"ميدل إيست آي": القوى الغربية تدفع باتجاه الاعتراف الوهمي بفلسطين لحماية "إسرائيل"

بدلاً من التحرك لإنهاء الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة، يتجمع القادة الغربيون خلف مخطط فرنسي سعودي لإقامة دولة وهمية تعمل على ترسيخ التفوق الإسرائيلي وتدعم السلطة الفلسطينية.

0:00
  • تجمع ناشطون مؤيدون لفلسطين خارج مقر الأمم المتحدة في مدينة نيويورك في 9 أيلول/سبتمبر 2025
    تجمّع ناشطون مؤيدون لفلسطين خارج مقر الأمم المتحدة في مدينة نيويورك في 9 أيلول/سبتمبر 2025

موقع "ميدل إيست آي" ينشر مقالاً يتناول محاولات الأمم المتحدة والدول الغربية (بقيادة فرنسا والسعودية) إحياء حلّ الدولتين عبر الاعتراف بدولة فلسطينية "وهمية"، في وقت تتواصل الإبادة الإسرائيلية في غزة وتمتد إلى دول أخرى.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

في 12 أيلول/سبتمبر، صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة لصالح قرارٍ لإحياء حل الدولتين.

يُمهّد "إعلان نيويورك"، الذي اعتمدته 142 دولة، الطريق لقمة 22 أيلول/سبتمبر للدفع نحو اعترافٍ أكبر بدولة فلسطينية وهمية.

في الأشهر الأخيرة، اصطفّت مجموعة من الحكومات الغربية وراء هذا المخطط الذي تقوده فرنسا والسعودية لإقامة الدولة.

يأتي مؤتمر الأمم المتحدة القادم في الوقت الذي تقترب فيه الإبادة الجماعية التي ترتكبها "إسرائيل" في غزة من عامها الثاني، حيث قُتل ما لا يقل عن 64 ألف فلسطيني، وتسببت في أزمة إنسانية كارثية نتيجةً للتجويع المُسلّح والتدمير المُمنهج للقطاع.

في الواقع، تدّعي الحكومات التي تُواصل دعم حرب الإبادة الإسرائيلية الآن أنها تُناصر "استقلال" فلسطين.

الهدف الظاهري لهذه المناورة هو تحقيق "سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط". إلا أنّ غايتها الحقيقية هي إنقاذ "إسرائيل" من نفسها من خلال حماية حقها في البقاء دولةً ذات سيادة يهودية، مدعومةً بعشرات القوانين التي تُعطي امتيازات للمستعمرين اليهود وذريتهم على حساب الفلسطينيين الأصليين.

يتوقف اعتراف الغرب بدولة فلسطينية وهمية كلياً على اعترافه الراسخ بدولة "إسرائيل" العنصرية إلى جانبها. كما يُخطط له لدعم السلطة الفلسطينية المتعاونة كطرفٍ موثوقٍ في الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي للأرض الفلسطينية من خلال تسميتها "دولة".

عندما تعترف القوى الغربية بدولة فلسطينية غير موجودة، متحديةً بذلك حقيقة عدم وجودها، تُهمّش القضايا المحورية للاستعمار الإسرائيلي اليهودي المستمر: الاستيلاء على القدس الشرقية والضفة الغربية، وإرهاب السكان الفلسطينيين الأصليين هناك، ناهيك بحرب الإبادة الجماعية المتواصلة على غزة.

في ضوء الجهود الفرنسية والسعودية، لم يعد النضال يهدف إلى عكس مسار الاستعمار الاستيطاني اليهودي وسرقة الأراضي الفلسطينية، أو وقف المذابح المستمرة في الضفة الغربية، بل أصبح الهدف توجيه جميع الجهود الدولية، بما فيها هذا المؤتمر البذيء، نحو ضمان "الاعتراف" بدولة غير موجودة.

تصريحات فارغة

ليست مسألة إعلان الاستقلال قبل تحقيقه جديدة: فالولايات المتحدة أعلنت استقلالها عام 1776 قبل أن تُهزم بريطانيا بسبع سنوات، واليونان أعلنت استقلالها عام 1822 قبل أن تحرر أرضها بالكامل. حتى هايتي، التي أنجزت ثورتها فعلياً عام 1804، ظلّت بلا اعتراف أميركي حتى 1862.

الفرق أنّ تلك الشعوب كانت تقاتل الإمبراطوريات لتنال استقلالها، بينما الاعتراف الأوروبي بدولة فلسطين يُمنح لا للمقاومة، بل لسلطة متعاونة مع الاحتلال.

ممارسة عبثية

بعد عقود من حرمان الفلسطينيين من حقهم في الاستقلال، يأتي مؤتمر الاعتراف الجديد ليمنح "إسرائيل" طمأنة إضافية: "حقها" في التفوق كدولة يهودية محصّن، مقابل دولة فلسطينية وهمية لن ترى النور.

بالنسبة إلى الولايات المتحدة و"إسرائيل"، الفلسطينيون يجب أن يُحرموا حتى من الرموز. أما الأوروبيون وبعض الأنظمة العربية فيعدّون هذا الوهم أفضل وسيلة لاحتواء التطلعات التحررية الفلسطينية، وتحويلها إلى مشروع دولة لا يهدد التفوق الإسرائيلي.

النتيجة النهائية: تثبيت "إسرائيل" كدولة يهودية متفوّقة، وإبقاء الفلسطينيين في إطار سلطة بلا سيادة. والبديل الحقيقي الوحيد يتمثل في سحب الاعتراف بـ"إسرائيل" كدولة يهودية عنصرية، ومقاطعتها وفرض العقوبات عليها حتى تُلغى بنيتها الاستعمارية.

وإلا، فكل هذه المؤتمرات لا تعدو كونها ممارسة عبثية وتواطؤاً مباشراً في الجريمة الجارية بحق الشعب الفلسطيني.

نقلته إلى العربية: بتول دياب.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.