية.

هاجم الجيش الإسرائيلي أهداف لحماس رداً على إرهاب الطائرات الورقية

هذه هي الخلفية لليلة البيضاء التي مرت أمس على سكان غلاف غزة. فقد هاجم الجيش الإسرائيلي أهداف لحماس رداً على إرهاب الطائرات الورقية، فردت حماس بالنار على إسرائيل. وبخلاف الحالات السابقة، هذه المرة نفذت معظم إطلاق النار بنفسها، ولكنها حرصت على أن تعمل بشكل مضبوط: فقط في الليل، فقط إلى المستوطنات المحاذية للجدار وفي ظل محاولة التأكيد ألا تقع إصابات، منعا لتدهور غير مرغوب فيه.
لتغيير سياسة حماس هناك سببان مركزيان: الأول، تغيير السياسة الإسرائيلية بالنسبة لإرهاب الطائرات الورقية. فقد استغرق (إسرائيل) وقت طويل لأن ترد وتعرف الطائرات الورقية كإرهاب يجب العمل ضده، ولكن عندما حصل هذا – بدأ عمل منهاجي تضمن إطلاق النار على مقربة من مطلقي الطائرات الورقية، إطلاق النار بقرب السيارات التي تقلهم، وكذا ضرب أهداف لحماس في غزة.
السبب الثاني هو الضائقة الداخلية لحماس في غزة. فمنذ بدأت الأحداث حول الجدار وقع لها أكثر من 150 قتيل ونفذ الجيش الإسرائيلي نحو 100 هجوم ضد أهداف للمنظمة، وبالمقابل فقد حققت صفر إنجازات ولم يصب أي إسرائيلي بأذى. في هذا الوضع، تبحث حماس عن شيء ما تمسك به، ورسم خطوط حمراء واضحة أمام (إسرائيل) في شكل الإعلان بأن "الرد سيواجه بالرد" يضعها كمن تدافع عن سكان غزة في وجه (إسرائيل).
المشكلة في وضع الأمر هذا هو أنه على الرغم من أن اللعب بالنار هو لغة حديث معتادة في الشرق الأوسط، فإن من شأن الأمور أن تخرج عن نطاق السيطرة. ومع أن الجيش الإسرائيلي يحرص على الامتناع عن الإصابات في الهجمات في غزة، وعليه فقد أوصى أيضاً بعدم المس مباشرة بمطلقي الطائرات الورقية وكذا لأن هؤلاء في معظم الحالات هم فتيان وبالأساس خوفاً من أن يؤدي الأمر إلى التصعيد. ولكن تحكمه بنتائج الهجمات في القطاع ليس كاملا. فحماس هي الأخرى لا يمكنها أن تكون واثقة من أن كل صاروخ أو قذيفة هاون سيقع في أرض مفتوحة، ولن يمس المواطنين.
في هذا الوضع، مضاف إليه حالة التفجر البنيوية في غزة كنتيجة للوضع الإنساني الاقتصادي فيه، يكون هناك مجال واسع جداً للحظ. صحيح أن حماس تعول على ألا ترغب إسرائيل في الحرب كي تواصل التركيز على جبهة الشمال، ولكنها تخطئ في تقديرها بأن (إسرائيل) ستكون مستعدة لأن تسلم باستمرار أعمال إرهاب الطائرات الورقية والاقتراب من الجدار، وبالتأكيد في تقديرها بأنها ستمتنع عن العمل على خلفية الخطوط الحمراء الجديدة التي وضعتها.
في مرحلة معينة، فان الصبر الإسرائيلي سينفد. هذا كفيل بأن يحصل بسبب إصابات، لا سمح الله، أو ببساطة لأن سكان غلاف غزة ملوا رؤية حقولهم تحرق وأطفالهم يضطرون إلى قضاء الإجازة الكبرى في المجالات المحصنة. هذا لا يعني أنهم في الغلاف يسعون إلى الحرب (حين سيكونون هم أول من يدفعون الثمن)، فما يسعون إليه هناك هو الهدوء. ومن يوم إلى يوم، فإن تحدي الجيش الإسرائيلي لأن يوفر لهم هذا الهدوء يصبح معقداً أكثر فأكثر.