"فورين بوليسي": هجمات ترامب على هارفرد تثير القلق في الصين

المخاوف الأميركية المستمرة بشأن تجسس الطلاب لا أساس لها من الصحة إلى حد كبير.

0:00
  • احتجاجات دعماً للطلاب الدوليين في جامعة هارفارد
    احتجاجات دعماً للطلاب الدوليين في جامعة هارفرد

مجلة "فورين بوليسي" الأميركية تنشر تقريراً يتناول تداعيات قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب منع جامعة هارفرد من قبول الطلاب الدوليين، وخصوصاً من الصين.

أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:

أثار قرار إدارة ترامب الأسبوع الماضي منع جامعة هارفرد من قبول الطلاب الدوليين استياءً في الصين، حيث لطالما حظيت الجامعة بمكانة شبه أسطورية بين الطلاب الطموحين وأولياء أمورهم.

يوجد حالياً 1282 طالباً صينياً في هارفرد، أي ما يقارب 12.6% من إجمالي طلابها الدوليين. وبموجب القواعد الجديدة، المُعلّقة حالياً بأمر قضائي، سيُجبر هؤلاء الطلاب على الانتقال إلى جامعات أخرى.

تُرسل الصين طلاباً إلى الولايات المتحدة أكثر من أي دولة أخرى. وكان العام الدراسي 2023-2024 استثناءً، حيث تصدّرت الهند القائمة. في ذلك العام، بلغ عدد الطلاب الصينيين المسجلين في الجامعات الأميركية 277,398 طالباً، بانخفاض ملحوظ عن العام الدراسي 2019-2020، قبل أن تُعيق جائحة كوفيد-19 استقبال الطلاب الدوليين الجدد.

خلال الولاية الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترامب، حاول كبير مستشاريه ستيفن ميلر إقناعه بإلغاء تأشيرات الطلاب الصينيين كلياً، متذرعاً بمخاوف التجسس. لكن السفير الأميركي لدى الصين آنذاك تيري برانستاد أقنع الرئيس بخلاف ذلك، إذ جادل بأن فقدان الطلاب الصينيين سيُشكل ضربة مالية موجعة للجامعات الصغيرة، بما في ذلك تلك الموجودة في ولايته آيوا.

أثبتت حجة برانستاد صحتها: فقد كلف انخفاض أعداد الطلاب الدوليين بعد الجائحة الجامعات الأميركية حوالى 10 مليارات دولار، وفقاً للتقديرات الأولية. معظم هؤلاء الطلاب، وخاصةً الصينيين منهم، ما زالوا يدرسون في الخارج، لكنهم اختاروا الدراسة في بلدان أخرى.

مع ذلك، قد ترى إدارة ترامب الثانية، التي كثّفت هجماتها على الهجرة والتعليم العالي، في الضربات التي تعرّضت لها الجامعات انتصاراً لأجندتها هذه المرة. ويوسّع البيت الأبيض نطاق هجومه على الطلاب بشكل أكبر: ففي 27 أيار/مايو، أمر وزير الخارجية ماركو روبيو سفارات الولايات المتحدة حول العالم بوقف جميع مقابلات تأشيرات الطلاب مؤقتاً.

بينما يبدو أنّ الإدارة مدفوعة في المقام الأول بعداء أوسع نطاقاً ضد التعليم العالي والهجرة، إلا أنّ هناك أيضاً مخاوف محددة من تجسس الطلاب الصينيين. وقد صوّر بعض المتشددين المتطرفين الطلاب الصينيين على أنهم طابور خامس أو حصان طروادة داخل الولايات المتحدة. وتنتشر نظريات المؤامرة الأوسع نطاقاً حول التسلل الصيني المزعوم بين اليمين؛ وقد روّج ترامب نفسه لبعضها، واتهم " كل" طالب صيني تقريباً بالتجسس.

في الواقع، إنّ المخاوف بشأن التجسس الصيني عبر الطلاب ليست جديدة أو حكراً على طرف واحد. فقد أُجريت بالفعل تحقيقات في عدة جامعات، واستُهدف بعض طلاب الدراسات العليا الصينيين في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات وجرى ترحيلهم. حتى الرئيس السابق جو بايدن أصر على حظر ترامب لطلاب الدراسات العليا من الجامعات المرتبطة بالجيش الصيني.

صحيحٌ أن عدداً قليلاً من الطلاب الصينيين وُجِّهت إليه تهمٌ بالتجسس، لكن العدد الإجمالي للحالات ضئيلٌ مقارنةً بتدفق الطلاب الصينيين. إضافةً إلى ذلك، كانت آخر محاولة أميركية لاستهداف التفاعل الأكاديمي مع الصين، مبادرة الصين الأولى لإدارة ترامب، كارثيةً وأسفرت عن العديد من القضايا الفاشلة واتهاماتٍ بالعنصرية.

لكن رغم تركيز واشنطن على التجسس، فإنّ اهتمام بكين الرئيسي لا ينصب على التجسس بقدر ما ينصب على ضمان ولاء الطلاب أيديولوجياً ومراقبتهم، بحثاً عن أي معارضة أثناء دراستهم في الخارج. وكما وثّقت المراسلة بيثاني ألين، تُنفق بكين موارد كبيرة في محاولة السيطرة على جمعيات الطلاب والباحثين الصينيين في الجامعات الأجنبية، وذلك لمخاوفها الراسخة من أنّ الدراسة في الخارج تُشكّل بيئة خصبة للتمرد.

حتى لو تراجعت إدارة ترامب عن حملتها ضد الطلاب الدوليين، فقد وقع ضرر كبير بالفعل. يظل إرسال أبنائها إلى الخارج خياراً مكلفاً للغاية بالنسبة للعائلات الصينية، وهو خيار لا ترغب في تحمّل الكثير من المخاطرة بشأنه.

نقلته إلى العربية: بتول دياب.