"ستراتفور": تخريب ناقلات النفط يضع الخليج في حالة تأهب قصوى

إن الرد السياسي الأميركي بشأن هجوم الفجيرة يقدم أدلة على مسار عمل واشنطن المقبل إذ أنها تبحث بالفعل عن مبرر لرد عسكري محتمل على العدوان الإيراني.

يقول موقع ستراتفور الأميركي في تقرير له إن هناك أسئلة أكثر من الإجابات في أعقاب الحادثة في خليج عمان التي يمكن أن تثير مخاطر حرب تضع إيران ضد خصومها الإقليميين والولايات المتحدة. ففي 12 أيار - مايو، أصيبت أربع ناقلات نفط قبالة ساحل ميناء الفجيرة الإماراتي بأضرار فيما وصفته دولة الإمارات العربية المتحدة بأنه تخريب. بعد يوم من ذلك، أكدت المملكة العربية السعودية وقوع هجوم على اثنتين من ناقلاتها، أمجد والمرزوقة. ومن بين الناقلات الأخرى المعنية أندريه فيكتوريا التي ترفع العلم النرويجي، بالإضافة إلى ناقلة وقود إماراتية صغيرة كانت تقوم بتزويد أندريه فيكتوريا بالوقود.

ولكن التفاصيل حول ما جرى، بالضبط، لا تزال ضئيلة. وأظهرت الصور أضراراً في الناقلة الإماراتية، والتي ربما يتسرب منها وقود السفن الآن، في حين يبدو أن "أندريه فيكتوريا" قد تعرضت لأضرار في جسم السفينة بسبب تصادم محتمل. السلطات الإماراتية لم تكشف بعد عن حجم الأضرار التي لحقت بناقلتي النفط السعوديتين، على الرغم من أن التقارير الأولية تشير إلى اشتعال النيران في محرك المرزوقة الرئيسي.

وحول من يمكن أن يكون وراء هذا الهجوم يقول "ستراتفور" إنه في هذه المرحلة، لم يقدم المسؤولون الإماراتيون دليلاً قاطعاً على أن هناك تخريباً قد حدث بالفعل، وإذا كان إجراء مزيد من التحقيقات أو الأدلة الناشئة يشير إلى هجوم من نوع ما، فمن المرجح أن تحدد الهوية النهائية للجناة طبيعة الرد على الحادث.

فحتى الآن، لم يعلن أحد مسؤوليته عن الهجوم. ومع ذلك، فقد وقع الحادث وسط تصاعد التوترات بين إيران والولايات المتحدة، حيث حذر فيلق حرس الثورة الإسلامية من أنه قد يستهدف الأهداف الأميركية في الشرق الأوسط بعد أن ضربت واشنطن الخناق على طهران بعقوبات جديدة.

فإذا قام الجناة بتخريب السفن، فربما يكون المهاجمون - بصرف النظر عن كونهم من إيران - مرتبطين بجماعات قرصنة أو منظمات إرهابية مثل القاعدة. في الواقع، قامت "كتائب عبد الله عزام"، وهي منظمة مرتبطة بالشبكة الجهادية العالمية، بشن آخر قصف لناقلة في المنطقة عام 2010 عندما هاجمت الناقلة اليابانية "إم ستار".

ومنذ وقوع الحادث، سعى المسؤولون الإيرانيون إلى إبعاد طهران عن التخريب الواضح. وأكد رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني في 12 مايو - أيار أن الأحداث تشير إلى هشاشة أمن الخليج الفارسي، في حين وصف وزير الخارجية الإيرانية هذه الحوادث بأنها "تبعث على القلق".

فمن ناحية، سيكون لإيران سبب لمضايقة السفن الموجودة حول أراضيها ، وخاصة تلك التي تنتمي إلى الولايات المتحدة وأعدائها مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، لإرسال رسالة تصميم في وجه الضغط الاقتصادي والعسكري الذي تفرضه واشنطن. (في الأسبوع الماضي فقط ، نقلت الولايات المتحدة مجموعة سفن ضاربة إلى الخليج الفارسي). من ناحية أخرى، ليس من المنطقي أن تستهدف إيران السفن الأوروبية في وقت تسعى فيه بشدة إلى الاحتفاظ بدعم القارة السياسي والاقتصادي، وخاصة وأن طهران قد أصدرت مهلة مدتها 60 يوماً للموقعين الآخرين على خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) للوفاء بما وعدت به إيران كجزء من الاتفاق النووي. إذا ربطت السلطات الإماراتية الحادثة بإيران، فسوف يثير ذلك تساؤلات حول القيادة والسيطرة الإيرانيين، وما إذا كانت العناصر الأكثر تشدداً في الجمهورية الإسلامية تحاول رفع الرهان في وقت يسعى فيه الرئيس حسن روحاني ومعسكره المعتدل إلى ابتعاد واضح عن مثل هذه المواجهة.

وأضاف تقرير "ستراتفور" أن الإمارات العربية المتحدة طلبت من البحرية الأميركية المساعدة في التحقيق في الحوادث، لكنها رفضت التكهن بشأن المحرض أو مسبب هذه الحوادث. ووصف الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي التخريب بأنه "تصعيد خطير" و"عمل غير مسؤول". فالاقتصاد الإماراتي يعتمد على سلامة الشحن على طول سواحلها، والفجيرة هي مركز إمداد تموين رئيسي. إن حماية سمعة الفجيرة لجهة الأمان قد يفسر قرار وسائل الإعلام الإماراتية التقليل من شأن الحادث وتجنب التكهن بشأن الجناة أو السبب. كانت أبو ظبي والرياض حذرتين إلى حد كبير في ردودهما حتى الآن، مع عدم السعي لإبراز القضية بشكل أكبر في وسائل الإعلام أو ربط الحدث بإيران.

ففي 12 أيار - مايو، قالت الإدارة البحرية الأميركية إنه لم يتم تأكيد التفاصيل المتعلقة بالحادث، مضيفة أنه يتعين على السفن توخي الحذر في المنطقة. وفي الوقت نفسه، أصدرت الهيئة أيضًا تحذيراً - نُشر في الأصل في 9 أيار - مايو - بأن إيران قد تستهدف حركة النقل البحري التجارية. في هذه الأثناء، لم يصدر الأسطول الخامس الأميركي المتمركز في البحرين أي رد عام. إن الرد السياسي الأميركي - وخاصة فيما يتعلق بما إذا كانت واشنطن تحاول مباشرة ربط الحادث بإيران - سوف يقدم أدلة على مسار عمل واشنطن المقبل بالنظر إلى أن الولايات المتحدة تبحث بالفعل عن مبرر لرد عسكري محتمل على العدوان الإيراني.

وأشار تقرير "ستراتفور" إلى أن "إسرائيل"، العدو اللدود لإيران، لم تقم برد فعل مباشر بعد على هذه الحوادث. ولكن إذا تم اعتبار إيران أو كيان مرتبط بإيران مسؤولاً (إما من خلال الشك أو الأدلة المباشرة)، فمن المرجح أن ترد "إسرائيل" بخطاب قاسي وتضخيم الحادث في حملتها الدعائية المناهضة لإيران في محاولة لبناء قضية أقوى في واشنطن لمزيد من الضغوط ضد طهران. في الوقت الحالي، تتفاعل جميع الأطراف بحذر - لكن ذلك قد يتغير بسرعة مع ظهور المزيد من المعلومات.

 

ترجمة: هيثم مزاحم – الميادين نت