"فورين بوليسي": صدام ترامب مع أوروبا يخلق فرصة للصين

يمكن لبكين أن توفر شريان حياة اقتصادي مع زيادة دول الاتحاد الأوروبي للإنفاق الدفاعي وتجاوز التعريفات الجمركية.

0:00
  • "فورين بوليسي": صدام ترامب مع أوروبا يخلق فرصة للصين

مجلة "فورين بوليسي" الأميركية تنشر تقريراً تناولت فيه العلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا، بعد الإجراءات الأخيرة، التي قام بها الرئيس ترامب ضد القارة. وتقول المجلة إنّ واقع العلاقات هذا يخلق فرصة لتحسين العلاقات بين أوروبا والصين.

أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:

أمضت إدارة بايدن أربعة أعوام في بناء جبهة موحدة مع أوروبا لمواجهة الصين. وبعد مرور شهر على ولاية الرئيس دونالد ترامب الثانية، أصبحت هذه الجبهة الموحدة بمنزلة أضرار جانبية، بحيث قلبت الإدارة الجديدة، بصورة كبيرة، نهج الرئيس السابق جو بايدن، وصادقت روسيا ونفّرت أوروبا.

في أعقاب كرة الهدم التي أطلقها ترامب، تستكشف الصين الآن الفرص لبناء جبهتها الموحدة مع أوروبا. ففي مؤتمر ميونيخ للأمن، يوم الجمعة الماضي، عقد وزير الخارجية الصيني وانغ يي سلسلة من الاجتماعات مع القادة الأوروبيين، ووجّه نداءً مباشِراً إليهم في خطابه. وقال: "لقد رأت الصين دائماً في أوروبا قطباً مهماً في العالم متعدد الأقطاب"، مؤكداً أنّ "الصين على استعداد للعمل مع الجانب الأوروبي لتعميق الاتصالات الاستراتيجية والتعاون المتبادل".

وعلى النقيض من نهج ترامب المتمثل بتهميش أوكرانيا لمناقشة إنهاء الحرب مباشرة مع روسيا، اكتسب وانغ تأييد نظرائه الأوروبيين، من خلال دعم حقهم في الحصول على مقعد إلى طاولة المفاوضات. وفي اجتماعه بمسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، قال وانغ إنّ الصين "تدعم الدور المهم الذي تؤديه أوروبا في محادثات السلام".

وقال شيوو جو، رئيس قسم العلاقات الدولية في معهد العلوم السياسية وعلم الاجتماع في جامعة بون، إنّ "تزايد الاحتكاك بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يوفّر لبكين بالتأكيد فرصة رائعة للمصالحة مع الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الأوروبية، التي استاءت من سياسة الصين تجاه روسيا".

بالطبع، لن تنسى أوروبا بسهولة دعم الصين لجهود الحرب الروسية، والتي كانت عاملاً رئيساً في دفع بروكسل بعيداً عن بكين على مدى الأعوام الثلاثة الماضية. لكن، مع دفع ترامب للدول الأوروبية لزيادة إنفاقها الدفاعي إلى 5%، وإشارته إلى أنّ دعم الولايات المتحدة للكتلة قد يتلاشى، فقد يبتلع القادة الأوروبيون الطُّعم.

علاوة على ذلك، يتقاسم الاتحاد الأوروبي والصين محنة مشتركة، قد تجذبهم معاً، إذ إنّ ترامب فرض بالفعل تعرفات جمركية جديدة على كليهما: تعرفات جمركية، نسبتها 10% على جميع السلع الصينية، وتعرفات جمركية، نسبتها 25% على واردات الألمنيوم والصلب من جميع البلدان، بما في ذلك الحلفاء الأوروبيون. ومزيد من التعرفات الجمركية في طريقها. 

ومع مواجهة الاتحاد الأوروبي عبئاً اقتصادياً متزايداً من التعرفات الجمركية وزيادة الإنفاق الدفاعي، قد تصبح الصين شريان حياة اقتصادياً أكثر أهمية.

وقال كوي هونغ جيان، الأستاذ في أكاديمية الحوكمة الإقليمية والعالمية في جامعة الدراسات الأجنبية في بكين: "أعتقد أنّ بعض الاقتصادات الكبرى داخل الاتحاد الأوروبي، وخصوصاً ألمانيا أو بعض الاقتصادات الأخرى، سيحاول إقامة علاقات أكثر توازناً بين الصين والولايات المتحدة، لأنه بمجرد فرض مزيد من التعرفات الجمركية من واشنطن على الاتحاد الأوروبي وألمانيا وبعض الاقتصادات الأخرى، فإن هذه الاقتصادات ستعاني كثيراً".

انسحب الاتحاد الأوروبي من اتفاقية تجارية شاملة مع الصين في أوائل عام 2021، مع تدهور العلاقات بالصين. اقترح كوي أنّ كِلا الجانبين قد يعمل على إحياء هذه الصفقة لتخفيف تأثير التعرفات الجمركية الأميركية.

وأشار بعض الدول الأوروبية فعلاً إلى مزيد من الانفتاح على الصين. ولم تكن ألمانيا، التي تربطها علاقات تجارية وتصنيعية مهمة بالصين، قاسية في موقفها تجاه بكين في الأعوام الأخيرة. لقد صوتت ضد الرسوم الجمركية التي فرضها الاتحاد الأوروبي على واردات السيارات الكهربائية الصينية، العام الماضي، على سبيل المثال. كما زادت المملكة المتحدة، بقيادة حزب العمال، في تواصلها الدبلوماسي مع الصين.

في خطاباتها الأخيرة، لـمّحت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، التي قادت في السابق التحول الحازم في سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه الصين، إلى ذوبان محتمل. وقالت لسفراء الاتحاد الأوروبي، المجتمعين في بروكسل، في أوائل شباط/فبراير، في صدى للتصريحات التي أدلت بها في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في سويسرا، الشهر السابق: "سنستمر في إزالة المخاطر من علاقتنا الاقتصادية، كما فعلنا في الأعوام الأخيرة. لكنّ هناك أيضاً مجالاً للانخراط، بصورة بنّاءة، مع الصين، وإيجاد حلول لمصلحتنا المشتركة. وأعتقد أنه يمكننا إيجاد اتفاقيات يمكن أن توسع علاقاتنا التجارية والاستثمارية. إنه خط رفيع نحتاج إلى السير عليه".

ومع ذلك، لا تزال ديناميكية الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي في حالة تغير مستمر. قال شي يان، وهو زميل في مركز الأمن الدولي والاستراتيجية في جامعة تسينغهوا: "نعتقد أنه، في ظل ضغوط ولاية ترامب الثانية، هناك من الناحية النظرية فرصة لبكين وبروكسل للعودة إلى التعاون البراغماتي. لكن، لا تزال الولايات المتحدة عاملاً". ولا يزال المسؤولون الأوروبيون يتجهون إلى واشنطن لمحاولة استمالة ترامب وفريقه. ففي يوم الأربعاء، التقى ماروس سيفكوفيتش، المفوض الأوروبي للتجارة والأمن الاقتصادي، وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك في واشنطن. وفي ذلك الاجتماع، عاد الاتحاد الأوروبي إلى فكرة الجبهة الموحدة ضد الصين.

نقلته إلى العربية: بتول دياب