"فورين بوليسي": الهجوم الإلكتروني على لبنان له مخاطر على "إسرائيل"

على الرغم من براعة الهجوم الإلكتروني على لبنان، فهل تساعد هذه العمليات "إسرائيل" على هزيمة حزب الله؟

0:00
  • "فورين بوليسي": الهجوم الإلكتروني على لبنان له مخاطر على "إسرائيل"

مجلة "فورين بوليسي" تنشر مقالاً للكاتب والباحث السياسي دانييل بايمان، يتحدث فيه عن مخاطر الهجوم الإلكتروني الإسرائيلي على لبنان.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:

إنّ الهجوم الإلكتروني الإسرائيلي على لبنان يظهر مرة أخرى المهارة غير العادية التي تتمتع بها أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، ولكن على الرغم من كل براعتها التكتيكية، فهل تساعد هذه العمليات إسرائيل في هزيمة حزب الله؟

هناك الكثير مما لا نعرفه، سواء عن التأثيرات المباشرة للهجمات، أو حسابات صنع القرار في "إسرائيل"، أو رد حزب الله. تشير النظرة الأولى إلى أنّ العملية كانت نكسة لحزب الله، ومع ذلك، فإن التوازن بين "إسرائيل" وحزب الله لا يزال متعادلاً بشكل خطير، ولا يمكن لـ "إسرائيل" الاعتماد على تأثير الهجوم، كما لا يمكن استبعاد التصعيد إلى حرب شاملة كارثية.

إنّ هذه العملية قد تجعل مقاتلي حزب الله العاديين أكثر حذراً في المستقبل. ومن بين الأسباب التي دفعت مقاتلي حزب الله إلى استخدام أجهزة النداء أنّ زعماء المجموعة كانوا يعتقدون، وربما كان ذلك صحيحاً، أنّ "إسرائيل" اخترقت اتصالاتهم عبر الهواتف المحمولة.

ومع ذلك، في مقابل كل هذا، هناك العديد من التكاليف التي يعتقد القادة الإسرائيليون أنها منخفضة أو على الأقل تستحق الدفع ولكنها قد تكون أعلى مما يتوقعون. إذ أنّ الهجمات على الأقل تجعل من الصعب على حزب الله قبول أي اتفاق سلام مستقل عن الاتفاق المرتبط بوقف إطلاق النار في غزة، والذي من شأنه أن يزيل مبرر الجماعة لمواصلة القتال. وسيكون من الصعب سياسياً على حزب الله قبول صفقة تقلل من وجوده بالقرب من حدود "إسرائيل" وتقديم تنازلات.

قبل الهجوم، حذّر وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت من أنّ الحل العسكري، وليس المفاوضات، هو ما سيؤدي إلى التغيير على طول حدودها. ويتمثل الخطر الأكبر في أنّ هذا قد يؤدي إلى حرب شاملة، ومثل هذه الحرب ستكون مدمّرة لكل من إسرائيل ولبنان وقد لا تغير المعادلة الاستراتيجية بشكل أساسي، فحزب الله لديه ترسانة ضخمة من الصواريخ والقذائف، ويمكنه أن يتخطّى على الدفاعات الصاروخية والجوية الإسرائيلية ويضرب أهدافاً مدنية وبنية تحتية في جميع أنحاء البلاد. وحتى لو تكبد حزب الله خسائر كبيرة، فإنّ الجماعة لديها العديد من المؤيدين في لبنان، وبمساعدة إيرانية، يمكنها إعادة بناء قواتها، وبعد بضع سنوات، ستشكل تهديداص كبيراً لـ "إسرائيل".

الحرب ليست حتمية. وعلى الرغم من أن نصر الله وصف الهجمات بأنّها "إعلان حرب"، إلا أنّه لم يعد أيضاً بالرد الفوري وكان لديه كلمات تحذيرية بالإضافة إلى خطاب ناري. حتى الآن، حاول حزب الله إبقاء الحرب محدودة، ولكن أين يكمن الخط الأحمر الحقيقي لحزب الله للحرب غير واضح.

فضلاً عن ذلك، هناك السؤال حول السبب الذي دفع "إسرائيل" إلى استخدام هذه القدرة المثيرة للإعجاب الآن، إذ أنّ استخدامها اليوم يعني خسارتها في المستقبل.

ولكن بالنسبة لقادة "إسرائيل"، فإنّ الخوف من تكرار كارثة 7 أكتوبر، جعلهم مستعدين للمخاطرة بصراع أعظم وحتى حرب شاملة، معتقدين أنّ هذا قد يكون أفضل من العيش في خوف دائم من هجوم مفاجئ.

والأمر الأكثر إثارة للقلق هو احتمال عدم تفكير قادة "إسرائيل" في الأمد البعيد على الإطلاق. إنّ "إسرائيل" لديها تاريخ طويل من التفكير السياسي قصير المدى في عملية صنع القرارات المتعلقة بالأمن القومي، والضغط المستمر على حزب الله قد يؤدي إلى دوامة تصعيدية قد يندم عليها الإسرائيليون في نهاية المطاف.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.